تكسير أسطورة ‭ ‬‮«‬تقرير‭ ‬المصير‮»‬‭ ‬‮‬ بمطرقة اليوسفي‭ ‬وعمر‭ ‬بنجلون‭ ‬

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

قد‭ ‬نحسن‭ ‬النية‭ ‬ونقول‭ ‬إن‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬طالت،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬العديدين،‭ ‬ومنهم‭ ‬مغاربة‭ ‬والباحثين‭ ‬والمعلقين‭ ‬السياسيين،‭ ‬نسوا‭ ‬بداياتها‭ ‬وإرهاصات‭ ‬اندلاعها‭ ‬الإرادي‭ ‬والمقصود،‭ ‬حتى‭ ‬إنه‭ ‬بتنا‭ ‬نرى‭ ‬ونسمع‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬فقدان‭ ‬ذاكرة‭ ‬كبير‭ ‬وعميق،‭ ‬يكاد‭ ‬يلخص‭ ‬القضية‭ ‬في‭ ‬مشاحنات‭ ‬ديبلوماسية‭ ‬وتغيب‭ ‬فيها،‭ ‬في‭ ‬الغالب،‭ ‬الأسس‭ ‬التاريخية‭ ‬لما‭ ‬يتم‭ ‬النقاش‭ ‬حوله‭.‬
ولعل‭ ‬السيد‭ ‬عزيز‭ ‬غالي‭ ‬دخل‭ ‬بين‭ ‬شقوق‭ ‬هذا‭ ‬النسيان،‭ ‬بل‭ ‬لعله‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يقيم‭ ‬فرقا‭ ‬بين‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬القانونيين‭ ‬والحقوقيين‭ ‬منهم‭ ‬ووجهة‭ ‬نظر‭ ‬السياسة‭ ‬والتاريخ‭ ‬اللذين‭ ‬كان‭ ‬وراء‭ ‬وضع‭ ‬القضية‭ ‬من‭ ‬أصله‭.‬

في‭ ‬أصل‭ ‬الأشياء‭ ‬ووضع‭ ‬المقدمات‮..‬

ولعله‭ ‬أغفل،‭ ‬لهذا‭ ‬السبب أو‭ ‬ذاك،‭ ‬عمدا‭ ‬أو‭ ‬عفوا،‭ ‬أن‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الجزائرية‭ ‬انبنت‭ ‬على‭ ‬إنكار‭ ‬التاريخ،‭ ‬مقابل‭ ‬ادعاء‭ ‬اعتماد‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬تفرع‭ ‬عن‭ ‬نهاية‭ ‬الاستعمار‮….‬
ولعل‭ ‬الاستماع‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬الجمعية‭ ‬المغربية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬يفيد‭ ‬تصريحا‭ ‬أو‭ ‬تلميحا‭ ‬أن‭ ‬المشكلة‭ ‬تتلخص‭ ‬في‭ ‬‮«‬وجود‭ ‬شعب‮»(‬لم‭ ‬يذكره‭ ‬بالواضح‭ ‬المقصود‮)‬،‭ ‬محروم‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬‮«‬تقرير‭ ‬المصير‮»‬‭ ‬يطالب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بتنظيم‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭.‬
‭ ‬وفي‭ ‬مضمر‭ ‬الكلام‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬كان‭ ‬سينظم‭ ‬بالاستفتاء‭ ‬ولكن‭ ‬تم‭ ‬التراجع‭ ‬عنه‭ ‬بعد‭ ‬استحالة‭ ‬تطبيقه‭ ‬وبقي‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‮..‬‭ ‬معلقا‭ ‬كمبدأ،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فتح‭ ‬المغرب‭ ‬بابا‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬النفق‭ ‬بتقديم‭ ‬مقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‮….‬
ـ‭ ‬لعلنا‭ ‬لن‭ ‬نبالغ‭ ‬أو‭ ‬نظلم‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬اعتناق‭ ‬هاته‭ ‬التصريحات،‭ ‬إذا‭ ‬قلنا‭ ‬إن‭ ‬في‭ ‬مضمرها وجود‮ ‬هذا‮«‬‭ ‬الشعب‮»‬‭ ‬‮(‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يثبت‭ ‬وجوده‭ ‬يوما‮)‬،‭ ‬كان‭ ‬‮«‬على‭ ‬وشك‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬حلم‭ ‬الاستفتاء‭ ‬الذي‭ ‬عرضته‭ ‬القوة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬وقوة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسبانية‭ ‬أيام‭ ‬فرانكو‭ ‬‮(‬‭ ‬بالضبط‭ ‬سنة‭ ‬1966‮)‬‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬فرنسا‭ ‬مع‭ ‬الجزائر،‭ ‬وهي‭ ‬المرجعية‭ ‬المضمرة‭ ‬في‭ ‬دفاع‭ ‬الجزائريين،‭ ‬ودفاع‭ ‬المنتمين‭ ‬إلى‭ ‬البوليساريو‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬تبقى‭ ‬منهم‭ ‬وكذا‭ ‬الدفاع‭ ‬الذي‭ ‬تضمره‭ ‬تصريحات‭ ‬رئيس‭ ‬الجمعية‭ ‬المغربية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‮.‬
