شبه إجماع برلماني على هزالة المشاركة المغربية في الألعاب الأولمبية بباريس
أجمعت مداخلات الأغلبية والمعارضة على أن الرياضة المغربية ليست بخير، وأوضحت معظم المداخلات على أن عدد من المسؤولين من رؤساء الجامعات ومسيري الشأن الرياضي دون نتائج تذكر ودون محاسبة أو ممارسة دمقراطية، ومنهم من قام بتسييس المجال الرياضي وجعله في خدمة أجندات انتخابية قاصرة.
وأثيرت أيضا مسؤولية الوزارة في ضمان الحكامة الجيدة ومحاسبة المتصرفين في المال العام باسم هذه الجامعات .
واعتبرت المداخلات أن الفشل الأولمبي هو فشل حكومي لغياب استراتيجية رياضية قابلة للتنفيذ، بل ذهبت المداخلات إلى ضرورة مراجعة الهندسة الحكومية والدعوة لاستقلالية قطاع الرياضة، كما أثيرت بقوة قضية غياب رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية، وعدم حضوره أمام ممثلي الأمة للتفاعل حول مجمل القضايا التي تهم اللجنة وتسييرها وعلاقتها بالفشل على مستوى الحصيلة.
وفي السياق تدخل عضو المعارضة الاتحادية، عمر اعنان، في إطار تقييم المشاركة المغربية قي الألعاب الأولمبية التي أقيمت سابقا بباريس، موضحا، بحضور الوزير شكيب ينموسى الوصي على الشأن الرياضي، والكاتب العام للوزارة، بأن القضية تثير القلق والحسرة لدى الشارع المغربي، وهي النتائج المتواضعة التي حققها المغرب في الألعاب الأولمبية بباريس 2024.
وأضاف اعنان أن المغرب شارك بوفد يضم 60 رياضياً ورياضية، تنافسوا في 19 رياضة جماعية وفردية، ومع ذلك، كانت الحصيلة النهائية مخيبة للآمال، حيث لم يحصل المغرب سوى على ميداليتين فقط: ذهبية في سباق 3000 متر موانع بفضل البطل العالمي والأولمبي سفيان البقالي، وبرونزية في كرة القدم، حققها المنتخب الوطني بقيادة المدرب السكتيوي.
هذه النتائج، مقارنة بحجم المشاركة والطموحات المعقودة على الوفد المغربي، تشكل صدمة كبيرة وخيبة أمل لدى الشعب المغربي. فبينما كان هناك تفاؤل بتحقيق إنجازات كبرى في عدة رياضات، كانت النتيجة النهائية أقل من التوقعات.
وكشف عضو الفريق الاشتراكي أن هذا الإخفاق لا يمكن اعتباره مجرد حادثة عابرة أو نتيجة للصدفة، بل هو انعكاس لأزمة عميقة في منظومتنا الرياضية، تتطلب وقفة تأمل وإعادة تقييم. فإذا نظرنا إلى الإنجاز الذي حققه سفيان البقالي، فقد كان متوقعاً بالنظر إلى مستواه العالمي واستعداده الدائم للتألق. وكذلك الحال بالنسبة لمنتخب كرة القدم، الذي كان مرشحاً للمنافسة على الذهب، لكنه اكتفى بالبرونزية. لكن، ماذا عن بقية الرياضيين والرياضيات الذين لم يستطيعوا تحقيق شيئ يذكر؟
واعتبر المتدخل هذه النتائج السلبية عنوانا بارزا على أزمة عميقة تتخبط فيها الرياضة الوطنية، مما يدل على غياب رؤية شاملة وتخطيط استراتيجي واضح يؤهل بلادنا لتتواجد ” بالأداء والنتائج” في التظاهرات الرياضية العالمية المختلفة .
وأضاف اعنان عطفا على ما سبق، نعتبر في الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، أن هذا الوضع يتطلب إصلاحاً عميقاً وشاملاً للمنظومة الرياضية الوطنية. ولابد من التركيز على عدة محاور أساسية لتحقيق النهضة الرياضية المنشودة، عبر:
1 – إعادة هيكلة الجامعات الرياضية: بحكم أن الجامعات الرياضية الوطنية تُعاني من ضعف في التنظيم والحكامة. لذلك، من الضروري إعادة هيكلتها لتكون أكثر شفافية وكفاءة، وضمان تولي إدارتها من طرف كفاءات تتمتع بالخبرة والرؤية، لأنها ليست مجرد مناصب شرفية. كما نطالب بتحديث أنظمتها وإحداث آليات للمحاسبة والتقييم المستمر لأدائها.
2 – تحسين تأهيل الرياضيين منذ المراحل المبكرة: لا يمكننا المنافسة دولياً دون التركيز على دعم المواهب الرياضية من مراحلها المبكرة. يجب بناء منظومة رياضية متكاملة تبدأ من المدارس، وتقدم التأطير والتدريب اللازمين للأطفال والشباب لتأهيلهم على أعلى المستويات.
3 – تحقيق العدالة المجالية في توفير البنية التحتية: للأسف، هناك تفاوت كبير بين الجهات في توفير البنية التحتية الرياضية. مما يحتم وصول جميع الجهات والمناطق إلى المرافق الرياضية الضرورية، بما في ذلك المناطق القروية والمهمشة، لضمان تكافؤ الفرص بين جميع الرياضيين.
4 – تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في الرياضة: فالرياضة اليوم ليست مجرد نشاط ترفيهي، بل هي قطاع اقتصادي واجتماعي حيوي. يجب وضع آليات تحفيزية للشركات والمستثمرين لدعم القطاع الرياضي، سواء من خلال تمويل الرياضيين أو الاستثمار .
وافاد اعنان أن النتائج التي شهدناها في أولمبياد باريس هي جرس إنذار يجب أن يحفزنا جميعاً على العمل من أجل إحداث تغيير جذري في السياسات الرياضية الوطنية. ولا يمكننا أن نستمر في الاعتماد على مجهودات فردية أو انتظار تحقيق النجاح بالصدفة. إذ يجب أن نتحلى برؤية طموحة وخطط طويلة الأمد تتسم بالجدية والمثابرة.
فنحن في الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، ندعوكم إلى تقديم خطة واضحة لإعادة هيكلة القطاع الرياضي بما يضمن إعداد الرياضيين وتأطيرهم بالشكل الأمثل للمنافسة في المحافل الدولية المقبلة. ونتطلع إلى سماع توضيحاتكم حول الإجراءات التي تعتزمون اتخاذها لضمان تحقيق نتائج أفضل في المستقبل.
وفي مداخلته، أوضح شكيب بنموسى أن التأخر في نقاش حصيلة المشاركة في الألعاب الأولمبية والبارالمبية، يعود إلى عامل الزمن، وليس هناك أي نية لتعطيل النقاش أو تأخيره.
وشدد على أن الجامعات الرياضة يجب تكون بمثابة حلقة أساسية، مع التأكيد على أن المنظومة الرياضية قد استنفدت كامل مقوماتها، وهو ما يتطلب وضع استراتيجية للإقلاع الرياضي، أساسها الدستور، التوجيهات الملكية، النموذج التنموي، والبرنامج الحكومي.
بالنسبة للرياضات ذات المستوى العالي، يلزم تفعيل اللجنة الوطنية للرياضات ذات المستوى العالي، من أجل تطويرها، مع وضع نظام عقدة أهداف مع الجامعات لتطوير مشروعها الرياضي.