تتواصل فصول أزمة طلبة كليات الطب رغم مرور 300 يوم عن انطلاق المسار الاحتجاجي المرتبط بهذا الملف، الذي استهله الطلبة في البداية بوقفات ثم مسيرات فاعتصامات، وانطلق بمقاطعة التكوينين النظري والتطبيقي ليتطور إلى مقاطعة الامتحانات، وفي كل شوط وكل مرحلة كانت الأزمة تتجذر أكثر فأكثر، والشرخ يتّسع والهوّة تتعمٌّق لشكل أكبر، بسبب هيمنة واستئساد النظرة الفوقية على كل أشكال الحوار الرصين، الذي كان من شأنه إيجاد حلّ لهذا الملف قبل أشهر، وتحديدا في مرحلة فبراير، لكن «التعنت» و «التصلب» جعلا الأزمة تتمدّد إلى أن أصبحت تتهدّد بحرمان المغاربة من جيل كامل من أطباء الغد، الذين من شأن تخرجهم ومزاولتهم لهذه المهنة النبيلة المساهمة في تخفيف الضغط والتقليص من دائرة الخصاص وتقديم الخدمات الصحية لمن هم في حاجة إليها.
أزمة، لا توحي التفاصيل المرتبطة بها والمستجدات المتعلقة بها بأنها ستنتهي قريبا، بالنظر إلى أن طلبة الطب عادوا للتشاور في جموعهم العامة انطلاقا من مساء الأربعاء الأخير بخصوص المقترح الذي جاءت به مؤسسة الوسيط، التي تقوم بدور الوساطة بين الطلبة والحكومة، وتحديدا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، والذي تفيد المعلومات المستقاة من هنا وهناك بأنه لم يقدّم أي خطوة جديدة فعليا لطيّ صفحة الخلاف، بل حافظ على نفس «السيناريو» بخصوص الإشكال الرئيسي في هذا الملف المتعلق بسنوات التكوين، خاصة فيما يتعلق بالاختيارية وبشروطها، التي يرى عدد من الطلبة بأنها تحتاج إلى وضوح أكبر.
ويترقب الآباء والأمهات ومعهم عموم الفاعلين والمتدخلين في هذا الملف ما ستسفر عنه نقاشات الطلبة في جموعهم العام ومخرجاتها، التي انتهى بعضها حين كتابة هذه السطور، في حين كان لا يزال البعض مستمرا في النقاش، وإن الكثير من المتتبعين يتمنون أن يتم وضع حدّ لهذه الأزمة بصيغة من الصيغ التي تنهل من الحكمة والتي يكون عنوانها الرصانة والمسؤولية، وأن يتم احتضان أطباء الغد بالشكل الذي يليق بهم وباستحضار حجم وثقل المهمة الملقاة على عاتقهم، ذات الصلة بمجال حساس وهو الصحة، خاصة وأن بلادنا تعرف العديد من الأوراش المفتوحة التي تهدف إلى تجويد المنظومة الصحية وتوفير الإمكانيات المادية والبشرية لها، لكي تضمن للمغاربة عدالة صحية مجالية وولوجا سلسا ومتكافئا لخدماتها.
أزمة طلبة الطب تراوح مكانها بعد أكثر من 300 يوم من الاحتجاج
الكاتب : وحيد مبارك
بتاريخ : 11/10/2024