عبد الرحيم شهيد: حكومتكم هي الأضعف على مستوى خلق مناصب الشغل، بل هي الأكثر إنتاجا للبطالة في السنوات الأخيرة
المجهودات الجبارة التي تعرفها أقاليمنا الجنوبية من نهضة تنموية كبيرة واستثمار عمومي، يكذب كل المحاولات التي تشكك في استفادة ساكنة الأقاليم الجنوبية من الثروات الموجودة في الصحراء
أكد عبد الرحيم شهيد أثناء المناقشة العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2025 صبيحة الجمعة الماضية خيبة أمله من مشروع قانون المالية وقال: « كنا نأمل أن نجد فيه من الحلول والإجراءات، ما قد ينسينا ما عشناه مع هذه الحكومة من تغول سياسي، وظروف صعبة اقتصادية واجتماعية، زاد من حدتها توالي سنوات الجفاف والكوارث الطبيعية، وتسجيل مستويات غير مسبوقة من ارتفاع الأسعار في مواد كثيرة، تمثل أساس المعيش اليومي للطبقات الاجتماعية. وأوضح رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بالقول، ينتابنا شعور بالقلق، أمام التراجعات التي تُراكمها هذه الحكومة على أكثر من مؤشر، مما يفرض السؤال بكل وضوح ومسؤولية: إلى أين أنتم بنا ذاهبون؟
فيما يلي نص المداخلة :
أتناول الكلمة باسم الفريق الاشتراكي -المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، في إطار المناقشة العامة لمشروع قانون المالية رقم 60.24 للسنة المالية 2025. وهي مناسبة لنطلع الحكومة والبرلمان، ومن خلالهم الرأي العام الوطني، على مواقفنا بخصوص مقتضيات مشروع القانون المالي؛ والذي كنا نأمل أن نجد فيه من الحلول والإجراءات، ما قد ينسينا ما عشناه مع هذه الحكومة من تغول سياسي، وظروف صعبة اقتصادية واجتماعية، زاد من حدتها توالي سنوات الجفاف والكوارث الطبيعية، وتسجيل مستويات غير مسبوقة من ارتفاع الأسعار في مواد كثيرة، تمثل أساس المعيش اليومي للطبقات الاجتماعية على اختلاف مستوياتها.
وبدراستنا لمشروع القانون هذا، في علاقة مع قوانين المالية الثلاث السابقة، ينتابنا شعور بالقلق، أمام التراجعات التي تُراكمها هذه الحكومة على أكثر من مؤشر، مما يفرض السؤال بكل وضوح ومسؤولية: إلى أين أنتم بنا ذاهبون؟
نود في الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، أن نقف عند التطورات التي تعرفها قضيتنا الوطنية، بمناسبة تقديم الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بملف الصحراء، لتقريره الأخير، والذي يحاول فيه إحياء فكرة قد سبق للمغرب أن عبر عن موقفه المبدئي منها، حيث سبق لجلالة الملك أن أكد، أن المغرب لا يتفاوض على سيادته على الصحراء، ولا على وحدته الوطنية، وإنما يتفاوض حول نزاع إقليمي لتسوية سلمية لأزمة مفتعلة يستمر تمطيطها وفق حسابات جيو-سياسية ضيقة، تنتصب فيها الجزائر كفاعل رئيسي.
وهي مناسبة للتعبير عن الفخر والاعتزاز بالمكاسب المحققة، في ظل الريادة الحكيمة لصاحب الجلالة ورؤيته الاستباقية في معالجة ملف قضيتنا الوطنية في المحافل الدولية، ومع الأطراف الأساسية المعنية بهذا الملف، وهو ما مكن من انتزاع اعترافات متوالية وتطورات إيجابية في مواقف العديد من الدول لصالح مبادرة الحكم الذاتي، وكان آخرها اعتراف الجمهورية الفرنسية بسيادة المغرب على صحرائه، كتتويج لمسار من الدينامية الدبلوماسية التي يقودها صاحب الجلالة وتنخرط فيها كل القوى الحية للمغرب من مختلف المستويات؛ و كتأكيد على مصداقية و جدية وواقعية المبادرة المغربية، كإطار لحل سياسي يحترم كامل السيادة والوحدة الوطنية للمملكة، ويتطلع إلى بناء مغاربي مشترك، أساسه التنمية والازدهار لشعوب المنطقة.