وهو‭ ‬تسويغ‭ ‬بعدي‭ ‬لما‭ ‬تقدمت‭ ‬به‭ ‬إسبانيا‭ ‬الفرانكوية‭ ‬قبل‭ ‬الجميع‮..‬
كانت‭ ‬القوى‭ ‬اليسارية‭ ‬والتقدمية‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬مجهودا‭ ‬جبارا‭ ‬ينتظرها‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬معنى‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬وحقيقته‮.‬‭ ‬وكانت‭ ‬تدرك،‭ ‬وما‭ ‬زالت،‭ ‬أن‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الفاعلة‭ ‬من‭ ‬اليسار‭ ‬العالمي‮ ‬تعتقد في‮ ‬الفكرة‭ ‬ببساطة،‭ ‬بطريقة شبه‭ ‬لاإرادية‭ ‬بما‭ ‬هي‭ ‬إرث‭ ‬تقدمي‭ .‬
لهذا‭ ‬بذلت‭ ‬مجهودات‭ ‬جبارة‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬إصلاح‭ ‬المفاهيم‭ ‬أو‭ ‬لنقل‭ ‬‮«‬تحرير‭ ‬العقليات،‭ ‬مع‭ ‬تحرير‭ ‬التراب‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬السياق‭ ‬الذي‭ ‬ذكرناه‭ ‬تأتي‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬مرافعة‭ ‬الفقيد‭ ‬الكبير‭ ‬عبد‭ ‬الرحمان‭ ‬اليوسفي‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬1975،‭ ‬أمام‭ ‬التقدميين‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬قطرا‮!‬
2‭- ‬أول‭ ‬صدام‭ ‬بين‭ ‬التقدميين‭ ‬المغاربة‭ ‬ومملثي‭ ‬نظام‭ ‬بومدين‭ ‬في‭ ‬محفل‭ ‬دولي‭ ‬حول‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‮.‬
‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬17‭ ‬و19‭ ‬شتنبر‭ ‬1975‭ ‬،‭ ‬التقى‭ ‬التقدميون‭ ‬المغاربة‭ ‬والتقدميون‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬تضامن‭ ‬الشعوب‭ ‬الأفرو‭ ‬أسيوية‭ ‬بموسكو،‭ ‬أيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفياتي،‭ ‬وقد‭ ‬حضرت‭ ‬المؤتمر‭ ‬70‭ ‬دولة‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬لجنة‭ ‬تصفية‭ ‬الاستعمار‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬المهتمة‭ ‬بتصفية‭ ‬الاستعمار‭ ‬والمجلس‭ ‬العالمي‭ ‬للسلام‮.‬‭ ‬وكانت‭ ‬ضمن‭ ‬جدول‭ ‬الأعمال‭ ‬قضيتان‭ ‬أثارتا‭ ‬الجدل‭ ‬والنقاش‭ ‬الحادين،‭ ‬هما‭ ‬قضية‭ ‬مصر‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ترتب‭ ‬لما‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬73،‭ ‬وقضية‭ ‬الصحراء‮..‬‭ ‬وكانت‭ ‬تلك‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ ‬يقع‭ ‬الاصطدام‭ ‬العلني‭ ‬بين‭ ‬التقدميين‭ ‬المغاربة،‭ ‬ممثلين‭ ‬وقتها‭ ‬بالفقيد‭ ‬الكبير‭ ‬عبد‭ ‬الرحمان‭ ‬اليوسفي‭ ‬والشهيد‭ ‬عمر‭ ‬بنجلون‭ ‬والفقيد‭ ‬مالك‭ ‬الجداوي‭ ‬عن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الاشتراكي‭ ‬والفقيد‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬بورقية‭ ‬‮(‬والد‭ ‬المخرجة‭ ‬المغربية‭ ‬فريدة‭ ‬بورقية‮)‬‭ ‬عن‭ ‬التقدم‭ ‬والاشتراكية‮..‬‭ ‬وبين‭ ‬ممثلين‭ ‬عن‭ ‬الحاكمين‭ ‬الجزائريين،‭ ‬وكان‭ ‬على‭ ‬رأسهم‭ ‬الشريف‭ ‬مساعدية،‭ ‬المسؤول‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬جبهة‭ ‬التحرير‭ ‬الوطني‭ ‬الحزب‭ ‬الحاكم‭ ‬وقتها‭ ‬وعمار‭ ‬نتومي‭ ‬نقيب‭ ‬المحامين الجزائريين‮.‬‭ ‬وهو‭ ‬أول‭ ‬اصطدام‭ ‬يقع‭ ‬داخل‭ ‬تجمع‭ ‬دولي‭ ‬خصوصا‭ ‬وأنه‭ ‬تجمع‭ ‬للحركات‭ ‬التقدمية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‮..‬
