يوم السبت … يوم عشتار السيء

أفتح عيني، أنا على كنبة متآكلة ، أشعر أنني حية، و آدمية….
أفكار مشوشة، أفكار مشوشة…. إنه الليل، هل تعلمين أن الليل هو المادة الأساسية للوقت…
الوقت هو المادة الأساسية للحزن…
أحرك رأسي ببطء، أنظر لركبتي أرى عنكبوتا، أحاول فعصه بيدي لكنني لا أقدر، أحاول لمسه، أشعر بطاقته، ثم أشعر بزغب شديد على أطرافي الثمانية، أجري من الخوف و القلق، حجمي ضئيل، تحيط بي جدران سميكة و مغبشة، لكنني قادرة الآن على صنع خيوط، خيوط كثيرة، إنني قادرة على صنع صورة القدر …
أرى العالم من حولي بنيا، و أشعر بجوع شديد، جوع لم أخبره من قبل، أهرب من تحت الأبواب… ثم أجدني على حافة بركة، أحاول الوصول للماء كي أرى صورتي فيه لأن الماء هو المرآة الأولى…. أرى وجه أناي الأخرى، وجهي الآدمي .
لا أرى العنكبوت لأن المرآة صورة مشوشة للوعي …أبكي، فالمياه و الدموع هما المادتان الأساسيتان لليأس، أبكي فأغرق في دموعي، أغرق عشرين ألف فرسخا في البحر، أهوي في الظلمات.
الظلمات سديم و صرير أسنان، أهوي في العواء و الصراخ و أفواه الظل، إنني أندمج مع الماء العكر، أفتح عيني فأرى المظهر اللزج و المزبد و القاتم للمياه العميقة. أتساءل: ما الذي يحدث حينما نغرق هل نحتفظ بأجسادنا؟ أي جسد؟ ، إن طعم الماء المالح الذي يملأ فمي يمثل ذكرى لا شعورية لدماء مزة ومالحة كانت تغمره قبل فترة… أيتها الدماء أيتها الكلمة السيدة و الملكة الغنية دائما بالأسرار وبالألم و بالرعب، أيها المقطع اللفظي الثقيل و المثلج….
أيها البحر يا رمز الأمومة الدائمة احتضني، لكن لا تكسر دميتي…. أيها البحر إنني قلقة من القلق…
يمر فوقي قارب جنائزي، أتسلقه، و أنبطح فوق سطحه، فأرى القمر، الأسد، فالقمر صورة الأسد و الفريسة، و القمر هو أول الأموات، أنظر إليه فأشعر برغبة في البكاء لكنني لا أريد الغرق، البكاء إحساس بالغرق …. إحساس بالغرق في أنهار و مستنقعات الجحيم.
أغمض عيني ثم أفتحها، أنا على كنبة متآكلة ، أشعر أنني حية، و آدمية….
أنظر للحائط الرطب أمامي أراها تحيك خيوطها، فأشعر بالغثيان، أعتقد أنني قد سقطت في النوم مرة أخرى.


الكاتب : أميمة بوكراع

  

بتاريخ : 25/10/2024