أنطونيو غوتيريش مناضل حقوقي وأمين عام الأمم المتحدة»شخص غير مرغوب فيهPersona Non Grata «إسرائيليا !
بقلم: عبد الحليم صابر
رجل دولة أممي ومناضل حقوقي ذو خلفية اشتراكية
وُلد غوتيريش (أنطونيو مانويل دي أوليفيرا غوتيريشAntónio Manuel de Oliveira Guterres) في لشبونة في عام 1949، وتخرج من معهد Instituto Superior Técnico بشهادة جامعية في مجال الهندسة. يجيد عدة لغات من بينها البرتغالية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية. متزوج من السيدة كاتارينا دي ألميدا فاز بينتو، وله ولدان إضافة إلى ابن زوجته، وله ثلاثة أحفاد.
يعد غوتيريش من أعضاء نادي مدريد، الذي يضم تحالف القيادات الديمقراطية المكون من رؤساء ووزراء سابقين من جميع أنحاء العالم.
انتُخب عضوا في البرلمان البرتغالي في عام 1976، حيث شغل هذا المنصب لمدة 17 عاما. وخلال تلك الفترة، ترأس اللجنة البرلمانية لشؤون الاقتصاد والمالية والتخطيط، كما ترأس في ما بعد اللجنة البرلمانية لشؤون الإدارة الإقليمية والمجالس البلدية والبيئة. وقاد أيضا المجموعة البرلمانية لحزبه.
في مطلع السبعينيات، شغل منصب رئيس مركزCentro de Acção Social Universitário، وهي جمعية تتولى تنفيذ مشاريع التنمية الاجتماعية في الأحياء الفقيرة في لشبونة.
كان عضوا في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، من عام 1981 إلى عام 1983، حيث انتُخب رئيسا للجنة المعنية بالديمغرافيا والهجرة واللاجئين.
اضطلع لسنوات عدة بدور نشط في الأممية الاشتراكية، وهي منظمة عالمية تضم الأحزاب السياسية ذات التوجه الديمقراطي الاجتماعي أو الاشتراكي أو العمالي. وشغل منصب نائب رئيس المنظمة من عام 1992 إلى عام 1999، واشترك في رئاسة اللجنة الإفريقية، ولجنة التنمية في وقت لاحق. وشغل منصب رئيس المنظمة في الفترة الممتدة من 1999 إلى منتصف عام 2005.
أسَّس المجلس البرتغالي للاجئين والجمعية البرتغالية للمستهلكين. واضطلع بصفته رئيسا للمجلس الأوروبي في أوائل عام 2000 بدور قيادي في اعتماد «جدول أعمال لشبونة من أجل النمو وفرص العمل»، وشارك في رئاسة أول مؤتمر قمة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا. وكان عضوا في مجلس دولة البرتغال من عام 1991 إلى عام 2002.
شغل منصب رئيس وزراء البرتغال من عام 1995 إلى عام 2002، وكان خلال تلك الفترة يشارك بكل عزم في الجهود الدولية من أجل حل الأزمة في تيمور الشرقية.
عين في منصب مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين في الفترة من يونيو 2005 إلى دجنبر 2015، وهي الفترة التي شهد فيها العالم بعضٍ من أخطر أزمات التشرد التي شهدها العالم منذ عقود. فقد أدت النزاعات في سوريا والعراق، والأزمات في جنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى واليمن، إلى ارتفاع كبير في أنشطة المفوضية إذ ازداد عدد المشردين بسبب النزاعات والاضطهاد من 38 مليونا في عام 2005 إلى أكثر من 60 مليونا في عام 2015.
وتولّى منصب الأمين العام للأمم المتحدة منذ فاتح يناير 2017 إلى الآن خلفاً للأمين العام السابق بان كي مون.
ولوج «نعيم جنة إسرائيل» من بوابة المؤتمر اليهودي العالمي
عمل المؤتمر اليهودي العالمي، اليد الحديدية الملفوفة بقفاز حريري، باعتباره منظمة دولية تضم المنظمات والهيئات اليهودية في مئة دولة عبر العالم، تعنى بالدفاع عن مصالح اليهود لدى الحكومات، والبرلمانات، والهيئات الدولية، وممثلي باقي الديانات والطوائف، من خلال جهوده المكثفة على جذب شخصيات دولية ذات تأثير قوي. ففي عام 2017، ألقى، أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، كلمة أمام مندوبي الجمعية العامة للمؤتمر اليهودي العالميفي نيويورك، تزامنا مع ذكرى «المحرقة اليهودية»، ليكون بذلك أول أمين عام أممي يلقي كلمة أمام مؤتمر يهودي عالمي. أكد خلالها أنه سيكون «على الخطوط الأمامية في مكافحة معاداة السامية»، وشدّد على أن «من حق (إسرائيل) العيش بسلام وأمن مع جيرانها»، وأن «إنكار وجود إسرائيل هو شكل حديث لمعاداة السامية».