ولا يفوتني التأكيد، على المجهودات الجبارة التي تعرفها أقاليمنا الجنوبية من نهضة تنموية كبيرة واستثمار عمومي، يكذب كل المحاولات التي تشكك في استفادة ساكنة الأقاليم الجنوبية من الثروات الموجودة في الصحراء.
نناقش مشروع قانون المالية في سياق دقيق على المستويين الدولي والوطني، فعلى المستوى الدولي:
تتميز الحالة باستقرار النمو العالمي واستمرار حالة اللايقين التي تطبع العديد من الاقتصادات،بما فيهم شركاؤنا الرئيسيون في منطقة اليورو، بفعل استمرار التوترات الجيو-استراتيجية، وانعكاساتها على سلاسل التوريد العالمية وعلى تداولات المواد الطاقية في الأسواق الدولية وعلى تدفقات رؤوس الأموال الاستثمارية.
وهو ما يدفعنا للتساؤل مرة أخرى عن واقعية الفرضيات التي يتأسس عليها مشروع قانون ماليتكم في الشق المتعلق بأثمنة الغاز والبترول؛خاصة إذا ما أخدنا بالاعتبار ظهور بؤر توتر جديدة في الشرق الأوسط، وتداعيات قرارات منظمة»أوبك» بتخفيض الإنتاج؛ أقول هذا وأنا أستحضر معكم، أن بلادنا تستورد أكثر من ثلثي احتياجاتها من المواد الطاقية ومشتقاتها بالعملة الصعبة.
في نفس السياق، وجب الانتباه إلى أن سنتي 2024 و2025 تعرفان تنظيم انتخابات وطنية ومحلية في العديد من الدول خاصة في أوروبا، وقد أفرزت هذه الانتخابات ولازالت،خرائط سياسية جديدة، انتفت فيها التقاطبات التقليدية التي طبعت المشهد السياسي للعديد من الدول، حيث أصبحت الأحزاب المتطرفة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، هي الضامنة لتشكيل العديد من الحكومات، وهو ما ينذر بتحول غير مسبوق في مواقف عدة دول، وذلك تحت تأثير التوجهات المتعصبة التي تنتصر إلى تقوية النزعات الذاتية والوطنية الضيقة.
أقول هذا وأنا أستحضر معكم أن جزءا كبيرا من جاليتنا متواجد بهذه الدول، خاصة بأوروبا؛
أقول هذا وأنا أستحضر معكم أن تحويلات مغاربة العالم أصبحت مكونا هيكليا في بناء احتياطيات المغرب من العملة الصعبة، حيث وصلت تحويلاتهم إلى 110 مليار درهم سنة 2022 و115 مليار درهم سنة 2023 و81 مليار درهم في 8 أشهر الأولى لهذه السنة، ومن المتوقع أن تصل إلى 122 مليار درهم سنة 2025 بحسب تقديرات بنك المغرب؛
أقول هذا وأنا أستحضر معكم أن أهم الصناعات المغربية الموجهة للتصدير تتعلق بالسيارات والطيران، وأن هذه الأخيرة أصبحت محط اهتمام كبير من طرف الفاعلين السياسيين الأوروبيين، حيث أضحت الأصوات المطالبة بإعادة توطين هذه الصناعات في دولها الأم أكثر حضورا؛
أقول هذا وأنا أستحضر معكم كذلك، أن قطاع ترحيل الخدمات هو الآخر، من القطاعات التي تتعالى الأصوات بإعادة توطينه في دول المنشأ، وإذا ما أخدنا بعين الاعتبار أن هذا القطاع يشغل أكثر من 140 ألف عامل خاصة من الشباب ومن الكفاءات التقنية، فلنا أن نتصور حجم الضرر الذي قد يصيب اقتصادنا إذا ما تطورت الأمور في اتجاه التشدد في علاقات الدول الأوروبية مع دول الجنوب.