في‭ ‬المرافعة‭ ‬القوية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬بلسان‭ ‬الحزبين،‭ ‬طور‭ ‬اليوسفي‭ ‬الذي‭ ‬تلا‭ ‬الكلمة‭ ‬تحليلا‭ ‬وشرحا‭ ‬قويا‭ ‬حول‭ ‬‮«‬تقرير‭ ‬المصير‮»‬‭ ‬كما‭ ‬دافعت‭ ‬عنه‭ ‬القوى‭ ‬التقدمية‭ ‬في‭ ‬النقاشات‭ ‬العامة‭ ‬وفي‭ ‬الفضاءات‭ ‬الدولية‭ ‬ومنها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬‮.‬
‭ ‬ونستخلص‭ ‬من‭ ‬هاته‭ ‬الورقة‭ ‬
‮-‬‭ ‬أن‭ ‬شعب‭ ‬الفيتنام‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬وقتها‭ ‬قدوة‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬تحرير‭ ‬البلاد‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬قدم‭ ‬أهم‭ ‬مساهمة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬المعاصر‮.‬‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اتفاقية‭ ‬جنيف‭ ‬1954،‭ ‬ثم‭ ‬القرار‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬1960‮.‬عن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭ ‬‮.‬
وكانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قد‭ ‬صوتت‭ ‬ضد‭ ‬القرار‭ ‬وما‭ ‬ورد‭ ‬فيه‭ ‬لاسيما‭ ‬الفقرتين‭ ‬الـ2‭ ‬والـ6‭ ‬،‭ ‬وكلتاهما‭ ‬ذات‭ ‬علاقة‭ ‬وطيدة‭ ‬بمفهوم‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ .‬
‭ ‬‮‬تنص‭ ‬الفقرة‭ ‬الثانية‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الشعوب‭ ‬أن‭ ‬تقرر‭ ‬مصيرها‭ ‬وأن‭ ‬تقرر‭ ‬بحرية‭ ‬وضعها‭ ‬السياسي‭ ‬لتحقق‭ ‬تطورها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والثقافي‭.‬‮»‬‭ ‬
‮‬‭ ‬وتقول‭ ‬الفقرة‭ ‬السادسة‮«‬‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬محاولة‭ ‬تستهدف‭ ‬التقويض‭ ‬الجزئي‭ ‬أو‭ ‬الكلي‭ ‬للوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬وسلامة‭ ‬أراضي‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬محاولة‭ ‬لا‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬أهداف‭ ‬ومواثيق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»..‬
وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته‭ ‬يستشهد‭ ‬اليوسفي‭ ‬باسم‭ ‬الآخرين‭ ‬بمجهود‭ ‬التأصيل‭ ‬القانوني‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الأستاذ‭ ‬نجوين‭ ‬نجوك هو،‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭ ” ‬إن‭ ‬حق‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬حق‭ ‬الاستقلال‭ ‬وحق‭ ‬السيادة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يسيء‭ ‬إلى‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الحقوق‭ ‬الأكثر‭ ‬أساسية‮».‬
