المخرج الكندي الكبير ديفيد كروننبرغ في حفل تكريمه بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش:أحمل معي جميع شخصيات أفلامي، وهم يشعرون بالامتنان لوجودهم في مراكش

في حفل تكريمه بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، مساء أول أمس الاثنين بقاعة الوزراء بقصر المؤتمرات، أكد المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ، الذي قوبل بترحاب كبير، أن كل أعماله السينمائية تعكس وضعية الإنسان، وأن الأفلام التي أنجزها تمتلئ بما يجعل كل واحد منها عالما مصغرا للكون.
وقال في بداية كلمته التي ألقاها بمناسبة التكريم: «لطالما سمعت، ولمدة سنوات، عن روعة مهرجان مراكش. والآن، ها أنذا أحل ضيفا على هذا المهرجان، ليس فقط لأعيش التجربة، بل أيضا لأتسلم النجمة الذهبية، وهذا شرف عظيم».
وتابع: «لقد حصلت على هذه الجائزة المرموقة تتويجا لنصف قرن من العمل، ويا لها من بهجة، ويا له من شرف عظيم، ويا له من حظ سعيد أن يضاف اسمي إلى قائمة كل الذين سبقوني في الحصول على النجمة الذهبية».
وأضاف: «إنه لشرف عظيم أن أكون من بين هؤلاء الذين حاولوا من خلال فنهم أن يمنحوا معنى لهذا العالم».
ووجه كروننبرغ كلامه للجمهور الحاضر مازحا: «كما تعلمون، فأنا أحمل معي جميع شخصيات أفلامي، وهم موجودون هنا معي في هذا الحفل، ويكتظ المسرح بهم، وجميعهم يشعرون بالامتنان لوجودهم هنا في مراكش، كل واحد بطريقته الفريدة والغامضة».
ولم يفت صاحب فيلم «الأكفان» أن يوجه خالص عبارات الشكر إلى جلالة الملك محمد السادس، وإلى الأمير مولاي رشيد، وإلى جميع المغاربة.
من جهتها قالت الممثلة الألمانية دايان كروغر إن دافيد كروننبرغ مخرج استثنائي بكل المقاييس، وأنه واحد من المخرجين الأكثر تميزا وتأثيرا في العالم، من خلال أعماله التي تدور كلها حول الأندرغراوند والرعب والتحليل النفسي، كما تحضر الفكاهة والسخرية السوداء، وهذا ما يتبين من خلال أعماله: «اصطدام»، «الغذاء العاري»، «خرائط النجوم» ، «جرائم المستقبل»، «المدينة العالمية»، وغيرها من الأفلام التي تضعه في مسار المخرجين الكبار.
وأفادت كروغر أن تعاملها مع هذا المخرج الكبير في فيلمه الأخير»الأكفان» كشف لها أنه لا يختار الممثلين الذين يتعامل معهم بسهولة، بل يخضعهم لمجموعة من الاختبارات قبل أن يضمهم إلى مشروع فيلمه، ويبدأ ذلك من خلال إجراء مقابلات عديدة معهم حتى يقتنع تمام الاقتناع بأنهم يصلحون للأدوار التي يقترحها عليهم، وهكذا كان بالنسبة إليها.
وتابعت أن كروننبرغ منحها فرصة العمل معه، ولذلك فهي ممتنة له، وممتنة لما قدمه لها.
ومن المعروف عن هذا المخرج أنه لا يحابي في اختيار الممثلين «الكاستينغ». فهو يقول عن نفسه: «لا مشاعر ولا صداقة ولا محاباة في الكاستينغ، هذا هو الشعار الكبير للتعامل مع هذا العنصر الحاسم في نجاح أي عمل، وأي خطأ أو إهمال بخصوصه يدفع المخرج الثمن غاليا. إن اختيار الممثلين شيء معقد وصعب، وهو ما بعكس احترافية المخرج ومدى قدرته على استباق الأمور، لمعرفة مدى نجاح التوليفة النهائية للفيلم».
وكان المخرج الكندي قد قدم درسا سينمائيا في فقرة حوارات، تحدث خلاله عن حضور الجسد في أعماله، معتبرا أن الإنسان مزيج بين ما هو مادي وغير مادي، وهذا ما يعكسه فيلمه الأخير «الأكفان» The shrouds الذي يعبر من خلال شخصياته عن أن الموت لا يقتصر على الجسد، بل يشمل الروح أيضا «هوية الجسد تبقى سؤالا مطروحا علي باستمرار، وهو يشكل هوسا بالنسبة إلي» يوضح مخرج فيلم «جرائم المستقبل».
وتحدث كروننبرغ عن علاقته بالسينما كاشفا عن هوسه منذ طفولته بالأفلام وسرد القصص. وقال إنه عاش في تورونتو، التي لم تكن تتوفر آنذاك، سوى على قاعة صغيرة، تكتفي بعرض أفلام رعاة البقر الأمريكية.
وتابع: «نشأت في جزء من تورونتو ذي لمسة إيطالية «وكانت قاعة «استوديو تعرض أفلاما باللغة الإيطالية، وحدث أن وقع أثناء عرض فيلم لرعاة البقر أن بعض الأشخاص بدأوا يبكون والدموع تنهمر على خدودهم هنا انتابني شعور بالصدمة» يقول ديفيد. هذا المشهد سيكون له بالغ الأثر في توجيه بوصلته نحو السينما.
وأضاف مخرج الرعب أن معاهد السينما ليست شرطا لتحقيق النجاح، وأن نسبة مهمة من المخرجين لم يتلقوا أي تكوين أكاديمي. وقال إن السر وراء النجاح هو التسلح بالفضول، والبحث عن تطوير الإمكانيات الإخراجية. وهذا ما جعله شخصيا يقيم علاقة وطيدة مع هوسه بالتكنولوجيا، الأمر الذي دفعه خلال بداية مسيرته إلى اقتناء عدد من الآلات مثل آلة دمج الصوت مع الصورة.


بتاريخ : 04/12/2024