نظم “ماستر الإدارة الثقافية والدراسات المسرحية” بشراكة مع “نادي الفنون بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية”، يوم 5 دجنبر الجاري، لقاء تفاعليا مع الكاتب والروائي المغربي عبد العزيز الراشدي والذي يشغل منصب مدير مجلة “الثقافة الجنوبية”بالإضافة إلى عضويته باتحاد كتاب المغرب، واشتغاله في التدريس بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة. وقد عرفت هذه التظاهرة التي احتضنها فضاء التميز والتي دامت زهاء ساعتين ونصف حضورا مكثفا ووازنا من طرف الطلبة من مختلف الشعب لاسيما التكوينان السالف ذكرهما، الشيء الذي ترجمته المداخلات المتنوعة التي تم طرحها والتي تفاعل معها الراشدي جميعها دون استثناء، بحيث كان اللقاء عبارة عن حوار مفتوح،أطرته دة.أمل بنويس و د. أحمد توبة ونائب العميد د. منير السرحاني منسق الماستر الثقافي الذي افتتح هذه الجلسة العلمية بحديثه عن النضال الثقافي الذي يخوضه الضيف، وهو عمل فردي لا يقتصر على التدريس والتأليف فقط، بل هي رحلة ينطلق فيها من الحكاية الفردية نحو كتابة تاريخ عام، مختتما مداخلته القيمة بقولة للفيلسوف الصيني كونفوشيوس:”أعظم مسافر هو الذي يكون قد تمكن مرة واحدة من القيام بجولة حول نفسه “، بينما قام الأستاذ توبة بتقديم سيرة المستضاف، ابن مدينة زاكورة وله مجموعة من الأعمال التي تتوزع بين القصة والرواية وأدب الرحلة، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر “طفولة ضفدع”، “مطبخ الحب”و”يوميات سندباد الصحراء”علاوة على الجوائز التي حصدها وطنيا على رأسها جائزة اتحاد كتاب المغرب وعلى مستوى بعض الدول خارج أرض الوطن كمصر والامارات، في حين قدمت الأستاذة بنويس قراءة ماتعة في رحلات عبد العزيز الراشدي” جراح المدن من درعة الى شيكاغو”،تعرفنا من خلالها على هذا العمل وفتحت شهية الحضور للاطلاع على مضامينه، لاسيما في شق انفتاحها على رحلات ابن بطوطة ومحمد بن عبد الله الصفار.
وتفاعلا مع مداخلات الحضور، أشار عبد العزيز الراشدي الى أن أساسيات الابداع هي ثلاثة دون شك لا يشترك فيها جميع المبدعين، وتتأطر في الموهبة وضرورة الاشتغال عليها،. فهناك من يزاول مهنته بتذمر وهناك من يزاولها بحب وانتماء وكلاهما يتعلم منها أشياء تحفز قلمه، وأضاف أنه شخصيا شكلت الأعمال السينمائية ومواقف الحياة حجر الزاوية في إغناء موهبته،و تطرق الأستاذ الى قيمة ملاحق الجرائد بالتسعينيات قبل ظهور المدونات الإلكترونية، ثم ظهور مواقع التواصل الاجتماعي التي خلقت نوعا من خلخلة المفاهيم ، فبعد أن كان النقاش يدور حول المثقف العضوي كما نظر له غرامشي صرنا نتحدث عن مشاهير يخاطبون الناس بل ويؤثرون فيهم حاصدين نسب مشاهدات عالية. وهنا أشار الراشدي الى أن الدولة لها دور في عدم ترسيخ حقل من حقول الثقافة لدى العوام ، فهي حسب اعتقاده لا تمول بما يكفي للدعم في هذا المضمار بل لا تستثمر فيه كما يجب.
وعبر الراشدي عن تأثره بالفضاء الصحراوي، فالإنسان البدوي ذو خيال واسع، مرتبط بطابع القداسة وكرامات الأولياء، فنمط العيش الذي يفرض الترحال جعل منها عادة لاكتشاف معنى الحياة،ومنه فأدب الصحراء يمتاز بحضور المكان وغياب الزمن، واللغة المستعملة لغة يتم الاعتناء بها بشكل كبير عكس ما ينتجه سكان الحواضر من الأدباء، غير أن الأعمال الروائية الصحراوية قليلة قياسا بالأشعار وهي تحتاج الى التأمل،
وفي النهاية أشار الراشدي الى أن اختيار عنوان عمله “من درعة الى شيكاغو ” جاء كخطاب ثقافي بين حضارتين إحداهما قديمة والأخرى معاصرة، وهو رصد للصدام الحضاري الذي يواجه عادة من يغادر مدينته الأم الى مدن أخرى.قبل أن يختتم عميد الكلية د. عبد الحميد ب الفاروق اللقاء بتوجيهه كلمة شكر للأساتذة الساهرين على تأطير وإنجاح هذا المحفل مسلما الضيف درع الكلية.