إن‭ ‬الأستاذ‭ ‬الفيتنامي‭ ‬البارز‭ ‬يدرك‭ ‬بحكم‭ ‬التجربة‭ ‬الملموسة‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬حد‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنخدع‭ ‬القوى‭ ‬القديمة‭ ‬بأساليب‭ ‬تسخير‭ ‬وتحريف‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ،‭ ‬لذلك‭ ‬نراه‭ ‬يضيف‭ ‬‮:‬‭ ‬أن‭ ‬خبرة‭ ‬فيتنام‭ ‬توضح‭ ‬أن‭ ‬المسألة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬جوهرها‭ ‬مساندة‭ ‬النضال‭ ‬ضد‭ ‬الاستعمار‭ ‬الجديد‭ .‬
ومن‭ ‬غريب‭ ‬النكاية‭ ‬الجزائرية‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬صدر‭ ‬أيام‭ ‬نضال‭ ‬حركة‭ ‬التحرير‭ ‬الجزائرية‭ ‬الأصلية‭ ‬العظيمة‭ ‬‮.‬
‭ ‬ومما‭ ‬قاله‭ ‬الوفد‭ ‬المغربي‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬الفقيد‭ ‬اليوسفي‭ ‬في‭ ‬مرافعاته‮«‬‭ ‬أن‭ ‬فرنسا‭ ‬كانت‭ ‬تقصر‭ ‬‮(‬‭ ‬تحصر‭ ‬‮)‬‭ ‬الكيان‭ ‬الجزائري‭ ‬على‭ ‬الأقاليم‭ ‬الشمالية‭ ‬وترفض‭ ‬أي‭ ‬مناقشة‭ ‬لمسألة‭ ‬الصحراء‭ ‬‮(‬الجزائرية‭ ‬هنا‮)»‬‭ ‬‮.‬
‭ ‬ولما‭ ‬توقفت‭ ‬المفاوضات‭ ‬في‭ ‬لوجرين‭ ‬‮(‬‭ ‬الفرنسية‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬الأماكن‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬زيارتها‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬حيث‭ ‬تتميز‭ ‬بجمالها‭ ‬الطبيعي‭ ‬وموقعها‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬بحيرة‭ ‬جنيف‮)‬‭ ‬،‭ ‬بين‭ ‬فرنسا‭ ‬وجبهة‭ ‬التحرير،‭ ‬أصدرت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬القرار‭ ‬1724‭ ‬بمثابة‭ ‬ندا«ء‭ ‬باستئناف‭ ‬المفاوضات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إقرار‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الجزائري‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره‭ ‬بحرية‭ ‬واستقلال‭ ‬في‭ ‬مراعاة‭ ‬وحدة‭ ‬الأراضي‭ ‬الجزائرية‭ ‬وسلامتها‮».‬
‭ ‬وفي‭ ‬خضم‭ ‬هاته‭ ‬المعارك‭ ‬القانونية‭ ‬والسياسية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بتحرير‭ ‬الشعوب‭ ‬والدول‭ ‬،‭ ‬كان‭ ‬المنطق‭ ‬الذي‭ ‬دافعت‭ ‬عنه‭ ‬حركات‭ ‬التحرير‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬إفريقيا‭ ‬وآسيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬ونخبها‭ ‬الحاكمة،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الفقرة‭ ‬6‭ ‬‮«‬تحتفظ‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬قسمها‭ ‬الاستعمار‭ ‬بحق‭ ‬إعادة‭ ‬توحيد‭ ‬أراضيها‭ ‬الوطنية‭ ‬‮».‬‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يصدق‭ ‬جملة‭ ‬وتفصيلا‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيره‭ ‬نظرا‭ ‬للاستعمار‭ ‬الموزع‭ ‬الذي‭ ‬تعرض‭ ‬له‮!..‬
‭ ‬وقد‭ ‬اعتبر‭ ‬التقدميون‭ ‬المغاربة‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬الفيتنامي‭ ‬هو‭ ‬صانع‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز،‭ ‬الذي‭ ‬يعتبره‭ ‬أغلب‭ ‬الخبراء‭ ‬والمتابعين‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬المعاصر‭ ‬‮.‬‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬الشعب‭ ‬الفيتنامي‭ ‬خاض‭ ‬معارك‭ ‬ضارية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استقلاله‭ ‬ووحده‭ ‬أراضيه‮.‬
