تواصل للعام الرابع على التوالي إعداد قوانين مالية بناء على فرضيات هشة
بعد 3 سنوات من الفشل الذريع في «إحداث مليون منصب شغل» ، الحكومة تعد المغاربة بإنجاز «دراسة معمقة» للملف !!؟
تواصل الحكومة للعام الرابع على التوالي تقديم قوانين مالية بعيدة في تطلعاتها وفرضياتها ونتائجها عن معطيات الواقع، حيث جاءت الحكومة بمشروع قانونها المالي ما قبل الأخير من ولايتها الذي يهدف لتحقيق نمو اقتصادي يقدر بـ 4.6 في المائة بناء على فرضيات تحدد معدل التضخم في 2 %، والمحصول الزراعي من الحبوب في 70 مليون قنطار، ومتوسط سعر غاز البوتان في 500 دولار أمريكي للطن. وبهذا ظلت الحكومة تعتمد نفس منهجية السنوات الثلاث الماضية، ليتضح فيما بعد التباعد الكبير بين المتوقع والمحقق، إذ لم تحقق الحكومة خلال السنوات الثلاث السابقة أي رقم أعلنته في ما يخص النمو والتضخم والعجز، وهو ما يعني أن هناك مشكلا في المنهجية أو أن الحكومة تحرص على التوازنات الرقمية التي تحاول تقديمها.
فعلى سبيل المثال، توقعت الحكومة سنة 2022 أن تكون نسبة النمو 3,2% بينما ظلت نسبة النمو في حدود 1,3 %، وأن تتحكم في نسبة التضخم في حدود 1,2 % في حين ارتفعت نسبة التضخم إلى 6,6 %. وفي سنة 2023، توقعت أن تكون نسبة النمو 4% بينما انتهت نسبة النمو إلى 3,4 %، وأن تظل نسبة التضخم في حدود 2 % في حين انتهت نسبة التضخم إلى 6 %.. وفي 2024 وعدت الحكومة بتحقيق 3.7 % في حين أن التوقعات المحينة لبنك المغرب تقول إن معدل النمو لن يتجاوز 2.8%.
ويتضمن مشروع قانون المالية 2025 إحداث 29 ألف منصب مالي، وتستحوذ قطاعات الداخلية والصحة والجيش على 69 في المائة منها. خصصت الحكومة لوزارة الداخلية، 7744 منصبا، ثم 6500 لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية و5792 لإدارة الدفاع الوطني. وستستفيد وزارة الاقتصاد والمالية من 2600 منصب، ثم 1759 منصب لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، و1000 منصب للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، و400 منصب لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، و364 لقطاع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، و350 منصب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
وفيما يتعلق بقطاع التشغيل الذي يتذكر المغاربة التزام الحكومة في شأنه بإحداث مليون منصب شغل صافي على الأقل خلال الولاية الحكومية، وهو ما عجزت عنه الحكومة إلى اليوم بفعل ارتفاع البطالة وفقدان مناصب الشغل. وهكذا و بعد مراكمة 3 سنوات من الفشل الذريع في تدبير هذا الملف، تعد الحكومة بإنجاز دراسة عميقة لمعطيات سوق الشغل وإشكالية التشغيل عموما، «وذلك من أجل الخروج بخطاطة سياسية واقعية قادرة على تسريع وتيرة امتصاص البطالة في صفوف الشباب وتوفير لهم إمكانية المساهمة في التنمية «. والحال أن هذه الدراسة كان من المفروض أن تنجز في العام الأول من الولاية الحكومية وليس في العام ما قبل الأخير؟
وفي مجال الإصلاحات الضريبية، تعتزم الحكومة رفع الحد الأدنى للدخل المعفى من الضريبة من 30,000 درهم إلى 40,000 درهم سنوياً، مما سيمكن من تخفيف العبء الضريبي عن الأسر المتوسطة. كما ستعمل الحكومة على تخفيض السعر الهامشي للضريبة على الدخل من 38% إلى 37%، في خطوة تهدف إلى تحقيق عدالة أكبر في النظام الضريبي.
بالإضافة إلى ذلك، تم تخصيص مبلغ 16,5 مليار درهم لصندوق المقاصة لدعم المواد الأساسية مثل غاز البوتان والسكر والدقيق. ويساهم هذا الدعم في تأمين احتياجات المواطنين من المواد الضرورية، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة.
وللعام الرابع على التوالي، تسير الحكومة بثبات نحو تعميق الدين العمومي للبلاد، حيث قررت برسم مشروع القانون المالي 2025 اقتراض ما لا يقل عن 125 مليار درهم في خانة (مداخيل الاقتراضات المتوسطة والطويلة الأجل) وهو ما يمثل 19 % في بنية موارد الدولة، علما أن نفقات استهلاك الدين العمومي ستبتلع أزيد من 62 مليار درهم من الميزانية العامة.
ومن بين مستجدات مشروع القانون المالي 2025 قرر المغرب رفع ميزانية الدفاع إلى 133 مليار درهم، بعدما كانت في حدود 124 مليار درهم في قانون مالية 2024. وتشير المادة 39 في مشروع قانون مالية سنة 2025 إلى “أنه يحدد بمائة وثلاثة وثلاثين ملياراً وأربعمائة وثلاثة وخمسين مليون (133.453.000.000) درهم مبلغ النفقات المأذون للوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني الالتزام بها مقدماً خلال السنة المالية 2025 من الاعتمادات التي سترصد له في السنة المالية 2026؛ في ما يتعلق بحساب النفقات من المخصصات المسمى ‘اقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية ودعم تطوير صناعة الدفاع”.
ولا يبدو أن معدلات النمو الضعيفة التي يحققها الاقتصاد الوطني ستسعف الحكومة في الوفاء بأحد أهم وعودها المتعلق بإخراج مليون أسرة من الفقر والهشاشة، في ظل ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية.