المغرب…بلد في تطور
«المغرب…بلد في تطور»، كان هذا موضوع المقابلة التي أجرتها الدكتورة كارمن سيسيليا مع الدكتور هيكتور ألفاريز غرسيا، أستاذ القانون الدستوري بجامعة «بابلو دي أولابيدي» بمدينة إشبيلية الإسبانية، يوم الخميس 07 نونبر 2024 ضمن برنامج تلفزي تحت عنوان: «نتحدث سياسيا» وقد أذيع على قناة كاراكس الدولية بنيويورك.
o o مقدمة البرنامج: شكرا دكتور. يسعدني تشريفكم لبرنامجي. أود أن أشكركم لأنكم قبلتم دعوة الحضور إلى هذا البرنامج للحديث عن المغرب. الحقيقة أنني كنت في المغرب، وعدت وأنا متيمة به. يا له من بلد جميل! يا له من شعب! يا له من بلد نظيف! لكن هذا الاحساس لربما قد ينتاب أي سائح زار المغرب. أنا ذهبت إلى المغرب في زيارة عمل لبعض الأيام. كنت في الدارالبيضاء، وفي بعض الأماكن الأخرى، وفي جبال الأطلس. رأينا كيف هو اقتصاد المغرب مزدهر؛ وشبكات الطرق ممتازة؛ وكيف أن الفلاحة تمثل 40 بالمائة من القوة العاملة للبلاد. لذا قلت أريد أن أدعو شخصا كان متواجدا بالمغرب. حضرتكم أستاذ كنتم في جامعة طنجة؟
د. هيكتور ألفاريز غرسيا: نعم، لقد حظيت بإقامة هناك تنضوي في إطار البحث العلمي بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة. وقد سنحت لي الفرصة أيضا بإلقاء بعض المحاضرات لفائدة طلبة الماستر والدكتوراه.
n n مقدمة البرنامج: رائع. إذن، قل لي دكتور ما هي طبيعة البنية القانونية للمملكة المغربية؟
د. هيكتور ألفاريز غرسيا: حسنا، حاليا يهيمن في المغرب دستور سنة 2011، الذي جاء نتيجة لمسلسل من الإصلاحات الديمقراطية والاجتماعية التي قادها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمشاركة المجتمع المدني وكذا المنظمات، وقد ساهموا جميعهم في صياغة النص الدستوري، وتمت المصادقة عليه في الأخير عن طريق استفتاء بأغلبية ساحقة بلغت 98 بالمائة من الأصوات الإيجابية، وبمشاركة 76 بالمائة من المواطنين.
وهذا يفيد أن النص الدستوري الجديد قد حظي بقبول واسع من قبل الشعب المغربي. وحسبما جاء في التعديل الدستوري أن المغرب دولة اجتماعية وديمقراطية، وشكل الحكم هو ملكية برلمانية. ولو سنحت لي الفرصة أستطيع أن أوضح بتفصيل دقيق وظائف السلطات العمومية.
وعليه، ماذا نقصد أن المغرب ملكية برلمانية؟ مفاده بالدرجة الأولى أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس يعين رئيس الحكومة، لكن البرلمان هو من يقوم بتنصيبه بأغلبية مطلقة من قبل مجلس النواب. وهذا يعني أن على رئيس الحكومة المثول أمام مجلسي البرلمان (مجلس النواب ومجلس المستشارين ) مجتمعين من أجل أن يعرض برنامجه السياسي الذي يعتزم تطبيقه في غضون خمس سنوات مقبلة، ويحصل على ثقة مجلس المستشارين أيضا بأغلبية مطلقة. وتبعا لذلك يتم تنصيب رئيس الحكومة في إطار الثقة البرلمانية.
إن أهم ما يميز النظام الدستوري المغربي هو الدور الذي يلعبه الملك، فصاحب الجلالة يمثل صمام الأمان للنظام. ويجب أن نأخذ في الاعتبار أن الملك يمارس وظائف دستورية سامية هي نتاج لشرعيته المزدوجة. فهو من ناحية، يحظى بشرعية ديمقراطية مستمدة بطبيعة الحال من المصادقة على دستور سنة 2011، كما أن له من ناحية أخرى أيضا شرعية دينية وتاريخية.
إن ما ينبغي علينا الإحاطة به في هذا الصدد أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس هو أمير المؤمنين، والضامن لحرية ممارسة الشعائر الدينية. فكما هو معلوم تتعايش في المغرب بشكل منسجم الديانات السماوية الثلاث، أي أن المسلمين، واليهود والمسيحين جميعهم يتعايشون في انسجام تام وسلام اجتماعي.
