المجلس الوطني لحقوق الإنسان يبدي رأيه  لمجلس النواب حول مشروع القانون التنظيمي للإضراب ،وهذه توصياته

أبدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان  في مذكرة حول مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، ملاحظاته  في المشروع.
وتأتي  هذه المذكرة التي نشرها  مجلس النواب في موقعه الرسمي، بناء على طلب إبداء رأي حول ذات المشروع الموجه إلى المجلس من طرف رئيس مجلس النواب بتاريخ 26 يوليوز 2024.
ورصد المذكرة  ملاحظات  شكلية وأخرى في الموضوع، ففي ماهو شكلي، سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان  غياب الديباجة، التي تهدف إلى تقديم العناصر الضرورية لفهم دواعي تبني القانون التنظيمي وصياغته
وتيسير فهم الغاية التي يسعى لتحقيقها، ولضمان تطبيق هذا القانون التنظيمي وتأويله عند الاقتضاء.
وفيما يخص الملاحظات الموضوعية، سجلت المذكرة  ملاحظات بخصوص تعريف الإضراب و أنواعه، حيث أوصت بتوسيع تعريف الحق في الإضراب ليشمل الدفاع عن المصالح المعنوية والمهنية الفردية والجماعية للعمال بما يسمح بتحقيق الانسجام مع مقتضيات المادة 396 في مدونة الشغل.
وأوصى  مجلس حقوق الإنسان، بتوسيع دائرة الجهات التي يحق لها مُمارسة الحق في الإضراب لتشمل فئات الأجراء الذين لا يخضعون بالضرورة لمدونة الشغل أو لقانون الوظيفة العمومية، كالعمال الذين يخضعون لمدونات أخرى مثل مدونة التجارة البحرية وظهير 24 دجنبر 1960 بشأن النظام الأساسي لمستخدمي المقاولات المعدنية، والمهنيين غير الأجراء بمختلف
أصنافهم، والمهن الحرة، والمقاولين الذاتيين، والعاملين لحسابهم الخاص، والعمال والعاملات المنزليين، وفي مجال العمل المؤقت والعقود من الباطن، وغيرهم في جميع  القطاعات والأنشطة التي لا ترتبط بالضرورة بمدونة الشغل أو بالوظيفة العمومية.
وأوصى المجلس يحصر لائحة الفئات التي لا يحق لها ممارسة الحق في الإضراب بما يتلاءم مع مبادئ منظمة العمل الدولية ونقل بعضهم إلى الفئات التي تستلزم الحد الأدنى من الخدمة وتمتيعهم بالضمانات البديلة للتفاوض الجماعي تعويضا عن هذا القيد.
كما يدعو المجلس إلى عدم مد المنع إلى كافة الفئات العاملة بالوزارات أو القطاعات المذكورة، وأن يقتصر المنع على فئات محددة منها فقط ممن يتحملون مسؤوليات باسم الدولة على النحو الذي تحدده مبادئ منظمة العمل الدولية.
ومن بين التوصيات أيضا، مأسسة الحوار الاجتماعي وتشجيع المفاوضة الجماعية وإبرام اتفاقية الشغل الجماعية داخل المقاولات لمعالجة الإشكالات المتعلقة بتحديد معايير الحد الأدنى للخدمة، وفق مقاربة تشاركية وضمن آلية ثلاثية بین منظمات المشغلين والنقابات العمالية والحكومة، مع أخذ لخصوصيات كُل قطاع أو مرفق بعين الاعتبار.
وشدد المجلس  على التنصيص على حالات الاستثناء التي لا يمكن فيها تطبيق مبدأ «الأجر مقابل العمل»، حينما يكون سبب الإضراب هو عدم أداء الأجر، مع احترام المساطر الإدارية المتبعة قبل الاقتطاع ، موصيا بحذف الإحالة على مدونة القانون الجنائي في الباب الخاص بالعقوبات إذا لم يتعلق الأمر بالعنف والتهديد مثلما هو الحال في المادة (13)، وحذف المقتضيات المتعلقة بالعقوبات الجنائية الأشد» في الباب الخامس، بما يجعل القانون التنظيمي 97.15 هو التشريع الوحيد المنظم للحق في الإضراب.
وأوصت المذكرة حذف مسطرة التسخير الواردة في الفقرة الثانية من المادة 47.