ومع الأسف، لا أجد في تحليلكم للظرفية شيئا يأخذ هذه التحديات بعين الاعتبار، كما لا أجد في مشروع قانون ماليتكم سيناريو واحدا بخصوص إمكانية تأقلم بلادنا مع هذه المتغيرات إذا ما تحققت، ولا أجد في قانون ماليتكم شيئا صريحا يستحضر التزامات المغرب بخصوص ترحيل المهاجريين وخاصة القاصرين منهم، وما سيترتب عن ذلك من تحملات مالية واقتصادية واجتماعية، كما لا أجد في مشروع قانون ماليتكم شيئا ملموسا يُذكر، بخصوص جاليتنا المغربية المقيمة بالخارج وتعزيز حضورها السياسي والاقتصادي في البناء التنموي الوطني. فإلى أين أنتم بنا ذاهبون؟
على المستوى الوطني:
الجفاف : يأتي مشروع قانون المالية في ظل وضعية اقتصادية واجتماعية صعبة، زادت من حدتها توالي سنوات الجفاف وما واكبها من إجهاد مائي ساهمت المخططات الفلاحية الموجهة للتصدير في تسريع ايقاعه.
تدهور القدرة الشرائية: كما شكل ارتفاع أثمان المواد الغذائية الأساسية ثقلا إضافيا على المواطنات والمواطنين، في ظل افتقار الحكومة لأدوات تدخل فعالة وناجعة تعيد الأمور إلى نصابها، حيث وصل المتوسط السنوي للتضخم إلى 6.6 % سنة 2022 و6.1 % سنة 2023، قبل أن يتراجع في الفصل الثاني من سنة 2024، مخلفا ارتفاعا غير مسبوق لبعض المواد والمنتجات، وصل مستوى تفاقمها حد المقبولية التي يتعايش معه المغاربة.
وهكذا، وصلت أضحية العيد إلى أكثر من 5000 درهم للخروف المتوسط، ووصل الكيلوغرام من اللحم لأكثر من 130 درهم، ووصلت أثمنةاللحوم البيضاء لأكثر من 35 درهم، وسمك السردين إلى أكثر من 23 درهم في بعض المناطق، ووصل زيت المائدة إلى أكثر من 22 درهم، وفاقت بعض القطاني ثمن 35 درهم للكيلوغرام، وسجلت بعض الخضروات ارتفاعا مهولا، واستقرت أثمنة المحروقات في مستويات مرتفعة، ولم تتجاوز نسب تخفيضها 3% بين الفينة والأخرى، في الوقت الذي تراجع سعر النفط العالمي بأكثر من 20% على مستوى الأسواق الدولية، دون أن يكون لذلك أثر على الأسعار في محطات توزيع الوقود في السوق الوطنية.
أي معنى لقوانين المالية بالنسبةلحكومة ترفع شعار الدولة الاجتماعية، و يزعم رئيسها أنه سوسيو-ديموقراطي، إذا لم يكن هدفها وسبب وجودها، الحماية الاجتماعية في كل أبعادها، وحماية القدرة الشرائية للمواطنين في جزئياتها.