وبالطبع، من المهم أن نأخذ في عين الاعتبار أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس يعد أميرا للمؤمنين، لأن السلالة العلوية تنحدر مباشرة من النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والملك يمارس ريادة دينية ليس في المغرب فحسب، بل تمتد تأثيراتها في كل بقاع إفريقيا، وهذا مهم للغاية باعتبار أن صاحب الجلالة الملك يقوم بوظيفة تصدير ونشر رؤى التسامح والانفتاح التي يمتاز بها الإسلام في كل الدول الإفريقية، وذلك من خلال تكوين الأئمة والخطباء في المغرب، بحيث يتوافد على الدولة العلوية العديد من الطلبة الأفارقة من أجل التكوين المجاني في الإسلام المعتدل، الإسلام القائم على الاعتراف بالآخر، واحترام التنوع الديني الذي يعتبر في الحقيقة أساسي من أجل مكافحة الإرهاب والحركات الجهادية التي للأسف تنتشر على نطاق واسع في الساحل وتهدد أمن أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. من هنا نستشف بجلاء طبيعة المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتق إمارة المؤمنين.
بالإضافة إلى ما قيل، فقد خص الدستور الحالي العاهل المغربي بمجموعة من الصلاحيات السامية. ففي المقام الأول، نجد أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس هو رئيس الدولة وممثلها الأسمى في يخص العلاقات الدولية، وهو أيضا رمز وحدة الأمة والضامن لحوزة المملكة الترابية التي تعد بالأهمية بمكان بالنسبة للمغرب. كما أن الملك هو الضامن لدوام واستمرارية الدولة واستقلالها السيادي. ويمارس أيضا وظائف دستورية أخرى لا تقل أهمية عن سابقاتها، بحيث يسهر على صيانة الاختيار الديمقراطي، ويضمن الحقوق الأساسية للمواطنين داخل الدولة.
والآن سأتحدث عن بعض الخصوصيات التي تتسم بها الديمقراطية في المملكة المغربية.
o o مقدمة البرنامج: لكن أرى أنكم تنسبون للملك كل هذه الخصوصيات الدستورية فماذا عن البرلمان؟ ما هي الوظيفة التي يضطلع بها الجهاز التشريعي المغربي؟
n n د. هيكتور ألفاريز غرسيا: بالضبط، إنه سؤال جيد. يقوم النظام الدستوري للمملكة المغربية على أساس مبدأ فصل السلط، ومن ثم يمارس البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين) الوظيفة التشريعية، ويمارس كذلك الرقابة على السلطة التنفيذية التي تعد من أبرز صلاحيات الجهاز التشريعي.
فكما أوردنا ذلك سلفا أن نظام الحكم بالمغرب هو نظام ملكية برلمانية، وهذا يفيد أنه بالإضافة إلى أن رئيس الحكومة يتم تنصيبه من قبل البرلمان بعد حصوله على ثقة مجلس النواب بأغلبية مطلقة، فإن النظام البرلماني يتسم بخاصية أساسية هي أن البرلمان يراقب العمل السياسي للجهاز الحكومي، وذلك عبر مجموعة من الآليات الدستورية كتوجيه الأسئلة، والاستجواب، ومسألة الثقة وملتمس الرقابة الذي قد يفضي إلى إستقالة الحكومة استقالة جماعية.
وهكذا، نجد أن البرلمان المغربي يراقب عمل الجهاز التنفيذي، ويمارس السلطة التشريعية. لكن يجب أن نأخذ في الحسبان أيضا بأن العاهل المغربي يضطلع بوظيفة تعزز الزخم السياسي، وكل مقترحاته يتم توجيهها ومناقشتها عبر منبر المجتمع المدني. وتجدر الإشارة إلى أن هناك 250 ألفا من الجمعيات كلها تشتغل في المغرب، وهي معلومة غاية في الأهمية لكونها تعكس مدى الدور المحوري الذي يلعبه المجتمع المدني في تكريس الديمقراطية التشاركية.
على ضوء ذلك، نستشف أن المجتمع المدني في المغرب يمتاز بخصوصيات فريدة قائمة على التنظيم والتنسيق المحكمين، يعززها الحضور والمشاركة الفعالة للمواطنين في الشؤون العامة، وليس فقط الاقتصار على ممارسة التصويت كل خمس سنوات في مجلس النواب. والجقيقة أن نتاج هذا التفاعل الذي يتم داخل منظمات المجتمع المدني ينتقل منطقيا وبشكل طردي إلى أروقة البرلمان. فهذا الأخير له وظيفة حصرية تتمثل في المصادقة على القوانين، علاوة على مراقبته لسيرعمل الجهاز التنفيذي.