ولم‭ ‬تكن‭ ‬الإحالة‭ ‬على‭ ‬الفيتنام‭ ‬محض‭ ‬إعجاب‭ ‬واعتراف‭ ‬وتقدير‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬تحيل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮»‬الشعب‭ ‬الفيتنامي‭ ‬صقلته‭ ‬المعارك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوجود،‭ ‬تماما‭ ‬كما‭ ‬المغرب،‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬يقول‭ ‬الوفد‭ ‬المغربي،‭ ‬إن‭ ‬المغرب‭ ‬خاض‭ ‬معارك‭ ‬عمرها‭ ‬أربعة‭ ‬قرون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وحدة‭ ‬أراضيه‭ ‬منذ‭ ‬الاستعمار‭ ‬البرتغالي‭ ‬الأول‭ ‬ثم‭ ‬الإسباني‭ ‬ثم‭ ‬الاستعمارين‭ ‬الإسباني‭ ‬والفرنسي،‮..‬‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬معارك‭ ‬واجهها‭ ‬الشعب‭ ‬خارج‭ ‬أو‭ ‬ضد‭ ‬السلطات‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬انحنت‭ ‬أحيانا‭ ‬للقوى‭ ‬الاستعمارية‭ ‬وقبلت‭ ‬شروطها‮»…!‬
‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬صميم‭ ‬المرافعة‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬الأخوة‭ ‬الرفاق‭ ‬عن‭ ‬الاستعمالات‭ ‬الخبيثة‭ ‬التي‭ ‬يلجأ‭ ‬إليها‭ ‬الاستعمار‭ ‬وقتها،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬عبد‭ ‬الرحمان‭ ‬اليوسفي‭ ‬إن‮«‬‭ ‬الاستعمار‭ ‬الجديد‭ ‬يستعمل،‭ ‬بمنتهى‭ ‬الخبث،‭ ‬مبدأ‭ ‬تقرير‭ ‬المصير،‭ ‬‮«‬وهكذا‭ ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬مبدأ‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬هنا‭ ‬ذريعة‭ ‬ومهربا‭ ‬تستخدمه‭ ‬الفاشية‭ ‬الإسبانية‭ ‬ذاتها،‭ ‬ونعتقد‭ ‬أن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬المعنى‭ ‬الذي‭ ‬تضفيه‭ ‬الشعوب‭ ‬المناضلة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ‭ ‬‮. ‬

جيش‭ ‬التحرير‭ ‬يقرر‭ ‬المصير‭ ‬بالسلاح‮!‬

وفي‭ ‬نضال‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬المسلح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحرير‭ ‬الصحراء‭ ‬يورد‭ ‬اليوسفي‭ ‬أمرين‭ ‬أساسيين‮:‬‭ ‬
ـ‭ ‬النقطة‭ ‬البارزة‭ ‬الأولى‮:‬‭ ‬هو‭ ‬قرار‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للمقاومة،‭ ‬والذي‭ ‬انعقد‭ ‬في‭ ‬غشت‭ ‬1956‭ ‬في‭ ‬الرباط،‭ ‬واتخذ‭ ‬قراره‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬تحرير‭ ‬الصحراء‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الترددات‭ ‬الرسمية‮!‬‭ ‬
ـ‭ ‬النقطة‭ ‬البارزة‭ ‬الثانية‭ ‬هي‭ ‬تشكيلة‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‮.‬‭ ‬وقد‭ ‬استشهد‭ ‬المتحدث‭ ‬بما‭ ‬نقلته‭ ‬صاحبة‭ ‬كتاب‭ ‬مناهض‭ ‬للمغرب‭ ‬وحقوقه‭ ‬الإنسانية‮..‬‭ ‬وهي‭ ‬السيدة‭ ‬كريستين‭ ‬جارنييه‭ ‬في‭ ‬كتابها‭ ‬‮((‬‭ ‬الصحراء‭ ‬الخصبة‭ ‬‮..‬‭ ‬موريتانيا‭ ‬دولة‭ ‬جديدة