ومن التوصيات العامة  التي جاءت في الرأي الذي أبداه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المصادقة على الاتفاقية 87 لمنظمة العمل الدولية حول حرية التجمع وحماية حق التنظيم النقابي (1948)؛ مأسسة الحوار الاجتماعي في مختلف القطاعات باعتباره إطارا يتيح لمختلف الفرقاء الاجتماعيين الانخراط في جهود التفكير بروح تشاركية في توفير الشروط الضرورية لتحسين مناخ العمل في المقاولات والسهر على استدامة التوازن في العلاقات بين الأجراء والمشغلين، بما يسمح باستباق نزاعات الشغل وتقليص حالات اللجوء إلى إضراب. اعتماد صيغة مختصرة لهذا القانون التنظيمي تؤكد على المبادئ الأساسية لتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب، بما يتلاءم مع روح الدستور وتكريس هذا الحق عوضا عن التنصيص على موانعه بشكل زجري؛ تعزيز انسجام هذا القانون التنظيمي مع الأحكام الدستورية المنظمة للحريات النقابية، ومع مدونة الشغل خاصة فيما يخص الكتاب الخامس والكتاب السادس»آليات تسوية نزاعات الشغل الجماعية المنصوص عليها في المواد 551-581، إضافة إلى النصوص القانونية الأخرى التي يرتبط بها تطبيق مدونة الشغل؛ تعزيز آليات حل نزاعات الشغل الجماعية والمفاوضات والملفات المطلبية في إطار مقاربة استباقية لتقليل حالات اللجوء إلى ممارسة الحق في الإضراب؛ الإسراع بإخراج مشروع القانون 24.19 المتعلق بالمنظمات النقابية؛ إقرار التخصص في القضاء الاجتماعي ودعمه بموارد مالية وبشرية؛ التشجيع على إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية والتي تتضمن مقتضيات خاصة تهدف لاستتباب السلم الاجتماعي داخل المقاولة وعقد البروتوكولات في القطاع الخاص.
وأوصت المذكرة  أيضا بصياغة إطار مؤسساتي ناجع لعلاقات الشغل الجماعية في القطاع العمومي؛ تفعيل وتقوية لجان البحث والمصالحة؛ تقوية جهاز تفتيش الشغل ودعمه بالموارد البشرية والمالية الكافية؛ مراجعة ظهير 29 أكتوبر 1962 المتعلق بالنيابة عن ط المستخدمين داخل المقاولات انتخابات مناديب العمال)،  إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي المغربي أو تعديله وتدقيق مضامينه بما يضمن عدم تعارض مقتضياته مع ممارسة الحرية النقابية يعاقب هذا الفصل من شهر إلى سنتين وبغرامة من مائة وعشرين إلى خمسة آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط من حمل على التوقف الجماعي عن العمل أو على الاستمرار فيه، باعتبار هذا المقتضى يتنافى مع الحق في الإضراب. كما أنه يطرح العديد من الإشكالات التي تمس بالحرية النقابية بشكل عام وحق الإضراب بشكل خاص، من خلال المتابعات الزجرية العديدة والإدانات القضائية في حق النقابيين والعمال بسبب ممارستهم لحقوقهم النقابية ويعتبر إلغاء هذا الفصل من المنظومة الجنائية الوطنية من المطالب الملحة للحركة النقابية والحقوقية. وذلك انسجاما مع توصية اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية الاجتماعية والثقافية بمناسبة تقديم المغرب للتقرير الدوري الرابع حيث حثه على ضرورة تنقيح المادة 288 من القانون الجنائي وفقاً للمادة 8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية. كما أوصته بضرورة اعتماد القوانين المتعلقة بممارسة الحق في الإضراب وبالنقابات المهنية، وتيسير تكوين النقابات استنادا إلى المادة 8 من العهد ريثما تسن هذه القوانين.


الكاتب : جلال كندالي 

  

بتاريخ : 18/10/2024