من جانب آخر، هناك بطبيعة الحال الجهاز القضائي الذي يتمتع باستقلالية تامة عن الجهازين التشريعي والتنفيذي، ويعد الملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية. ويعزى للجهاز القضائي مهمة إصدار الأحكام القضائية وتنفيذها.
o o مقدمة البرنامج: إذا كان الأمر على هذا النحو مثلما تفضلتم بوصفه دكتور، فلماذا هناك تصريحات وتساؤلات كتلك التي وردت على القناة تذهب إلى القول أن في المغرب استبداد؟ أطرح عليكم هذا السؤال وأنا أسمع منكم سردية تنفي وجود هذه الكلمة، فالذي تصفونه حضرتكم كدولة لا يحمل سمات الاستبداد. لماذا لدى الناس هذه النظرة على أن هناك استبداد في المغرب وقاس بالمناسبة؟
أريد أن أقول لكل من يكتب لي عبر البرنامج أنني كنت في المغرب، ولهذا السبب استدعيت الاستاذ الذي – علاوة على إطلاعه بالنظام المغربي – أريد أن أسمع منه: لماذا بنظركم أستاذ أن الناس يغلب عليهم هذا التصور على أن المغرب دولة استبداد وأن الملك يسود؟
n n د. هيكتور ألفاريز غرسيا: جيد. أنا أعتقد – لوسمحتم لي دكتورة كارمن سيسيليا – أن ذلك يعزى بالأساس إلى الجهل، والتضليل الإعلامي، وقد يكون مرده في بعض الأحيان إلى الافتراء. وبطبيعة الحال يجب معرفة البلد والعيش فيه. ومن المهم أيضا دراسة النظام الدستوري وأسس الديمقراطية في المغرب. ولإلقاء بعض الضوء فقط، فالنظام المغربي يتسم بالتعددية السياسية. ففي الواقع، يضم مجلس النواب ومجلس المستشارين أثنا عشر حزبا سياسيا، وهو ما يعتبر في حد ذاته تجسيدا للتنوع الإيديولوجي الذي يحظى به المغرب. كما أن المغرب هو دولة قانون، إذ أنه إلى جانب مبدأ فصل السلطات، يسود مبدأ مسؤولية السلطات العمومية.
على هذا الأساس، يقر الدستورالمغربي بالمعارضة السياسية ويعتبرها فاعلا سياسيا أساسيا في النظام، ويعترف بجميع حقوق المشاركة السياسية إن على مستوى المعارضة البرلمانية أوالمعارضة الحكومية.
وجدير بالذكر أن السمة البارزة التي تميز الديمقراطية الحديثة هي المساواة. إنها الالتزام الدستوري بتكافؤ الفرص، بالمساواة الحقيقية والفعلية، ومن ثم الالتزام بالحقوق الاجتماعية التي بإمكاننا التطرق إليها لاحقا إذا لم يكن لديكم أي مانع.
إذن، فأنا أعتقد أن الرأي العام الدولي يفتقد إلى معرفة تامة بمميزات المغرب وحقيقته السوسيوسياسية، ولعل ذلك هو ما يخلق هذا النوع من التصريحات التي أبداها المشاهدون وتفضلتم أستاذة بنقلها على مسامعنا.
o o مقدمة البرنامج: نعم. إذا كان الجانب القانوني يحترم حقوق الإنسان التي هي بالأساس غاية ما يسعى إليه هذا العالم، لأن احترام حقوق الانسان وعدم المساس بها أو خرقها يجعل المجتمع يعيش ويتفاعل بشكل جيد. فجميع البلدان قد تعرف انتشار الجريمة، وقد يسود فيها التفاوت الاجتماعي، لكن قطعا هناك احترام لحقوق الانسان. غير أنه عادة ما نجد أنظمة ملكية لا تحترم هذه الحقوق.
لكني كنت في المغرب، وهذا الكلام موجه إلى الأشخاص الذين كانت أسئلتهم تصب في خانة ما استفسرته من الأستاذ. أنا كنت في الدار البيضاء وتجولت في شوارعها وأزقتها. وفقط لأسوق مثلا، فالإحساس الذي انتابني وأن هناك بالدار البيضاء هو الأمن والطيبة الكبيرة للأهالي، وكل شي بدا لي نظيفا للغاية. لقد ذهبت إلى سوق المدينة واشتريت شيئا من التمر الذي كان شهيا جدا. كان كل التجار في السوق معتكفين على بيع بضاعتهم وليس هدفهم اختلاس الزبناء، وأنا بالطبع كما أبدو لحضرتكم من الصعب أن أشبه إمرأة مغربية. فأنا سيدة يبلغ طولها 1.80 متر، بيضاء جدا، وهم ليسوا كذلك البتة ويرتدون حجابا. وهناك أمر آخر: توجد حرية الدين، أنا مسيحية ولست مسلمة، ولم أواجه أي نوع من المشاكل علما أنني لم أكن أرتدي حجابا أو شيء من هذا القبيل. وهذا يعني أن جميع الديانات تتقاطع فيما بينها على أساس من الاحترام والمحبة والود.