‭” ‬D’sert fertile‭: ‬la Mauritanie un nouvel‭ ?‬tat‭ “‬،‭ ‬‮ ‬وهو‭ ‬كتاب‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يناصر‭ ‬الموقف‭ ‬والمطالب‭ ‬المغربية‭ ‬حيث‭ ‬تقول‭ ‬‮:«‬‭ ‬وحول‭ ‬مندوبي‭ ‬الاستقلال‭ ‬يتجمع‭ ‬رجال‭ ‬جاءوا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬القبائل‭ ‬المغربية،‭ ‬رجال‭ ‬صبغهم(طبعهم‭) ‬العمل‭ ‬السري،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬ـ‭ ‬رغم‭ ‬الاعتراف‭ ‬باستقلال‭ ‬المغرب‭ ‬كدولة‭ ‬‮-‬‭ ‬دفعهم‭ ‬إلى‭ ‬ترك‭ ‬سلاحهم‭ ‬‮..‬‭ ‬وفي‭ ‬جوليمين‭ ‬‮..( ‬كليمين‮ )‬‭ ‬يوجد‭ ‬جبليون‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الريف‭ ‬،‭ ‬وبربر‭ ‬من‭ ‬جبال‭ ‬الأطلس‭ ‬المتوسط‭ ‬وتافيلات‭ ‬،‭ ‬وجزائريون‭ ‬من‭ ‬جبهة‭ ‬التحرير‭ ‬الوطنية‭ ‬‮..‬‭ ‬وأخيراً‭ ‬سكان‭ ‬الصحراء‭ ‬والركيبات‭ ‬‮.‬‭ ‬ومن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬يتشكل‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬‮…‬‭ ‬‮)‬‭ ‬‮(‬ص‭ ‬197‮)‬‭ ‬‮.‬‭ ‬ويختم‭ ‬اليوسفي‭ ‬بالقول‭ ‬‮«‬‭: ‬هكذا‭ ‬فإن‭ ‬أمامنا‭ ‬هنا‭ ‬‮-‬‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬رأى‭ ‬كاتبة‭ ‬معادية،‭ ‬المغرب‭ ‬كفاحا‭ ‬يجمع‭ ‬كل‭ ‬عناصر‭ ‬شعبنا‭ ‬من‭ ‬أقصى‭ ‬الشمال‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬‮»…‬
‭ ‬ونجح‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬في‭ ‬تحرير‭ ‬الصحراء‭ ‬في‭ ‬1957‭ ‬و‭ ‬1958‭ ‬وانسحبت‭ ‬الفرق‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسبانية‭ ‬نحو‭ ‬الشاطئ،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬التراب‭ ‬الصحراوي‮..‬‭ ‬ولولا‭ ‬عملية‭ ‬إيكوفيون‭ ‬الشهيرة،‭ ‬على‭ ‬إثر‭ ‬تحالف‭ ‬إسبانيا‭ ‬وفرنسا،‭ ‬لما‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬أصلا‮..‬
وإذا‭ ‬كانت‭ ‬إسبانيا‭ ‬قد‭ ‬اضطرت‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬إيفنى‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1969،‭ ‬فإنها‭ ‬لم‭ ‬تنفذ‭ ‬قرارات‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬بشأن‭ ‬الصحراء،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬رفضت‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1969‭ ‬التصويت‭ ‬عليها‭ ‬،‭ ‬لأن‭ ‬الفرانكوية‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الاحتكارات‭ ‬الإمبريالية‭ ‬كانت‭ ‬تعد‭ ‬لاستغلال‭ ‬مناجم‭ ‬الفوسفات‭ ‬التي‭ ‬اكتشفت‭ ‬في‭ ‬بوكراع،‭ ‬وتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬انهيار‭ ‬النظام‭ ‬الفاشي‭ ‬في‭ ‬البرتغال‭ ‬وانطلاق‭ ‬عملية‭ ‬تصفية‭ ‬الاستعمار‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬لكي‭ ‬تتبنى‭ ‬الفاشية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الإسبانية‭ ‬لحسابها‭ ‬شعار‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬والاستفتاء‭ ‬إلخ‭ ‬‮…‬‭ ‬وأمام‭ ‬هذه‭ ‬المناورة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬تسيء‭ ‬إلى‭ ‬الحقوق‭ ‬الأساسية‭ ‬للمغرب‭ ‬وإلى‭ ‬حق‭ ‬سكان‭ ‬الصحراء‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬الحقيقي‮«…‬
وأمام‭ ‬الأوضاع‭ ‬والمواقف‭ ‬التي‭ ‬أمكن‭ ‬للفرانكوية‭ ‬أن‭ ‬تستند‭ ‬إليها‭ ‬لكي‭ ‬تبدو‭ ‬كمدافع‭ ‬عن‭ ‬تقرير‭ ‬مصير‭ ‬الشعوب،‭ ‬اختار‭ ‬المتحدث‭ ‬التذكير‭ ‬بحقيقتين‭ ‬بديهيتين‭ ‬‮:‬‭ ‬