البطالة:حديث الحكومة عن جعل الشغل أولوية رئيسية في النصف الثاني من ولايتها، ظل حبيس النوايا الحسنة، حيث جاء مشروع قانون المالية لسنة 2025 مفتقرا للصيغ الإجرائية التي يمكن أن تحد بشكل فعلي من تفشي الظاهرة؛ مقابل ذلك سجل سوق الشغل ما بين الفصل الأول من سنة 2023 ونفس الفصل من سنة 2024:
فقدان 159 ألف منصب شغل بالوسط القروي؛
فقدان قطاع «الفلاحة والغابة والصيد»، ما يعادل 206 ألف منصب شغل؛
تزايد حجم البطالة ب 96 ألف شخص، ليبلغ 1 مليون و 645 ألف شخص على المستوى الوطني؛
ارتفاع معدل البطالة لدى الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة (35,9%) والأشخاص الحاصلين على شهادة (20,3%) والنساء 20,1%))؛
انخفاض معدل النشاط، بـ 0,5 نقطة، منتقلا من 43,1% إلى 42,6%؛
ارتفاع معدل البطالة لدى الشباب المترواحة أعمارهم ما بين 15 و 24 سنة؛
تمركز 71.2% من العاطلين بخمس جهات؛
تراجع الحجم الإجمالي للشغل ب 80 ألف منصب؛
انتقال معدل البطالة إلى 13.7 %على المستوى الوطني؛
توقع 82.2 %من الأسر أن ترتفع البطالة خلال 12 شهرا المقبلة (بحث الظرفية، الفصل الثالث من سنة 2024).
على ماذا تستند ثقتكم في بناء اقتصاد قوي ومهيكل يحفز الاستثمار ويضمن خلق مناصب شغل كافية، ونحن نسجل أرقاما مخيفة كهاته؟ وفي هذا الإطار، ومن خلال مقارنة نتائجكم في مجال الشغل، بالتجارب الحكومية السابقة في السنوات الأخيرة، يتبين أن هذه الحكومة هي الأضعف على مستوى خلق مناصب الشغل، بل هي الأكثر إنتاجا للبطالة في السنوات الأخيرة.
ارتفاع منسوب الاحتجاجات:فإذا كنتم تدعون أن تحالفكم الحكومي لا يهدر زمن المغاربة في صرعات فارغة أو حسابات سياسوية، وأن كل ما يتم إنجازه يتم وفق منطق المصلحة العامة والتقائية السياسات وروح الانسجام والتنسيق، فكيف تفسرون كونكم الحكومة التي شهدت أطول فترة إضرابات في العهد الجديد؛ بحيث سجلت عدة قطاعات عمومية توترات كبيرة، وصلت ذروتها في قطاع التعليم الذي توقف لأكثر من نصف السنة الدراسية، كما شهد قطاعي العدل و الصحةإضطرابات لازالت مستمرة إلى الآن، فيما ستبقى أزمة طلبة الطب وصمة عار وعنوان فشلكم الذريع في تدبير الملفات الاجتماعية.
منعطفات الحماية الاجتماعية:ففي الوقت الذي كنا نطالب فيه بمِثالية الحكومة في أجرأة هذا المشروع المجتمعي المهيكل، وفق الأجندة الزمنية التي حددها صاحب الجلالة، جاءتنا الحكومة بمنهجية جديدة، تَحَول بمقتضاها عدد الأسر المستفيدة من نظام راميد من 7.2 مليون أسرة إلى 3.8 مليون أسرة، وانتقل المستفيدون منالنظام الإجباري الأساسي عن المرض من 18 مليون إلى 10 مليون، فيما ارتفعت الميزانية التي تتحملها الدولة في هذا الإطار من 2 مليار درهم إلى 9 مليار درهم؛فسروا لنا هذا الإنجاز الكبير الذي يبتدأ بإقصاء المواطنات والمواطنين من خدمات اجتماعية أساسية ويحرمهم من حقوق مكتسبة، وينتهي بزيادة مهولة في تكاليف الميزانية.
على ماذا تستند ثقتكم في استكمال تنزيل مقومات الدولة الاجتماعية إذا لم تكن 4 قوانين مالية كافية لإعطاء مدلول عملي على إنجاح هذا الورش، والذي بددتم جزءا من الأمل فيه بنقاشات بئيسة حول المؤشر وعتباته.