أنا أقول هذا الكلام لأني عشته، فقد كنت هناك في المغرب، ولأجل هذا السبب بادرت بإنجاز هذا البرنامج. يجب على الناس أن تسافر إلى المغرب كي تتعرف عليه. كان أهم ما استرع انتباهنا في المغرب أنه بلد بمقومات اقتصادية هائلة. اقتصاد متوازن جدا وقائم على الدرهم كعملة للتدوال الوطني. وشعب يرى في صورة الملك رمزية وسيادة. حسنا، قد يقول قائل أن الأمر يتعلق بملكية ينصاع شعبها كليا لما يقوله الملك. إطلاقا، فالملك كما سبق وأن تفضل الدكتور بتوضيحه سلفا يتقاسم سلطاته مع البرلمان.
الآن أستاذ نريد أن تكشف لنا مقومات الاقتصاد المغربي، هل هي فقط الفلاحة؟ على اعتبار أنها تمثل 14 في المئة من الناتج الوطني الخام للدولة المغربية. ماذا ينتج المغرب إلى جانب ذلك؟
n n د. هيكتور ألفاريز غرسيا: جيد جدا. قبل الخوض في الجانب الاقتصادي، فقط ولختم حديثنا عن الآلية الموسساتية والدستورية وفق ما ذكرتم، نجد أن الدستور نفسه أشار وشدد على التزام المملكة المغربية بالدفاع عن حقوق الإنسان وحمايتها وتعزيزها.
بالفعل، إن المملكة المغربية تعتبر فاعلا رئيسيا في المنتظم الدولي، إذ أنها عضو في مجلس حقوق الإنسان، وتحظى بالولاية الثالثة داخل المجلس. ولقد صادق المغرب على كل المعاهدات والاتفاقيات المرتبطة بحقوق الإنسان. وبالتالي، فالمغرب كفاعل يحاول على الصعيد الدولي والداخلي تعزيز ودعم حقوق الإنسان لجميع المواطنين.
أما في ما يتعلق بالمسألة الاقتصادية التي تعد – من دون شك – ذات أهمية جوهرية بالنسبة لوضعية البلاد، فالحقيقة هي أن الاقتصاد المغربي يعرف ازدهارا. وفي هذا الصدد، من خلال رصدنا لبعض البيانات المتعلقة بذات الموضوع يلاحظ أنه في الـ25 سنة الأخيرة من حكم صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تضاعف الناتج الداخلي الخام ثلاثة أضعاف، كما أن هناك بعض التوقعات القائمة على أسس منطقية معقولة تؤكد أن هذه النسبة قد تتضاعف في غضون عشر سنوات مقبلة.
كل ذلك يكشف لنا بجلاء قوة الذرع الاقتصادي للمغرب. فالاقتصاد الحالي لهذا البلد هو أساسا اقتصاد مستدام، يدعو إلى هذا التحول الطاقي البالغ الأهمية. كما أن الاقتصاد الأزرق أساسي بالنسبة للمملكة العلوية. وينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن المغرب يحتوي على 3500 كيلومترات ساحلية، وهو ما يضمن له ما يفوق عن مليون كيلومتر مربع من المنطقة الاقتصادية الخالصة بغرض استغلال كل موارد الثروة السمكية. وتعد مناطق صيد الأسماك الواقعة في الأقاليم الجنوبية بالصحراء المغربية ذات أهمية كبيرة.
وبالإضافة إلى صناعة المعلبات والفلاحة، تحظى السياحة بقدر كبير من الأهمية. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن المغرب يعد البلد السياحي الأول في إفريقيا، يستقبل سنويا إثنا عشر مليون سائح، وهو رقم يؤهله لأن يحتل الصادرة الإفريقية على مستوى استقطاب السياح.
ثم إن المغرب يراهن على الفلاحة المستدامة التي تعد على قدر كبير من الأهمية في سبيل ضمان الأمن الغذائي الذي أصبح يمثل أحد التحديات الكبرى في القرن الواحد والعشرين. بيد أن هذه الفلاحة المستدامة المغربية لا يمكن لها أن ترى النور إلا مع وجود سبل أمن مائي.
