المخرج الأمريكي تيم بورتون: كل فيلم سينمائي ينبغي أن يكون نابعا من القلب

أكّد المخرج الأمريكي، تيم بورتون، أنه ينتصر لسينما الفانتازيا والعوالم السحرية الغريبة، لأنه يشعر أنها جزء أصيل من شخصيته، كما أنها رافقته منذ طفولته، واستمرت تلح عليه في ممارسته الفنية، وأيضا في حياته.
وقال تيم بورتون، يوم السبت الماضي، في فقرة «حوارات» بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، إنه يصنع أفلاما نابعة من القلب. وتابع»كل فيلم ينبغي أن يكون نابعا من القلب، وعودة إلى الأشياء التي أحب القيام بها وإلى الطريقة التي أرغب في استخدامها، مع أشخاص أحبهم».
وأكد مخرج «باتمان» على نحو حاسم أنه لا يفكر في تقديم أفلام واقعية رغم أنه يحترمها ويقدر صانعيها، بكل بساطة، لأن “لكل ذوقه واختياراته”، وذوقه السينمائي واختياراته الفنية لا تنسجم مع السينما الواقعية، فهذا ليس هو المناخ الذي يحب أن يضع نفسه فيه.
وكرر بورتون أن «الشغف» هو السر وراء كل نجاح، لأن الشغف يعني بالدرجة الأولى تقديم أفلام من صميم إحساس المبدع، دون الوقوع في حسابات النجاح أو الفشل، ولا في متاهات التلقي. بل قال بسخرية مثيرة للابتسام إن الشغف هو ما جعله يستغرق حوالي 10 سنوات لإنجاز مشروع سينمائي متعثر!
ولم يخف تيم بورتون «خيبة الأمل» الكبيرة التي انتابته من المجال السينمائي بعد ذلك التعثر، لافتا إلى أنه شعر بـ»نوع من الضياع». غير أنه حقق انطلاقة ناجحة بعد صدور الجزء الأول من «بيتلجوس». وهو النجاح الذي جعله، بعد ستة وثلاثين سنة، يجمع ممثلين شاركوا في الجزء الأول، من بينهم مايكل كيتون في الدور الرئيسي، ووينونا رايدر، المراهقة التي تتواصل مع الأشباح، بالإضافة إلى وجوه جديدة في العمل كحبيبته مونيكا بيلوتشي.
وأضاف مخرج «إدوارد سكيسورهاندز» أنه لا يفكر بتاتا في تصوير جزء ثالث من «بيتلجوس». وقال إن «المضحك هو أنّني بقدر ما أحب هذا الفيلم، لم أفهم مطلقا أسباب نجاحه».
ولم ينس مخرج “أليس في بلاد العجائب” (2010) خلال اللقاء الذي أداره الناقد الفرنسي جيرار لوفور، أن بتحدث عن بدايته في فن التحريك، وعمله لدى استوديوهات «ديزني»، ودور ذلك في شحذ مهاراته ورؤيته الإبداعية، بل إن بدايته المهنية هي التي ساهمت إلى حد كبير في افتتانه المبكر بأفلام الرعب والكائنات الخرافية والأبطال الخارقين.
وتحدث بورتون عن مقاربته السينمائية التي تمزج بين الكوميديا السوداء وعالم الرعب والأشباح والأموات أو «الفانتازيا» والأشكال الخارقة للطبيعة، وهي مقاربة لافتة في أعماله، وقال إن هذا المزيج تعبير عن حقيقة الحياة ذاتها، بل إن الموت ذاته يصوره في أفلامه بوصفه بداهة. ولعل السبب في ذلك يعود إلى طفولته التي قضاها بجوار مقبرة في كاليفورنيا، حيث كان يعاين الاحتفال بطقوس الموتى، وهو ما كان له أثر كبير في استئناسه بالموت كفكرة لا صله لها، بالضرورة، بالمأساة، بل هي جزء لا يتجزأ من الحياة بكل أحزانها واحتفالاتها.
إلى ذلك عبر بورتون عن سعادته بالعمل مع نجوم بارزين يتقدمهم جوني ديب في فيلم “إدوارد ذو الأيدي المقصات” (1990). وقال إنه يحب الممثلين الذين يذهبون إلى الأقصى حين يتقمصون أدوارهم، ويذهبون بها إلى مناطق غير مسبوقة، إلى حد تغيير مظهرهم بشكل جذري عبر الماكياج والأزياء وغيرها من المؤثرات. لكنه يؤكد أنه لا يختار طاقمه إلا بناء على متطلبات المشروع.
وسجل بورتون أن السيناريو والطاقم التمثيلي والتقني مهمان في أي عمل سينمائي، لكن باقي عناصر العمل تحظى لديه بالأهمية نفسها (الإضاءة، الألوان، الخلفيات)، ذلك أن المنظومة السينمائية لا تقبل التجزيء أو الإخلال بأي عنصر من عناصرها، لأنها مبنية على التكامل، ويرى بورتون أن الاستثناء الوحيد الذي يسجله على نفسه يتمثل في تعاونه المتواصل مع المؤلف الموسيقي داني إلفمان، الذي بنى معه علاقة ثقة راسخة. كما أنه لا يستطيع المفاضلة بين أفلامه، رغم اعترافه بأن بعضها لم يظهر بالطريقة التي أرادها.
وأعرب المخرج الأمريكي عن سعادته بالمجيء إلى مراكش التي زارها للمرة الأولى قبل عشرين سنة. وقال إن الشكل المعماري للمدينة وطبيعتها الساحرة ملهمان للفنانين.


بتاريخ : 03/12/2024