‮‬‭ ‬أولاهما‭ ‬أن‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الاستعمارية‭. ‬تبقى‭ ‬استعمارية‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬تختفي‭ ‬خلف‭ ‬شعار‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬تبناه‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يرفقون‭ ‬به‭ ‬شعارات‭ ‬أخرى‭ ‬تبدو‭ ‬معادية‭ ‬للاستعمار‭ ‬ومناهضة‭ ‬للإمبريالية‮.‬
‮+‬‭ ‬ليست‭ ‬قرارات‭ ‬الإدارات‭ ‬الاستعمارية‭ ‬أو‭ ‬الدوائر‭ ‬التي‭ ‬تخلقها‭ ‬هذه‭ ‬الإدارات‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تخلق‭ ‬الشعوب‭ ‬والأمم‭ ‬وإنما‭ ‬الذي‭ ‬يخلقها‭ ‬هو‭ ‬نضال‭ ‬الشعوب‭ ‬ضد‭ ‬الاستعمار‭ ‬والعدوان‭ ‬الأجنبي‭ ‬‮…‬

كيف‭ ‬انتهى‭ ‬الاجتماع‭ ‬الأفرو‭ ‬أسيوي‭ ‬يا‭ ‬ترى؟

‭ ‬لقد‭ ‬صادر‭ ‬بيانا‭ ‬واضحا‭ ‬نقرأ‭ ‬فيه‭ ‬بالواضح‮«‬‭ ‬أن‭ ‬المجلس‭ ‬الثاني‭ ‬عشر‭ ‬لمنظمة‭ ‬تضامن‭ ‬الشعوب‭ ‬الأسيوية‭ ‬الإفريقية‭ ‬المنعقد‭ ‬بموسكو‭ ‬من‭ ‬17‭ ‬إلى‭ ‬19‭ ‬شتنبر‭ ‬1975‭ ‬يؤيد‭ ‬نضال‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحرير‭ ‬الصحراء‭ ‬والمدن‭ ‬المغربية‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تحت‭ ‬الاستعمار‭ ‬الإسباني‮».‬‭ ‬وهي‭ ‬الفقرة‭ ‬التي‭ ‬عرفت‭ ‬مواجهة‭ ‬حادة‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الشهيد‭ ‬عمر‭ ‬بنجلون‭ ‬والمرحوم‭ ‬مالك‭ ‬الجداوي،‭ ‬اللذين‭ ‬أرسلهما‭ ‬الوفد‭ ‬لمواجهة‭ ‬مؤامرة‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬لجنة‭ ‬الشؤون‭ ‬الإفريقية،‭ ‬وهي‭ ‬المؤامرة‭ ‬التي‭ ‬سعت‭ ‬إلى‭ ‬إسقاط‭ ‬كلمة‮«‬‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬الديباجة‮»‬‭ ‬ولكي‭ ‬تصبح‭ ‬الفقرة‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬الشعب‭ ‬العربي،‭ ‬في‭ ‬مطلقه‭ ‬وتبرر‭ ‬هدف‭ ‬‮«‬الدول‭ ‬المعنية‭ ‬ومنها‭ ‬الجزائر‮!‬

‭ ‬خلاصات‭ ‬بعيدة‭ ‬قريبا،‭ ‬قريبة‭ ‬بعيدا‮:‬

1ـ‭ ‬قد‭ ‬يختار‮.‬‭ ‬الواحد‭ ‬منا‭ ‬أن‭ ‬يسقط‭ ‬من‭ ‬تفكيره‭ ‬مرجعيات‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬الذي‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حرر‭ ‬مجموع‭ ‬التراب‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬الصحراوي‭ ‬في‭ ‬1958‭ ‬،‭ ‬ومرجعية‭ ‬المقاومة‭ ‬ومرجعية‭ ‬الحركة‭ ‬الوطنية‮.‬‭ ‬برمتها‭ ‬بتأليف‭ ‬إيديولوجي‭ ‬قانوني‭ ‬‮(‬‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬اللينينية‭ ‬الحقوقية‭ ‬l?galisme l?ninisme‮)‬‭ ‬‮..‬،‭ ‬ويصبح‭ ‬غريبا‭ ‬لأزيد‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬عن‭ ‬مرجعيات‭ ‬الحرية‭ ‬في‭ ‬وطنه،‭ ‬ولكن‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬سوى‭ ‬أماكن‭ ‬لغوث‭ ‬اللاجئين‭ ‬وضحايا‭ ‬الهجرات‭ ‬و‮….‬المشردين‭ ‬الإيديولوجيين،‭ ‬‮!‬
2ـ‭ ‬تقرير‭ ‬المصير،‭ ‬وبتجربة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬نفسها،‭ ‬له‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬طريق،‭ ‬ومن‭ ‬هاته‭ ‬الطرق‭ ‬ما‭ ‬يقترحه‭ ‬بلدنا‭ ‬المغرب‭ ‬وما‭ ‬تقترحه‭ ‬جهات‭ ‬أخرى‭ ‬‮.‬‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الإنسان‭ ‬حرا‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يصنع‭ ‬أممية‭ ‬لنفسه،‭ ‬لكن‭ ‬الأممية‭ ‬لن‭ ‬تصنع‭ ‬له‭ ‬وطنا‮!‬