الحقيقة أن المغرب يواجه تحدي نذرة المياه، ولأجل هذا الغرض بادرت الدولة بإعطاء انطلاقة عدة مشاريع عمومية. ومن الإهمية بمكان «طرق السيار المائية» التي تهدف إلى ربط مختلف الأحواض المائية لاسيما الكبرى منها، ومحطات تحلية مياه البحر. من ثم، فالأمر يروم في مجمله إقامة مجموعة من البنى التحتية لخدمة الانتاج الزراعي.
من المهم أيضا الحديث عن مناجم الفوسفات المتواجدة في الأقاليم الجنوبية الصحراوية المغربية. فهذه المنطقة تتوفرعلى أضخم احتياطات الفوسفات في العالم، وهو ما أهل المغرب لأن يكون ثاني منتج لهذا المصدر الطاقي على الصعيد العالمي. كما أن الأسمدة في حاجة إلى الفوسفات لتزويد النباتات وجعل الفلاحة أكثر نماء وازدهارا.
ينضاف إلى ذلك كله أن المغرب حاليا يستثمر في الهيدروجين الأخضر الذي يعتبر مصدرا طاقيا نقيا ومستداما سيحل محل الوقود الأحفوري. كما أن الهيدروجين الأخضر يمكن استعماله أيضا لتصفية مياه الصرف الصحي (المياه العادمة)، كما قد يستخدم في الفلاحة. وبطبيعة الحال هناك استثمار قوي ليس فقط من طرف المغرب، وإنما أيضا من قبل دول أخرى وشركات خاصة في الطاقات المتجددة التي تعد أساسية من أجل إنجاز مشروع الهيدروجين وتحقيق التطور الصناعي. كذلك تتواجد بالأقاليم الجنوبية المغربية محطات للطاقة الريحية، ومحطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية، ما قد يرتقي بالبلاد بأن تصبح في مصاف الدول المصدرة للطاقة.
وعليه، يمكننا القول أن المغرب يستقبل استثمارات أجنبية هائلة مرتبطة بالنشاط الاقتصادي والصيد البحري والطاقات المتجددة. كما ولديه التزامات كبرى من أجل ضمان الأمن الغذائي ليس للأمة المغربية فحسب بل أيضا لجميع دول الساحل الذين تربطهم بالمغرب علاقة أخوة. لذلك، نجده يسعى بشكل مواز إلى تحقق الأمن الغذائي لشعوبها هذه البلدان وازدهارها، وذلك من خلال تسهيل عملية حصولهم على الأسمدة والبذور ومختلف أنواع المواد التي تحتاجها هذه البلدان في وضعية إقتصادية مزرية.
كذلك يحضر الحديث عن ميتاء الداخلة في الأقاليم الجنوبية للمغرب بالنظر للأهمية الكبرى التي يمكن أن يحظى بها في تعزيز التجارة بين قارتي إفريقيا وأمريكا، والذي سيبدأ نشاطه في غضون السنوات القليلة المقبلة. وتعتبر هذه المبادرة الملكية الأطلسية ذات أهمية قصوى ليس للمغرب فقط وإنما لجميع دول الساحل في سبيل منحهم ممرا تجاريا مع كل بلدان القارة الأمريكية، مع ما يمثله هذا كله من التاحية الاقتصادية.
علاوة على ذلك، ينبغي التشديد على مدى أهمية ميناء طنجة «طنجة – ميد»، إذ يعد الميناء الأول على الصعيد الإفريقي، وقد انضم هذه السنة إلى قائمة عشرين أكبر موانئ العالم، بفضل عدد الحاويات وسعة معالجتها سنويا. الحقيقة هي أن ميناء طنجة يعتبر جوهرة التاج الملكي المغربي، هذه الميناء الذي سنحت لي الفرصة بزيارته عندما كنت مؤخرا هناك في طنجة. إن مشاهدة هذا الميناء أمر مذهل للغاية، خصوصا في المساء، يظهر وكأنه الميغالوبوليس. إنه حقا رائع.