عطفا على ما سبق من عناصر السياقين الوطني والدولي، كنا نأمل أن يكون مشروع قانون المالية الرابع لهذه الحكومة، مغايرا في حدوده الدنيا عن سلفه من القوانين، وكنا ننتظر أن يكون هذا المشروع أكثر جرأة ووضوحا في الاختيارات، وأكثر دقة في المعطيات، وأكبر إقداما على الإصلاحات الهيكلية والعميقة، ويحمل تدابير عملية تستجيب للمطالب الآنية للمواطنات والمواطنين، ومتضمنا لإجراءات قابلة للتنفيذ وبأجندة زمنية مضبوطة ومؤشرات قياس يمكن معها تتبع مستويات الإنجاز والنجاعة.
التوجهات العامة: مع كل قانون المالية، تعيد الحكومة النظر في توجهاتها، وفي ترتيب أولوياتها دونما تقييم للنتائج المحققة في كل مرحلة؛ لكن الخطير في الأمر أن الحكومة قد تخلت عن التزامها بتفعيل مضامين النموذج التنموي الجديد، باعتباره خارطة الطريق لمواجهة المعيقات الأساسية التي تحول دون نهضة تنموية حقيقية للمغرب، كما جاء في البرنامج الحكومي. فبعد أن تقهقر في سلم الأولويات من مشروع مالية إلى آخر، لم تعد الحكومة تتحدث عن تنزيله. أين هو الميثاق الوطني من أجل التنمية كآلية مرجعية مشتركة والتزام سياسي وأخلاقي أمام جلالة الملك؟
الحقيقة أنكم أقبرتم النموذج التنموي الجديد، لأنكم عاجزون عن تحقيق ما جاء فيه،خاصة رفع مستوى النمو بأربع نقط إضافية على الأقل، أي الوصول إلى نسب نمو تقارب 7 % والحفاظ عليها على المدى المتوسط.
فرضيات النمو:بالنظر لتوقعاتكم بتحقيق نسبة نمو تقدر ب 3.3 % سنة2024 ونسبة 4.6% سنة 2025، نتقدم في الفريق الاشتراكي -المعارضة الاتحادية بالملاحظات التالية:
مرة أخرى تعجز الحكومة عن تحقيق نسبة النمو التي وعدت بها برسم سنة 2024 والمتمثلة في نسبة 3.7 %؛
توقعات اختتام سنة 2024، غير واقعية وتخالف توقعات المؤسسات ذات الاختصاص، كبنك المغرب (2.8 %) والمندوبية السامية للتخطيط (3 %)؛
توقعات سنة 2025 لا تخلو هي الأخرى من تفاؤل مفرط، وغير مسند إلى معطيات واقعية، بالنظر إلى عناصر السياقين الدولي والوطني، وتختلف بشكل ملموس عن فرضيات المؤسسات السالفة الذكر سواء تعلق الأمر بالنمو أو العجز أو المحصول الزراعي؛
لم تتحقق ولو فرضية واحدة خاصة بالنمو، في مختلف قوانين المالية التي جاءت بها هذه الحكومة؛
نسب النمو المحققة سنوات 2022 و2023 و2024، لم تصل إلى نسبة 4% كحد أدنى على مدى خمس سنوات، كما وعد بذلك رئيس الحكومة في تصريحه أمام البرلمان؛
تطور النفقات: خلافا لشعارات الحكومة المتعلقة «بالترشيد»، فقد:
عجزت الحكومة في التحكم في نفقاتها العادية، حيث ارتفعت نفقات التسيير من الميزانية العامة، من 242.12 مليار درهم سنة 2022، إلى 320.97 مليار درهم برسم سنة 2025؛
في نفس الإطار، عرفت الاعتمادات المخصصة لمختلف مكونات تسيير الميزانية منحى تصاعديا خلال قوانين المالية الأربع لهذه الحكومة، حيث تطورت النفقات ما بين 2022 و2025 .
