الدكتور كريم بلمقدم: موقف الوزير الجديد وتجاهله للمطالب عجّلا باتخاذ القرار
قرر التنسيق النقابي بقطاع الصحة المكون من ستّ نقابات دعوة الشغيلة الصحية لخوض إضراب وطني جديد يومي الخميس والجمعة المقبلين، 7 و 8 نونبر الجاري، وذلك بعدما تبيّن لمسؤوليه بأن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لم تعر أي اهتمام للمراسلتين الموجهتين إلى الوزير الوصي على القطاع، ولم تتفاعل مع المناشدات التي تم رفعها من أجل حثه على الدعوة لجلسة حوار عاجلة لمناقشة أجرأة مضامين اتفاق 23 يوليوز.
وأكد الدكتور كريم بلمقدم، الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي»، على أن الدعوة للإضراب الجديد فرضتها الأجواء المشحونة التي يطبعها القلق والتوتر التي يعيشها قطاع الصحة العام، مشددا على أن الكلّ كان ينتظر أن يتم التفاعل بشكل مسؤول مع مطالب التنسيق النقابي، من أجل ضمان عدم عودة الاحتقان إلى القطاع وعدم تكرار الأجواء التي عاشتها المؤسسات الصحية والمستشفيات العمومية بمختلف مستوياتها خلال الأشهر السابقة، وبالتالي المساهمة الجماعية في تنزيل ما تمّ الاتفاق عليه مع الوزارة الوصية، والعمل بشكل خاص جدا على تصحيح ما تضمنه مشروع قانون مالية سنة 2025، لكن وخلافا لذلك تبين على أن أبواب التعقل والتبصر كانت مغلقة، وبأن نفس السيناريو الذي عرفه القطاع منذ متمّ السنة الفارطة وإلى غاية محطة فبراير وما تلاها بعد ذلك يتم تكراره بشكل أو بآخر؟
وأكّد الدكتور بلمقدم القيادي النقابي الوطني، في تصريحه للجريدة، على أن مدبري الشأن الحكومي بشكل عام، ووزير الصحة والحماية الاجتماعية الجديد بشكل خاص، كان عليهم استيعاب الظرفية الدقيقة التي تمر منها البلاد في ظل الأوراش المفتوحة، واستحضار كمّ المشاكل التي تخبّط فيها قطاع الصحة العام خلال الأشهر السالفة والمستمرة إلى غاية اليوم، التي أرخت بتبعاتها الصعبة على المواطنين، الذين تعذر عليهم الولوج إلى العلاج والخدمات الصحية بشكل عام بكيفية سلسة، وترتّب عن ذلك صعوبات مادية ومعنوية متعددة، فضلا عن تأثير نفس الوضع على مهنيي الصحة بمختلف فئاتهم، الذين باتوا ينظرون إلى المستقبل فيجدونه محاطا باللبس والغموض، الأمر الذي أدى إلى حالة من عدم الاستقرار النفسي بالأساس، التي كان لها ولا يزال إلى غاية اللحظة، الأثر الكبير على نفوس الشغيلة الصحية.
ونبّه الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية إلى أن الشغيلة الصحية وبفعل توالي الصدمات التي تعرضت لها وخيبات الأمل التي عاشتها، باتت غير قادرة على تقبّل ما يمكن وصفه بـ «التعامل المزاجي» مع مطالبها، خاصة وأن كل الأحداث المتعاقبة والعوامل المرتبطة بهذا الموضوع تضعف من مؤشر الثقة بين الشغيلة والحكومة، التي يتم التوصل إلى اتفاقات مع مسؤوليها وفي نهاية المطاف تأتي بمضامين معاكسة لجوهر كل اتفاق، كما حدث بالنسبة لمشروع قانون مالية سنة 2025، الذي جاء بخرق اتفاق أساسي والمتعلق بالحفاظ على صفة الموظف العمومي ومركزية الأجور بمناصب قارة.
هذا، وأكد التنسيق النقابي في بلاغ له على أنه «انطلاقا من المسؤولية الملقاة على عاتقه اتجاه الشغيلة الصحية، وإيمانا منه بمبدأ استمرارية المرفق والإدارة والوفاء بالالتزامات والاتفاقات الموقعة بين الحكومة والنقابات الصحية، ونظرا لأن بعض المقتضيات التي جاءت في مشروع قانون المالية تناقض وتخرق أول نقطة جوهرية من اتفاق 23 يوليوز 2024 الموقع مع الحكومة، والمتمثلة في الحفاظ على صفة موظف ومركزية الأجور.
وبعد المراسلات العاجلة والمتعددة التي وجهها التنسيق النقابي لوزير الصحة والحماية الاجتماعية، التي أكد من خلالها على الطابع جد مستعجل للموضوع، وبعد توقف مسار تنزيل اتفاق 23 يوليوز 2024 بشكل غريب وغير مفهوم، رغم أن أول الملفات التي كانت موضوعة على الطاولة هو ملف الموارد البشرية التي تعتبر ركيزة المنظومة، بتثمينها وتلبية مطالبها وتحفيزها على الانخراط في أوراش الإصلاح، وبعد الصمت والفتور التي تعاملت به الوزارة إلى حد الآن رغم أن الموضوع طارئ وجد مستعجل، فإنه يقرر الدعوة لإضراب وطني يومي الخميس والجمعة 7 و 8 نونبر بكل المؤسسات الصحية الاستشفائية والوقائية والإدارية، باستثناء أقسام المستعجلات والإنعاش».
وقرر التنسيق النقابي عقد ندوة صحفية يوم الخميس7 نونبر لإحاطة الرأي العام بأسباب الاحتقان والعودة للاحتجاج بعد خرق الاتفاق، إلى جانب برمجة خطوة احتجاجية أخرى تتمثل في إنزال وطني أمام مقر وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، مصحوبا بمسيرة في اتجاه البرلمان، سيعلن عن تاريخه لاحقا.
كما عبرت النقابات الست استعدادها لتسطير برنامج نضالي تصعيدي يُباشر بمقاطعة تنفيذ كل البرامج الصحية وتقاريرها، ومقاطعة جميع الاجتماعات الإدارية، ومقاطعة الوحدات المتنقلة والقوافل الطبية، ونفس الأمر بالنسبة لبرنامج العمليات الجراحية باستثناء المستعجلة منها، وكذا الفحوصات الطبية المتخصصة بالمستشفيات، ومقاطعة عمليات تحصيل مداخيل فواتير الخدمات المقدمة بالمستشفيات، وكل المداومات ذات الطابع الإداري المحض، محمّلة المسؤولية كاملة للحكومة وللوزارة الوصية في الوضع المحتقن بالقطاع ولِما ستؤول إليه الأوضاع، بسبب عدم الوفاء بالالتزامات الموقعة، وتهديد المستقبل الوظيفي لآلاف مهنيي الصحة.