حسنا، عموما إن اقتصاد المغرب اقتصاد مزدهر جدا، لاسيما وأنه يستقطب الكثير من الإستثمارات الأجنبية من قبل فرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
o o مقدمة البرنامج: أريد أن أطرح عليكم سؤالا، على سبيل المثال حضرتكم قلتم – وهذا أيضا مدون في دفتر ملاحظاتي- أن 40 في المائة من الشعب المغربي يتعاطى النشاط الفلاحي، فماذا عن 60 في المائة الأخرى المتبقية، ماذا تمتهن؟
n n د. هيكتور ألفاريز غرسيا: نعم، النشاط الاقتصادي في المغرب يعرف تنوعا كبيرا. كما سبق وأشرنا إلى ذلك يحظى الصيد البحري بأهمية كبرى لاسيما في الأقاليم الجنوبية الصحراوية. إنها في الحقيقة مناطق صيد الأسماك الهائلة جدا. وبالفعل نجد أن بعض هذه المناطق ترسو فيها سفن صيد تابعة للدول الأوروبية بموجب اتفاقيات اقتصادية بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
وكما أسلفنا ذكره أيضا هناك قطاع المناجم الذي يعرف إنتاجا ضخما للفوسفات المتواجد أيضا بالصحراء الأطلسية، ويحتوى على أكبر الاحتياطات المنجمية في العالم. وبالتالي، هناك أنشطة مرتبطة باستخراج الفوسفات تساهم – تواليا – في خلق مناصب شغل للعديد من المواطنين. كذلك يجري الحديث عن صناعة قطاع السيارات، وفعلا لدى إقامتي بطنجة تعرفت عن كثب على هذه الأنشطة الصناعية الضخمة من صنع وتجهيز أجزاء السيارات.
أما بخصوص السياحة فالمغرب يعتبر البلد الإفريقي الأول في استقطاب السياح، بمعدل 12 مليون سائح سنويا. ومن المنطقي أيضا أن يساهم هذا في إنعاش الأنشطة الفندقية، علاوة عن كونه يشكل موردا لا يستهان به في التشغيل.
ثم هناك بطبيعة الحال مسألة الاهتمام بالطاقات المتجددة، وبشكل بارز في الأقاليم الجنوبية، حيث عرفت الآونة الأخيرة إعطاء إنطلاقة إنشاء العديد من محطات الطاقات الريحية والشمسية.
كتحصيل حاصل، كما رأينا أن الاقتصاد المغربي جد متنوع، ويمكننا القول أن ذلك يعد عاملا هاما للغاية في ما يخص خلق فرص العمل اللائق والتقني. إذن فالنشاط الاقتصادي ليس محصورا فقط على الفلاحة، وإنما تعتمد البلاد على الأنشطة الصناعية مثل نشاط الطاقة الريحية وكذا الأنشطة المنجمية وقطاع صناعة السيارات.
مقدمة البرنامج: أنا قد أضيف على الذي أوردتم صناعة النسيج والجلد. فلقد سنحت لي الفرصة أيضا بالتواجد في مقاولة لصناعة النسيج، وكنت مندهشة جدا للعمل اليدوي الذي كان يزاوله أولئك الناس وهم يعالجون جلد البقر والمعز وكيف كانوا يحولونه ويجعلونه يأخذ قالبا.
كان الأمر مثيرا للإهتمام، وأنا أجزم أنه بالفعل يتوفر المغرب على اقتصاد مزدهر. فقد كنت أتواجد بالمدينة القديمة للدار البيضاء، والمدن القديمة هي التعبير الحقيقي للشعب. وكان مثيرا للدهشة أيضا الأوقات التي يخصصها أبناء المدينة لتناول القهوة، وتلك التي ينكبون فيها على العمل، وكيف أنهم كانوا يولون عناية خاصة للسياحة.
عدت وبي انطباع لا أدري إن كان حقا صائبا، وهو أن هؤلاء الناس على درجة من الوعي بقيمة السياحة، متأهبون لهذا النشاط، ويشعرون بالإعجاب في سبيل عرض وإبراز التطور الذي يعرفه بلدهم. وهذا يقودني إلى السؤال التالي: من أجل التأكيد على أنه بلد بالشكل الذي وصفتم، أن له ملك، وأنه يعتمد على نظام ملكية برلمانية تسير بانتظام، وأنه بلد يبلغ ناتجه الخام الوطني 14 في المائة، بلد الفلاحة والنشاط الفندقي، ويملك آليات لتزويد البلاد والقدرة على التصدير. كما أن لديه الموانئ التي أشرت حضرتك إليها ببنية تحتية عصرية جدا، أنا أتصور بأن التعليم يسير في خط مواز مع تنمية البلاد. حدثنا قليلا عن المنظومة التعليمية بالمغرب.
د. هيكتور ألفاريز غرسيا: جيد، في الحقيقة إن التعليم يعتبر ركيزة أساسية للتطور الاقتصادي للبلد. وبالفعل، تقوم الدولة المغربية بمجهودات جبارة في هذا الصدد، وأحرزت تقدما ملموسا على مستوى التكوين الأكاديمي بالنسبة لعموم المواطنين المغاربة.