بعد عدة سنوات من «الغزل» المتبادل، تم منحه جائزة «هرتزل» (تيودور هرتزل)في أكتوبر 2020، في المؤتمر اليهودي العالميWorld JewishCongress (WJC) ، حيث وصفه حينها رئيس المؤتمر رونالد ستڤنلاودرRonald Steven Lauderبقوله»على مدى سنوات عديدة، أثبتت أنك صديق حقيقي ومخلص للشعب اليهودي ودولة إسرائيل».
السقوط الحر من علياء»جنة إسرائيل»نحو «سقرها»على صدى الحرب في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان
استفاق العالم، ومنه إسرائيل، في الساعات الأولى من صباح يوم السبت 7 أكتوبر 2023، على عملية نوعية «طُوفان الأقصى»، نفذتها حركة «حماس» عبر ذراعها العسكري «كتائب عز الدين القسام»، عبر هجوم صَاروخي وَاسعِ النطاق صوب مختلف المستوطنات الإسرائيلية، مع اقتحام بري عبر السيارات والدراجات النارية والطائرات الشراعية للبلدات التي تعرف باسم غلاف غزة، حيث تم خوض اشتباكات أدت إلى السيطرة على عدد من المواقع العسكرية، بصفة مؤقتة، وأسر عدد من الجنود والمدنيين واقتيادهم إلى داخل قطاع غزة.
في 9 أكتوبر من نفس السنة، أعلن الجيش الإسرائيلي استعادته السيطرة على جميع بلدات غلاف قطاع غزة، ليعلن يوآف غالانت،وزير الدفاع الإسرائيلي، بدء ما أساه حصارا شاملا على غزة، تلاه الإعلان عن حرب «السيوف الحديدية».
أمام هذا الوضع الذي شهد انتهاك القانون الإنساني الدولي بشكل ممنهج، حسب تصريحات مسؤولي هيئات منظمة الأمم المتحدة وتقاريرها، برزت أصوات دولية، أبرزها صوت غوتيريش الذي عبر ما مرة عن تنديده الشديد بهجوم حماس وما تلاه من تدابير من جهة، وللانتهاكات الإسرائيلية من جهة أخرى، ودعوته لاحترام القوانين الدولية.من خلال تصريحاته، وأبرزها:
«إِنهُم يُخَالِفُونَ القانون الدولي وقد يُشَكِّلُونَ جريمة حرب.رغم جميع التحديات، تبقى اليونيفيل في مواقعها على الخط الأزرق في لبنان، وعلى الخط الأمامي للسلام».
«مصدومون من نتائج تقرير IPC (التوصيف المرحلي للأمن الغذائيIntegrated Food Security Phase Classification) اليوم، التي تشير إلى أن النزوح الكبير والقيود على تدفق المساعدات الإنسانية تعني أن الناس في غزة يواجهون مستويات كارثية من الجوع.المجاعة تلوح في الأفق. هذا أمر لا يمكن تحمله. يجب أن تُفتح نقاط العبور فوراً، ويجب إزالة العوائق البيروقراطية، واستعادة القانون والنظام حتى تتمكن وكالات الأمم المتحدة من تقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة».
«يجب ضمان سلامة موظفي وممتلكات الأمم المتحدة. يجب احترام حرمة مقرات الأمم المتحدة في جميع الأوقات.الهجمات ضد قوات حفظ السلام تخالف القانون الدولي وقد تشكل جريمة حرب.يجب ألا يكون موظفو ومقرات اليونيفيل مستهدفة أبداً».
«حوالي 400000 شخص يُضطرون مرة أخرى في غزة للانتقال إلى الجنوب إلى منطقة مكتظة، ملوثة وتفتقر إلى الأساسيات للبقاء على قيد الحياة.أمر المدنيين بالإخلاء لا يحميهم إذا لم يكن لديهم مكان آمن يذهبون إليه ولا مأوى، طعام، دواء أو ماء».
«لا تمضي ساعة إلا ويزداد النزاع في الشرق الأوسط سوءاً، والآثار المروعة التي حذرنا مرارا من أن يؤدي إليها التصعيد ماضية تتحقق الواحدة تلو الأخرى… ولهذا السبب، ليس بوسعنا ولا بنيتنا أن نتخلى عن دعواتنا إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في كل من غزة ولبنان، وإلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الرهائن، والقيام فورا بتقديم المعونة المنقذة للحياة لكل من هم في أمس الحاجة إليها. ولهذا السبب، ليس بوسعنا ولا بنيتنا أن نتخلى عن دعواتنا إلى اتخاذ إجراءات لا رجعة فيها من أجل التوصل إلى حل بين إسرائيل وفلسطين يقوم على وجود دولتين».