نسجل في المعرضة الاتحادية تعثر تفعيل العديد من السياسات القطاعية، إذ لم تستطع الحكومة الوفاء بالتزاماتها في يتعلق بتطوير المنظومة التعليمية وابتعدت كليا عن تفعيل العديد من المقتضيات الواردة في القانون الإطار للتربية والتكوين، بوصفه الوثيقة المرجعية للجميع. ولم تتمكن إلى اليوم من بلورة أية استراتيجية أو مخطط حكومي للإصلاح المؤسساتي والبيداغوجي للتعليم الأولي وربطه بالتعليم الابتدائي، وعجزت عن حل مشاكل التعليم الأولي: كثرة المتدخلين المؤسساتيين وغير المؤسساتيين، ضعف الإقبال عليه، غياب البنيات والتجهيزات التحتية المناسبة، تشتت البرامج والمناهج، ضعف تكوين المؤطرين، وغياب المراقبة والتأطير، … كما دفعتالمنظومة التعلمية إلى المزيد من الاحتقان الذي له تداعياته سلبية تنعكس على المجتمع والأجيال المقبلة نتيجة ضعف تدبير القطاع، وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عن المعايير التي تم اعتمادها في التعيين الجديد لوزير التربية الوطنية.
على مستوى المنظومة الصحية، وإضافة إلى الملاحظات التي أثرناها سابقا حول الحماية الاجتماعية، نسجل للأسف عدم وفاء الحكومة بالتزاماتها الواردة في البرنامج الحكوميوالمتعلقة بالخدمات الصحية، فأين هيالمراقبة الطبية الإجبارية المجانية لجميع النساء الحوامل؟ وأين هو طبيب الأسرة؟ وأين هي البطاقة الطبية الذكية؟
أما في مجال الفلاحة، فإننا نسجل، مع كامل الأسف، عجز المخططات والبرامج الفلاحية عن خلق إنتاج فلاحي وطني يحقق الاكتفاء الذاتي، عدم الالتزام بالتقييم المؤسساتي المنتظم للمخططات والبرامج الفلاحية. كما نلاحظ، في ما يتعلق بالسيادة الغذائية، هيمنة الاستيراد في المنظومة الفلاحية إذ أن كل شيء يتم استيراده من الخارج، ونلاحظ عدم الوفاء بالالتزام الحكومي بخلق طبقة فلاحية متوسطة كما دعا إلى ذلك جلالة الملك.
ونعتبر أن مشروع قانون المالية رقم 60.24 للسنة المالية 2025:
-جاء بمقتضيات تكرس منهجا صارت عليه الحكومة منذ تنصيبها، والمتمثل في الكثير من الإعلان والقليل من الإنجاز، وإذا حضر الإنجاز، غابت النجاعة؛
– كاشف لتناقضات الحكومة في تعاملها مع نسب النمو والعجز والمديونيةوالبطالة ومع غلاء الأسعار ومع الأوراش المجتمعية كالتغطية الصحية وغيرها؛
– متضمن لحمولة إجرائية ضعيفة، في سياق استثنائي يستوجب المزيد من الجرأة والإبداع؛
– مُطبع مع ممارسات ميزانياتية لا تضع الشفافية والصدقية في سلم أولوياتها؛
– يفتقد لتصور متكامل بخصوص تمويل المشاريع الهيكلية الكبرى وضمان ديمومتها، وفي مقدمتها ورش الحماية الاجتماعية والتقاعد والمقاصة والإصلاحات العميقة للقطاع العام؛
– لا يبعث على التفاؤل في قدرة الحكومة علىخلق شروط التغيير الإيجابي، وفتح آفاق واعدة لمختلف الشرائح، وهو بذلك يعيد عقارب الفعل السياسي إلى الصفر، ونحن على بعد أقل من سنتين من استحقاقات جديدة، وما تحمله من رهانات حول مشاركة فئات واسعة من المغاربة خاصة الشباب والنساء منهم.