في الواقع تتسم الجامعات العمومية في المغرب بكونها مجانية، بمعنى أن الطلبة ليسوا ملزمين بدفع رسوم التسجيل، وهذا في حد ذاته يعتبر عنصرا أساسيا لتعزيز تكافئ الفرص التي سبق وتحدتث بشأنها، لأنه بالمحصلة يبقى التعليم الرافعة الاقتصادية الإساسية، وبفضل التكوين الأكاديمي يستطيع الفرد أن يحسن من ظروفه المعيشية، ويقدم الإضافة لبلده.
على هذا المنوال إذن، تقوم الدولة بعمل جبار لاسيما على مستوى جلب الاستثمارات. ولدي هنا معلومات تفيد أنه بخصوص الميزانية العامة للدولة لهذه السنة 2024 م، فقد تم استثمار 6800 مليون يورو في قطاع التعليم. ويعد هذا من دون شك عنصرا أساسيا بالغ الأهمية من أجل بناء المدارس والمعاهد والجامعات و تعزيز وحدات التدريس…
وعليه، إنه بلد يستثمر كل سنة نسبة تصاعدية من الناتج الوطني الخام في التعليم،. بحيث أن هناك وعي واضح وتآزركبير يحث المجتمع ككل والنسيج المقاولاتي للرفع من مستويات التكوين لفائدة جميع المواطنين.
مقدمة البرنامج: لماذا لا نعلم في هذا الجزء من العالم عن المغرب؟ فبالنسبة لي – على سبيل المثال – كان البحث هو من دفعني للذهاب إلى المغرب بطبيعة الحال، لأنني إنسانة فضولية يستهوني البحث. فمثلا أنا ذهبت إلى مليلية التي تعد كنزا في القارة الإفريقية، هي إسبانية. وقد بقيت مندهشة لما استرعاني في مليلية: كيف هي مشيدة، مدينة إسبانية رائعة تراهن على التنمية الاقتصادية لازدهار البلدة. لكن ما إن ذهبت إلى المغرب حتى انتابتي المفاجأة ذاتها.
هذه الأمور حسب نظركم وأنتم تسافرون، الآن حضرتكم تتواجدون في البيرو، وكنتم في المغرب، وسوف ترحلون صوب إسبانيا، ومازلتم تنقلون إلينا تجاربكم، لماذا لا يعرف المغرب من هذا الجانب؟ فالاستثمارات متوفرة، أنتم تحدتثم عنها وأنا رأيتها رأي العين. إنهم يتوفرون على مراكز تجارية هائلة، ويحظون باستثمارات فرنسية وإسبانية، وهناك فضول أمريكي يأخذ شكل جس للنبض لجلب الاستثمار أليس كذلك؟ لكن الاستثمارات الفرنسية والإسبانية تبقى استثنائية. لماذا يا ترى حسب اعتقادكم لم يعرف المغرب بوثيرة أسرع؟
د. هيكتور ألفاريز غرسيا: حسنا، فعلا يعتبر المغرب قبلة لاستثمارات هامة جدا ليس فقط من لدن إسبانيا وفرنسا بل أيضا من الولايات المتحدة الأمريكية. هناك استثمارات كبيرة مخصصة للبنى التحتية الحيوية، لاسيما في “القطار فائق السرعة” (TGV)، الذي يمتد على مسافة مئات الكيلومترات في الأراضي المغربية ناهيك عن الزيادة في خطوط السكك الحديدية.
كذلك يتوفر المغرب على البنى التحتية لشبكات الطرق الوطنية والطرق السيارة ذات الصيانة العالية الجودة والتي سنحت لي الفرصة السير في بعض منها. وفي الحقيقة يمكنني القول أنها طرق ذات مستوى عال لاسيما في ما يتعلق بحالة هذه الطرق وإمكانية التنقل بالسيارة عبر خطوطها.
كما وتقوم الدبلوماسية المغربية بمجهودات كبيرة وعمل دؤوب لتعزيز حضور المغرب في القارة الإفريقية. وهنا يجب علينا الآخذ في الحسبان ما للثقافة الأندلسية بجنوب إسبانيا من تأثير قوي على كل بلدان شمال إفريقيا تحديدا، وهذا – بالتبعية – يزيد من وحدة وترابط المغرب بأمريكا اللاتينية وبالقارة الأمريكية، بحيث هناك أيضا روابط لروافض ثقافية من خلال هذه الثقافة الأندلسية.
في واقع الأمر، كل ذلك يعد عملا جبارا يستوجب أن يكون محط دراسة أعمق، لما يحظى به من أهمية كبرى. وأعتقد أنه بحلول عام 2027 م ستنتهي أشغال ميناء الداخلة الضخم في الأقاليم الجنوبية بالصحراء الأطلسية المغربية. وسيكون هذا الميناء بمثابة المفتاح الذي سيمكن كل بلدان القارة الأمريكية من أن تنفتح وتمد جسور التواصل مع المغرب ودول الساحل جنوب الصحراء.
