وداعا الشاعر عبد السلام مصباح .. سليل «اللؤلؤة الزرقاء» يغلق «مخطوطة الأحلام»

التحق بالرفيق الأعلى، أول أمس الاربعاء، الشاعر والمترجم المغربي عبد السلام مصباح، بعد مسيرة إبداعية طويلة وعطاء متميز في الشعر والترجمة الشعرية عن اللغة الإسبانية، عدا أعماله الأدبية المنشورة في أعرق المجلات العربية المتخصّصة، كما صدر له أكثر من عشرين ديوانا شعريا ،بعضها كان مُترجم عن أعظم وأشهر شعراء الإسبانية.
وكان الراحل عبد السلام مصباح، وهو من مواليد مدينة شفشاون، يتمتّع بعضوية مجموعة من الهيئات الأدبية مثل اتحاد كتاب المغرب، وحركة شعراء العالم بالشيلي، ودار ناجي نعمان للثقافة في لبنان، والجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب، إضافة إلى انتسابه للعديد من الجمعيات الثقافية في الدار البيضاء ومكناس وأبي الجعد وتيفلت والجديدة.
حاز الفقيد عددا من الجوائز، تتويجا لإبداعه الشعري ولترجماته، من بينها «جائزة جريدة العرب اللندنية» عام 1985، و»جائزة التكريم» من دار نعمان للثقافة عام 2005، وجائزة الشعر هاي عام 2006 و«جائزة منتدى عاطف الجندي الأدبي» عام 2013…
من أعماله الشعرية وترجماته: ديوان «حاءات متمردة» – مختارات من ديوان «أشعار الربان «Los Versos Del Capitan للشاعر التشيلي بابلو نيرودا بمناسبة الذكرى المئوية لميلاده سنة 2004– ديوان «مخطوطة الأحلام» للشاعر التشيلي سيرخيو ماثياس، وهي سيرة شعرية للشاعر الملك المعتمد بن عباد وحبيبته: اعتماد الروميكية، ديوان «تنويعات على باب الحاء»، ديوان «بستاني الريح» –أضواء مورقة: قراءات في «حاءات متمردة» مختارات من الشعر التشيلي (مشترك) في مديح اللؤلؤة الزرقاء: نصوص حول شفشاون، مترجمة عن الإسبانية (مشترك مع محمد أخريف).
كما تُرجمت قصائده إلى الإسبانية والفرنسية والإنجليزية والإيطالية والهولندية والرومانية والصينية. أنجز ترجمة العديد من الروائع الشعرية والمسرحيات والقصص القصيرة ودراسات لأدباء من إسبانيا، الأرجنتين، الشيلي، بوليفيا، نيكاراغوا، من بينها:
ديوان التماريت – قصيدة الغناء العميق – بكائية من أجل إغناثيو سانتيث – أغنيات – حكايات غجرية – الجمهور (مسرحية) – ست مسرحيات قصيرة للشاعر الإسباني غارسيا لوركا– يوميات أمريكي لاتيني حول بغداد وأمكنة أخرى ساحرة – تطوان في أحلام أنديزي – سحر ابن زيدون – ليل لا أحد، للشاعر التشيلي سيرخيو ماثياس- عشرون  قصيدة حب وأغنية يائسة – مائة قصيدة حب –- الحب موجود والحرية موجودة – «أنواع الحب الضائع» للشاعر الأرجنتيني ميغيل أوسكار ميناص- الديوان الصوفي – خفقات الجنوب، للشاعر المغربي محمد شقور.
عن رحيل سليل اللؤلؤة الزرقاء، كتب الشاعر عبد الحق بن رحمون:
«عبد السلام مصباح شاعر وصديق أعزه وأقدره ، وهو جاري في الدار البيضاء ،مبدع الحاءات المتمردة ، والمخلص للغة سرفانتس والمكتشف أغوار عمق جمالها الفني .مصباح شاعر عميق في رؤيته للعالم ، يضيئ المكان فرحة طفولية وبساطة وروحا مرحة.
منذ شبابه وانتماؤه إلى ثقافة شمال المغرب انفتح على ثقافات متعددة، مكنته من الانغماس والولع بترجمة الاسباني إلى العربية، وتقديم للقراء باقات من مختاراته الشعرية لكبار الشعراء المرموقين. ..
عبدالسلام مصباح إنسان طيب يعيش بسجيته، وعفويته كطفل منبهر بالحياة وبجمال مسقط رأسه، لدرجة أن شعره ابيض مبكرا كقصيدة في مباهجها ونضجها ورؤاها.
من جهتها كتبت الشاعرة والقاصة كريمة دلياس:
«تلقيت للتو خبر وفاة الشاعر والمترجم عبد السلام مصباح من طرف عائلته، بعد مرض عضال ألم به، دخل على إثرها مصحة «سيدي عثمان». للأسف، لم يرد الشاعر أن أخبر أحدا بموضوع مرضه واستحلفني أن لا أقولها لأحد لأسبابه الخاصة، لذلك احترمت اختياره واخترت الصمت بعد زيارتي الأخيرة له في المصحة. وقد واظب الشاعر عبد السلام مصباح في السنوات الأخيرة على الحضور بنفسه لفعاليات معرض الكتاب بالرباط رغم المرض متحملا عناء السفر من الدار البيضاء إلى الرباط، وكانت المرة الأولى التي يعتذر فيها لحضور مهرجان ورزازات الذي سيقام خلال هذا الشهر بسبب ظروفه الصحية.
إنني لمحزونة لهذا الفراق المفاجئ يا مصباح الخير، ولا أقول إلا ما يرضي لله: «لله ما أعطى ولله ما أخذ»، إنا لله وإنا إليه راجعون».
الشاعر والتشكيلي خليفة الدرعي في كلمة مؤثرة قال في وداع الشاعر: «وداعا السي عبد السلام مصباح.. شاعر يتنقل بين اللقاءات الثقافية بخفة فراشة وبروح طفل لاتنال من عمره الأيام..آخر لقاء معه كان خلال سفر لمدينة مريرت للمشاركة بلقاء ثقافي وفني في سيارة الشاعر نور الدين ضرار وبرفقة الفنان خالد السبعي..وأخيرا تحلق روحه الصافية والمشاغبة عاليا..عاليا. كل الرحمة»
وعن رحيل صاحب «الحاءات المتامردة» كتب الشاعر الزجال محمد موتنا:
«السي عبد السلام وداعا
توفي إلى رحمة لله قبل ساعات الصديق الشاعر و القاص و المسرحي والمترجم السي ع السلام مصباح بعد تدهور وضعه الصحي قبل أسبوع أدخل على إثره إحدى المصحات بالبيضاء.
والسي ع السلام من مواليد مدينة شفشاون سنة 1947. ولقد عين أستاذا للغة العربية بالحي المحمدي منذ بداية السبعينيات، حيث أقام ببلوك بناني قريبا من ملعب الإتحاد البيضاوي ودار الشباب التي أحيى فيها أماسي شعرية كثيرة كان لي شرف مشاركته فيها خلال ثمانينيات و تسعينيات القرن الماضي .
تعازي القلبية الصادقة إلى زوجته وولده و بنته و إلى جميع أحبابه و أصدقائه.
رحم لله الفقيد و أسكنه فسيح جنانه».


بتاريخ : 06/12/2024