هذه الآراء العلنية من أسمى شخصية في منظمة الأمم المتحدة، التي تعنى بالحفاظ على السلام والأمن الدوليين، وتقديم المساعدة الإنسانية للمحتاجين، وحماية حقوق الإنسان، والتمسك بالقانون الدولي، حسب ميثاقها لسنة 1945، (هذه الآراء) لم تكن لإسرائيل أن تدعها تمر دون رد. رد منهجي يمتح أسسه من استراتيجية تنهجها إسرائيل بفن وعلم من خلال تبني خطاب «المظلومية التاريخية»، واستثمار ما تعرض له اليهود على امتداد التاريخ وخصوصا الإبادة النازية «الهلوكوست» لتأنيب ضمير «الغرب»، وبالتالي استمالة عواطفهم ومساندتهم ودعمهم، وكونها «الدولة اليهودية» الوحيدة في العالم، وتجسيد دور الحصن الحضاري الأخير الواقي، في الشرق الأوسط، الذي يدافع عن «القيم الغربية» في وجه «التطرف البربري»، ينضاف إلى ذلك تبني منهجية «البناء أو الهدم» الرمزي للشخصيات والدول الصديقة أو العدوة، من خلال إما التزكية والدعم أو استهلاك رصيد السمعة والموثوقية التدريجي، باستغلال قفازات حريرية تحرك القوة الناعمة(الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمؤسسات والصناعة الفنية) أو القوة الصلبة (الاقتصاد، والقوة والوسائل والتقدم العسكري، والدعم أو الضغط الديبلوماسي، والتطور الاستخباراتي) ذات الامتداد الدولي.وهي نفس منهجية الولايات المتحدة الأمريكية المتبعة، وخصوصا بعد أحداث 11 شتنبر 2011، حين اعتبر الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن أن «من ليس معنا فهو ضدنا». في هذا السياق، اعتبرت إسرائيل الأمين العام للأمم المتحدة شخصا «غير مرغوب فيه»، مما يعني منعه من دخول إسرائيل، منتقدة عدم إدانته الهجوم الصاروخي الإيراني، على لسان يسرائيل كاتس، وزير الخارجية الإسرائيلي السابق ووزير الدفاع الحالي، ومطبقة في حقه منهجية «الهدم» الرمزي التدريجي، من خلال عدة تصريحات وتغريدات:
«خطاب مخزٍ للأمين العام للأمم المتحدة يبرر الإبادة الجماعية. تأسست الأمم المتحدة لإحلال السلام ولكن بدلاً من ذلك تشجع الحرب. يا له من عار على هذه المنظمة وعلى الإنسانية.»
«إن الأمين العام للأمم المتحدة لم يرحّب بتصفية «الإرهابي» يحيى السنوار، كما رفض إعلان (حماس) منظمة إرهابية بعد مجزرة 7 أكتوبر. يقود غوتيريش أجندة متطرفة مناهضة لإسرائيل ومعادية لليهود. سنواصل تصنيفه شخصاً غير مرغوب فيه ونمنع دخوله إلى إسرائيل».
«اليوم، أعلنت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش شخصًا غير مرغوب فيه في إسرائيل ومنعته من دخول البلاد.أي شخص لا يستطيع إدانة الهجوم الشنيع الذي شنته إيران على إسرائيل بشكل لا لبس فيه، كما فعلت تقريبًا كل دولة في العالم، لا يستحق أن تطأ قدمه أرض إسرائيل.هذا أمين عام لم يدن بعد المجزرة والفظائع الجنسية التي ارتكبها قتلة حماس في 7 أكتوبر، ولم يقم بأي جهود لإعلانهم منظمة إرهابية.أمين عام يدعم الإرهابيين والمغتصبين والقتلة من حماس وحزب الله والحوثيين، والآن إيران، الأم الإرهابية للعالم، سيتم تذكره كوصمة عار في تاريخ الأمم المتحدة.»
«الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وقف اليوم على الجانب المصري من معبر رفح وألقى باللوم على إسرائيل في الوضع الإنساني في غزة، دون إدانة بأي شكل من الأشكال لإرهابيي حماس-داعش الذين ينهبون المساعدات الإنسانية، ودون إدانة الأونروا التي تتعاون مع الإرهابيين، ودون الدعوة للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن الإسرائيليين. تحت قيادته، أصبحت الأمم المتحدة هيئة معادية للسامية ومعادية لإسرائيل وتوفر الحماية وتشجع الإرهاب.»
مجلس الأمن يدعم الأمين العام للأمم المتحدة
تأكيد مجلس الأمن الدولي دعمه الكامل للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بعدما اعتبرته إسرائيل «شخصا غير مرغوب فيه»، بسبب عدم إدانته الفورية للهجوم الصاروخي الإيراني. حيث أكد في بيان لم يأت البتة على ذكر إسرائيل، على ضرورة أن تكون لدى كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة علاقة مثمرة وفعّالة مع الأمين العام، وأن تمتنع عن أي إجراء من شأنه أن يقوض عمله وعمل أجهزته.
كما حذرت الدول الـ 15 في مجلس الأمن، بما فيها الدول الخمس الدائمة العضوية من أن «أي قرار لا يشمل الأمين العام للأمم المتحدة أو الأمم المتحدة يأتي بنتائج عكسية، خاصة في سياق تصاعد التوترات في الشرق الأوسط».
الكاتب : بقلم: عبد الحليم صابر - بتاريخ : 25/11/2024