‭ ‬وعلى‭ ‬هامش‭ ‬هذا،‭ ‬يعتقد‭ ‬المغاربة‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أنت‭ ‬وعدوك‭ ‬على‭ ‬صواب‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬خلافية،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ‭ ‬النبيل‭ ‬في‭ ‬شكلياته،‭ ‬يصبح‭ ‬عقيما‭ ‬في‭ ‬جوهره،‭ ‬بفعل‭ ‬التاريخ‭ ‬وتطور‭ ‬الإشكال‭ ‬وتغير‭ ‬الحاملين‭ ‬لمشروعه‮:‬‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬نظام‭ ‬عسكري‭ ‬ضاغط‭ ‬غير‭ ‬سوي‭ ‬سياسيا‭ ‬ولا‭ ‬إيديولوجيا،لا‭ ‬يغامر‭ ‬بتقرير‭ ‬مصير‭ ‬شعبه‭ ‬ديموقراطيا‮.‬‭ ‬
3ـ‭ ‬في‭ ‬التخوين‭ ‬والاختلاف‭ ‬والديموقراطية‭ ‬

‮‬‭ ‬أنت‭ ‬لست‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬تخوين‭ ‬‮…‬‭ ‬مَنْ‭ ‬خوَّن‭ ‬نفسه‮!‬

‮‬إن‭ ‬الديموقراطية‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يؤمن‭ ‬بالوطن‭ ‬لكي‭ ‬تقوم‮..‬‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لديموقراطية‭ ‬إلا‭ ‬فوق‭ ‬أرض‭ ‬الوطن‮.!‬وليس‭ ‬ضروريا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتنكر‭ ‬لوطنه‭ ‬لكي‭ ‬تقوم‭ ‬الديموقراطية،‭ ‬فتعلمنا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الصنف‭ ‬لا‭ ‬يقتنع‭ ‬بأية‭ ‬ديموقراطية‭ ‬يريدها‭ ‬الوطن،‭ ‬بل‭ ‬لعلها‭ ‬تكون‭ ‬فقط‭ ‬مصطبة‭ ‬ومنصة‭ ‬لما‭ ‬يعاكس‭ ‬الوطن‭ ‬أصلا‭ ‬لا‭ ‬لكي‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬مردود‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬الديموقراطي‭ ‬في‭ ‬الإنسان‮!‬
وأمامنا‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬التجربة‭ ‬التعددية‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نقول‭ ‬الديموقراطية،‭ ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬أدنى‭ ‬مساهمة‭ ‬في‭ ‬تقوية‭ ‬النسيج الديموقراطي،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬نفسه‮..!‬
‮‬‭ ‬4ـ‭ ‬يمكن‭ ‬للدستور‭ ‬أن‭ ‬ينزع‭ ‬عنك‭ ‬ما‭ ‬منحتك‭ ‬إياه‭ ‬الديموقراطية،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬يحسن‭ ‬بنا‭ ‬تأمل‭ ‬قضية‭ ‬الكاتالونيين‭ ‬في‭ ‬إسبانيا،‭ ‬بين‭ ‬ممارسة‭ ‬التعبير‮ ‬الانفصالي‭ ‬والحق‭ ‬فيه،‭ ‬والتنظير‭ ‬له‭ ‬ومنع‭ ‬الاستفتاء‭ ‬وتنظيمه‭ ‬الصادر‭ ‬بسلطة‭ ‬القانون‭ ‬التي‭ ‬يمنحها‭ ‬الدستور‭.‬
‮‬إن‭ ‬المساءلة‭ ‬الوطنية‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬الاستنجاد‭ ‬بالسلطة‭ ‬ولا‭ ‬بالعنف‭ ‬المشروع‭ ‬ولا‭ ‬بقوة‭ ‬القانون‮.‬‭ ‬أبدا،‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬كذلك،‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عقيدة‭ ‬السلطة‭ ‬لحل‭ ‬إشكال‭ ‬فكري‭ ‬عجز‭ ‬المجتمع‭ ‬عن‭ ‬حله‮…‬‭ ‬
5‭ ‬ـ‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬اللينيني‭ ‬‮…‬تم‭ ‬استخدامه‭ ‬في‭ ‬السبعينيات‭ ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬لينين‭ ‬خادما‭ ‬عند‭ ‬فرانكو،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬للينين‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬خادما‭ ‬عند‭ ‬‮…‬‭ ‬شنقريحة‮!‬‭ ‬

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 20/12/2024