هل انحسرت خطورة تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» وفرعه «جماعة نصرة الإسلام» بمنطقة الساحل والصحراء المهددة لاستقرار وأمن المغرب بعد مقتل أبو وليد الصحراوي؟ وهل لا يزال هذا التنظيم يغذي صفوفه بعشرات الشباب القادمين من مخيمات تندوف والذين تدربوا في معسكرات لحمادة قبل الالتحاق بصفوف داعش والقاعدة؟ وكيف استطاع التنظيمان إعادة بناء هياكلهما من جديد والتنسيق بعد صراع طويل على أماكن النفوذ من أجل الشروع في مرحلة القتال المعولم؟
أسئلة وجدت إجابات دقيقة رصد من خلالها الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية ماهر فرغلي إسماعيل، في ندوة حول «الجماعات الإسلامية والحقل السياسي » المنعقدة في إطار الدورة 45 بمنتدى أصيلة الثقافي، التحولات الكبرى التي طرأت على تنظيمي داعش والقاعدة وأذرعهما القتالية بعد أن تجاوزا مرحلة البناء والقتال والتمكين، واتجها نحو تبني استراتيجية حشد الجماهير والشروع في التوغل وفرض السيطرة.
المرحلة الجديدة في عمل التنظيمين اتجهت لدمج التنظيمات الإقليمية في الساحل في تنظيم واحد هو تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» الذي يضم عناصر من البوليساريو ومن جنوب ليبيا والجزائر مع «إمارة الساحل والصحراء، وهي العناصر التي تلقت تدريباتها بتندوف وانتمت إلى تنظيم داعش قبل الالتحاق بالقاعدة بعد مبايعة أميرها أبو الوليد الصحراوي لهذا التنظيم في 2015، وقبل ذلك استقطبت القاعدة خلية» فتح الأندلس» في 2008، ولا تزال وجهة لعدد من عناصر البوليساريو التي نعت القاعدة اثنين من مقاتليها القادمين من مخيمات تندوف منذ شهرين فقط، وهو الأمر الذي مافتئ المغرب ينبه إلى خطورته وما يشكله من تهديد لأمنه ولأمن القارة نظرا للترابط بين تنظيم البوليساريو والقاعدة.
إن دمج التنظيمات، كما يرى ماهر فرغلي، يضعنا اليوم أمام مشهد جديد لهذا التنظيم يمتد من شبه القارة الهندية إلى تنظيم بلاد المغرب الإسلامي،ثم جزيرة العرب ومصر وتنظيم حراس الدين بالشام.
الاستراتيجية الجديدة لعمل التنظيمين اعتبرها فرغلي «مرحلة ابتعاث قتالي جديد» شبيهة بمرحلة الابتعاث القتالي الأول عام 1979» (بداية حركة الجهاد الأفغاني، اقتحام الحرم المكي، الثورة الإيرانية، ظهور تنظيم الجهاد الإسلامي بمصر…)، مرحلة قدحت شرارتها اليوم أحداث طوفان الأقصى ودشن انطلاقتها زعيم القاعدة الحالي «سيف العدل» محمد صلاح الدين زيدان عبر رسالة مفادها أن «غزة تشكل اليوم طليعة الأمة للتغيير»، حيث توالت البيانات بعد طوفان الأقصى لتصل إلى 20 بيانا جميعها تتجه إلى استثمار هذا المستجد للدخول في مرحلة القتال المعولم عبر الأنوية والأذرع الخارجية التي من مهامها قتال النخبة المتمركزة في العراق والشام ،أذرع فرضت الهيكلة الجديدة لتنظيم القاعدة دمج بعضها وفصل أخرى، مركزة على تسع ولايات كما حدث عند فصل ولاية موزمبيق عن ولاية إفريقيا الوسطى، وولاية غرب إفريقيا والساحل والصحراء التي تولتها داعش ، ثم ولاية خراسان فيما تم دمج ولاية القوقاز وموسكو وأفغانستان وباكستان، ما يشي بتحول جذري في عمل التنظيم بعد مرحلة الظواهري، تحول قطع مع أولوية القتال المحلي والتضامني نحو قتال معولم بأذرع جديدة وبأسماء غير القاعدة كـ»أنصار الشريعة « و»التوحيد والجهاد».
ولفت فرغلي إلى أننا «بصدد جماعة عالمية تخطط قتال معولم وعمليات كبيرة» تتم عبر دمج تنظيمات يقودها زعيم وقيادة مركزية عليا تستقر في إيران، وتنسق بين فروعها في عمليات نوعية( مسيرات الحوثي، الجهاد البحري مع مصطفى حامد أبو الوليد)، فروع تمددت بفعل تسويق صورتها عبر السوشل ميديا ووسائل التواصل الاجتماعي مستفيدة من إمكانات الذكاء الاصطناعي في عمليات التجنيد والتجييش دون إغفال قضية القدس التي عرفت كيف تستثمرها بتخوين الأنظمة العربية.
سبق ونبه إلى خطرها المغرب : منطقة الساحل أرض خصبة لمجندي القاعدة ومرتزقة البوليساريو
الكاتب : أصيلة: حفيظة الفارسي
بتاريخ : 25/10/2024