في ورشة عمل إقليمية حول مناهضة ومنع التعذيب وسوء المعاملة

بوعياش تدعو باقي الدول إلى المصادقة على هذا البروتوكول

الدخيسي يؤكد التزام المغرب بمناهضة التعذيب

 

نظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمكتب الإقليمي لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، صباح الثلاثاء 19نونبر، ورشة عمل إقليمية حول «تعزيز الضمانات التشريعية الوطنية بشأن مناهضة ومنع التعذيب وسوء المعاملة»، بمشاركة ممثلي الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية ومنظمات وهيئات حكومية إقليمية ووطنية، والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والهيئات الوطنية للوقاية من التعذيب والبرلمانات العربية ومنظمات غير حكومية.
وافتتحت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، الجلسة بكلمة أوضحت من خلالها أن مكافحة ومنع التعذيب يمس في جوهره وفلسفته ضمانات بناء مجتمع يضمن كرامة الإنسان وحقوقه، وأن هذا الحظر تستوجبه قاعدة آمرة تجعله مطلقا لا يجوز المساس به أو اتخاذ أحكام مخالفة له، مشددة على أن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق دون ضمانات تشريعية تشمل كل الأبعاد المرتبطة بمناهضة التعذيب، وهو ما لا تلتزم به جميع الدول المنضوية تحت لواء الأمم المتحدة، مشيرة إلى أنه من أصل 193 فقط 174 صادقت على الاتفاقية المتعلقة بمناهضة التعذيب بينما 94 دولة بينها المغرب فقط تعد طرفا في البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية.
ودعت بوعياش جميع المؤسسات وجمعيات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية ومختلف الفاعلين للتعبئة والعمل على حث جميع الدول الأعضاء للمصادقة على الاتفاقية، وإحداث آليات من شأنها النهوض بهذا الهدف مشددة على ضرورة القطع مع كل الممارسات التي تحط من كرامة الإنسان، وجعل سنة 2025 سنة قطع معها وصون كرامة الإنسان، عبر تكريس المعطى الإجرائي والتشريعي لتحقيق الإجماع الكامل دوليا ضد التعذيب، مشيرة إلى أن المغرب اختار مقاربة قائمة على التكامل بين الفعل الإجرائي والوقائي والاختصاص الحمائي والنهوض بثقافة الحقوق والحريات عبر ركائز اشتغال تمثلت في محددات لمناهضة التعذيب والوقاية منه، تقوم على الشراكة والتعاون مع المحيط المؤسساتي والإقليمي، مذكرة باتفاقية الشراكة بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان والإدارة العامة للأمن الوطني، والتي تضع في صلب عملها حقوق الإنسان كركيزة أساسية في تكوين أطر وموظفي المؤسسة الأمنية المسؤولين، خاصة، على مراكز الحرمان من الحرية، بالإضافة إلى إطلاق شبكة إقليمية للوقاية من التعذيب وجعل مقر كتابتها القائمة بالعاصمة المغربية، وذلك التزاما بفعل حقوقي إقليمي بهدف جعل إفريقيا منطقة خالية من التعذيب، مجددة التأكيد أن الضمانات التشريعية حجر زاوية لكنها تبقى أول خطوة في مسار متجدد ومتواصل من أجل تحقيق فعلية حق جوهري وإعمال كل الحقوق الأخرى المترابطة وغير القابلة للتجزئة.
في نفس السياق أشار والي الأمن محمد الدخيسي، مدير الشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني بالمغرب، إلى أن التزام المملكة المغربية بحماية حقوق الإنسان ليس مجرد شعار يُرفع أو خطاب يُلقى، بل هو نبض متجذر في أعماق الوطن، ورؤية حكيمة تستشرف المستقبل بثبات. إنه اختيار أزلي، وثيق العرى، ترسخه إرادة سامية عبّر عنها جلالة الملك محمد السادس، مشددا على أن هذا التوجه يعكسه المغرب في طموحه العميق لتعزيز بنيته المؤسسية، سعيا إلى مناهضة التعذيب، وطور ذلك منذ انخراطه وتوقيعه على اتفاقية مناهضة التعذيب في 21 يونيو 1998، مذكرا بدستور 2011 الذي عزز هذه المكتسبات، وليؤكد التزام الدولة بمناهضة التعذيب وتجريم كل أشكال المعاملة القاسية أو المهينة.
وأوضح الدخيسي أن تنظيم هذه الورشة الإقليمية يعد دليلاً بارزا على انفتاح المغرب على قيم الإنسانية، وعزمه الراسخ على ترسيخ دينامية الإصلاحات الكبرى تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، مستحضرا التوصيات المنبثقة عن تقارير آليات المعاهدات خاصة منها لجنة مناهضة التعذيب واللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب في إطار الزيارة التي قامت بها هذه الأخيرة لبلادنا خلال سنة 2017، وتلك الصادرة عن المساطر الخاصة ذات الصلة المضمنة في تقرير المقرر الخاص بالتعذيب وتقرير الفريق العامل للاعتقال التعسفي إثر زيارتيهما للمملكــــــــة على التـــــوالي سنــتي  2012 و2013، وكذا «توصيات الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب»، التابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، دونما إغفال قواعد «نيلسون منديلا لمعاملة الأشخاص المحرومين من الحرية» و»مبادئ منديز للمقابلات الفعّالة».
كما عرض مدير الشرطة القضائية مجموعة من الإجراءات الاحترازية التي قامت بها المديرية العامة في هذا الإطار، على مستوى البنيات التحتية، وتحسيس الموظفين المكلفين بمهام التدخل والإيقاف والبحث والحراسة النظرية على مستوى منهجية العمل، ومستوى النظافة والوقاية المستمرة من الأمراض المعدية، والتدابير الوقائية من مخاطر الحريق والهلع، وتنفيذ 90% من توصيات الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، وتنظيم 3537 دورة تدريبية متخصصة في مجال حقوق الإنسان، وإصدار 710 دوريات ومذكرات مصلحية، وإجراء 2250 عملية مراقبة وظيفية على الغرف الأمنية التابعة لها.
بدورها أكدت نائبة المفوض السامي لحقوق الإنسان، ندى الناشف، أن ممارسة التعذيب تمثل إهانة للكرامة وأن منعه وحظره غير قابل للانتقاص حتى في فترات الحرب وبؤر التوتر وأن يشمل الجميع دون تمييز يقوم على العرق أو الدين أو غيرهما، متسائلة عن مدى تحقق تطلعات رواد قضية مكافحة التعذيب منذ عقود، داعية إلى تعزيز التعاون بين هيئات الرقابة لبناء نظام حقوقي، كما دعت الدول التي لم تصادق على اتفاقية مناهضة التعذيب أن تكون جزءا من النظام العالمي المدافع عن حقوق الإنسان.


الكاتب : يسرا سراج الدين

  

بتاريخ : 21/11/2024