في مؤتمر عرف تكريم البروفيسور عبد السلام الخمليشي .. رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية يشيد بدور المغرب في تكوين جراحي الدماغ الأعصاب الأفارقة

أشاد رئيس دولة جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس- أنتوان تشيسيكيدي، بالتقدم الذي بات يعرفه المجال الطبي في هذا البلد، وتحديدا على مستوى جراحة الدماغ والأعصاب، والذي تأتى بفضل التعاون المتين الذي تم إرساؤه منذ أكثر من عقدين بين المملكة المغربية وجمهورية الكونغو الديمقراطية، مما أتاح تكوين جراحي الدماغ والأعصاب الأفارقة، بشكل جعل عددهم ينتقل من جراحين اثنين قبل 35 عاما إلى 24 جراحا اليوم.
رئيس دولة جمهورية الكونغو الذي كان يتحدث الثلاثاء الماضي 26 نونبر، في أحد فنادق كينشاسا بمناسبة انعقاد المؤتمر الخامس للجمعية القارية الأفريقية لجمعيات جراحة الدماغ والأعصاب – CAANS 2024، الذي عرف مشاركة وفد مغربي مهم يتكون من أكثر من 20 جراحا وجراحة للدماغ والأعصاب، عبّر عن سعادته بهذه الحصيلة الإيجابية، التي تعد ثمرة خطوة تم القيام بها قبل حوالي عشرين عاما، بعد أن تم اعتماد شعبة جراحة الدماغ والأعصاب في جامعة محمد الخامس بالرباط من قبل الفيدرالية العالمية لجمعيات جراحة الدماغ والأعصاب (WFNS) لتكوين الأطباء الشباب من دول أفريقيا جنوب الصحراء في مجال جراحة الدماغ والأعصاب.
هذا وقد تم خلال هذا المؤتمر التعبير عن الاعتراف بالدور المحوري للمملكة المغربية في تطوير جراحة الدماغ والأعصاب الأفريقية، حيث وبالمناسبة شرّف رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية البروفيسور عبد السلام الخمليشي بدرع تكريمي اعترافا وتقديرا لجهوده وجهود جميع جراحي الدماغ والأعصاب المغاربة في هذا التكوين لفائدة جمهورية الكونغو الديمقراطية بصفة خاصة والأفارقة بصفة عامة (تم تدريب 22 جراحا في المغرب من جمهورية الكونغو الديمقراطية في إطار هذا البرنامج)؛ كما تم انتخاب البروفيسور عبد الصمد الوهابي، رئيسا للاتحاد الأفريقي لجمعيات جراحة الدماغ والأعصاب (CAANS) للسنتين المقبلتين، من قبل جميع جراحي الدماغ والأعصاب الأفارقة المشاركين في المؤتمر، حيث يعتبر هذا التكريم تشريفا لكافة الأطباء المغاربة، كما يشكّل اعترافا بالجهود المبذولة من قبل الجامعات المغربية والمراكز الاستشفائية الجامعية التي تسهر على تكوين هؤلاء الأطباء.
وجدير بالذكر أن البرنامج التخصصي الدقيق المعروف باسم «المركز المرجعي الدولي بالرباط لتكوين جراحي الدماغ والأعصاب الأفارقة» عام 2002، قد انطلق عندما وصل أول طبيب إفريقي من جمهورية الكونغو الديمقراطية ليبدأ تكوينه في جراحة الدماغ والأعصاب في الرباط. وقد تم إنشاء هذا البرنامج من قبل الدكتور عبد السلام الخمليشي، أستاذ جراحة الدماغ والأعصاب في جامعة محمد الخامس بالرباط، بعد دراسة أنجزها ما بين 1996 و1998 والتي سلطت الضوء لأول مرة على الوضع المقلق لجراحة الدماغ والأعصاب في بلدان افريقيا جنوب الصحراء، حيث تبين على أن 80% من سكان هذه المنطقة كانوا يعانون من نقص كبير في جراحي الدماغ والأعصاب، بمعدل أقل من جراح واحد لما بين 3 و 20 مليون نسمة، في الوقت الذي توصي فيه المنظمة العالمية للصحة بجراح واحد للدماغ لكل 100,000 نسمة. وبناءً على هذه الدراسة، اعتمدت الفيديرالية العالمية لجمعيات جراحة الدماغ والأعصاب (WFNS) شعبة جراحة الدماغ والأعصاب بجامعة محمد الخامس بالرباط كالمركز المرجعي الدولي بالرباط لتكوبن جراحي الدماغ والأعصاب الأفارقة. كما التحقت شعب أخرى لجراحة الدماغ والأعصاب مغربية إلى هذا البرنامج، حيث انضم حاليا 9 أقسام لجراحة الدماغ والأعصاب تابعة لـست جامعات مغربية في كل من الرباط والدار البيضاء ومراكش وفاس، تشارك كلها في تحقيق نجاح هذا التكوين.
ويعتبر هذا التكوين اختصاصا كاملا في جراحة الدماغ والأعصاب، يستغرق 5 سنوات، ويتم في نفس الظروف التي يخضع لها زملاؤهم المغاربة، أي نفس التداريب في المستشفيات، والامتحانات، والشهادة في نهاية هذه الدورة التكوينية. ومنذ عقدين من الزمن، ومنذ أن بدأ هذا المركز نشاطه، تم قبول أكثر من 100 جراح أفريقي، بحيث أن 64 منهم حصلوا على شهاداتهم و37 آخرون لا يزالون يواصلون تكوينهم حاليًا. وعاد المتخرجون 64 إلى بلدانهم، ويعملون في المستشفيات العمومية ويحدثون مراكز محلية للتكوين في جراحة الدماغ والأعصاب على المستوى المحلي. هؤلاء الجراحون ينحدرون جميعا من 24 دولة أفريقية جنوب الصحراء (بنين، بوركينا فاسو، بوروندي، الكاميرون، تشاد، الكونغو برازافيل، جيبوتي، جمهورية الكونغو الديمقراطية، الغابون، غانا، غينيا بيساو، غينيا كوناكري، ساحل العاج، مالاوي، مالي، موريتانيا، النيجر، نيجيريا، رواندا، سيراليون، الصومال، تنزانيا، توغو، أوغندا).
ويندرج هذا البرنامج في إطار الشراكة جنوب – جنوب التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس، حيث يقدم المغرب تكوينا جراحيا تخصصيا في مجال دقيق، توفره مجانا الجامعات المغربية التي يتم فيها هذا التكوين. وأثناء فترة تدريبهم في المغرب، يستفيد معظم هؤلاء الشباب من منح دراسية من عدة مؤسسات، بما فيها الوكالة المغربية للتعاون الدولي، والفيدرالية العالمية لجمعيات جراحة الدماغ والأعصاب، ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة الإيسيسكو.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 30/11/2024