وسيمثل هذا بدوره عنصرا مساهما في تقوية الحضور المغربي في كل القارة الأمريكية. ومن دون أدنى شك كما هي طبيعة الأمور جميعها، لا بد أن تتكاثف عمليات التنسيق والمساهمة لبلوغ هذا المراد. وفي الواقع، إن هذه المقابلة من شأنها المساهمة في أن يصبح المغرب معروفا في القارة الأمريكية، وفي نهاية المطاف قد يحفز الناس على زيارته.
من هذا المنبر أدعو جميع الحضور الكريم في برنامجكم أستاذة أن يخصصوا بعضا من أيامهم أو أيام العطل للسفر إلى المغرب. لاشك أنه ستنتابهم الدهشة لما عليه هذا البلد من الحداثة والازدهار وحفاوة وكرم الشعب المغربي. إنهم في الحقيقة أناس طيبون استقبلوني بالأحضان، كل شيء بدر منهم كان عنوانه الكرم، والدعم، ومد يد العون. المهم أن هذه الزيارة ستنال إعجابكم كثيرا.
وهكذا، فالزيارة التي بإمكانكم القيام بها تجاه المملكة المغربية ستسركم كثيرا وسوف تكتشفون بلدا رائعا، مزدهرا جدا. وأنا أتوقع أنه في غضون قادم السنوات سيصير المغرب واحدا من البلدان الرائدة في المنتظم الدولي، بحكم ما وصل إليه من تقدم كبير وتطور اقتصادي وحداثة.
مقدمة البرنامج: سأنهي هذا اللقاء بذكر أهم مظهر أحبذه أكثر في الدول، إذ أن كل هذه المظاهر السالفة الذكر مهمة للغاية: المظهر الاقتصادي، المظهر التعليمي، المظهر السياسي. الحقيقة أنه ينتابك شعور أنك لا تساهم في دعم دولة استبدادية أو ديكتاتورية كما هو الحال في كوبا، فنزويلا، أو في نيكاراغوا. فيما يخص الجانب القانوني دكتور، حديثنا عن هذا الجانب، هذا الأمن القانوني، ليس فقط من حيث الاستثمار وإنما أيضا من حيث الجريمة والنظام ومن حيث كل ما تتوافر عليه الدولة المغربية للسهر على حماية المواطنين.
فعلى سبيل المثال، عندما أتحدث عن الأمن في الولايات المتحدة الأمريكية أرى أن هذا البلد جعلني أوقن أنني أستطيع التجول في الشارع على الساعة الثلاثة فجرا بكل أمان كما لو كنت أفعل ذلك على الساعة التاسعة، وأنه بإمكاني الذهاب إلى البنك من دون أن أتعرض لأي مكروه. لا غرو أن هناك علامات ومؤشرات لحدوث النقيض، بحيث يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية 350 مليون نسمة، لسنا جميعا طيبون والعكس صحيح، لكن هناك توازن: الجريمة والمنظومة السجنية والنظام القضائي؛ منظومة العدالة هاته تمنحني الأمن، كما يقال “من يرتكب فعلا مجرما يدفع الثمن”. هل الأمر على نفس المنوال في المغرب؟
د. هيكتور ألفاريز غرسيا: بالضبط دكتورة كارمن سيسيليا، الحقيقة هي أنه قد سنحت لي الفرصة بالتواجد مؤخرا في المغرب لمدة تزيد عن شهر، وهو بلد آمن للغاية وذلك نتيجة للاستثمار الذي تخصصه الدولة لقوات الأمن وأجهزتها. فالمملكة المغربية آلت على نفسها الالتزام باحترام الحقوق الأساسية للمواطنين، ويدخل في ذلك بطبيعة الحال المحافظة على حياتهم وسلامتهم الجسدية وحرياتهم. وكما هو معلوم يتوفر المغرب على قانون جنائي عادل وقائم على مبدأ التناسب، ولكنه أيضا قانون صارم قطعا بما يضمن أن ارتكاب الجرائم يستوجب عقاب ردع عادل.
وأستطيع أن أجزم لكم أستاذة ولضيوفكم الكرام حتى تكونوا على دراية بالأمر، أن المغرب بلد آمن للغاية، بمؤشر جريمة منخفض جدا. وحسبما ذكر لي بعض الأساتذة الذين تحدثت معهم مطولا أنه قلما توجد جرائم قتل أوعنف جسدي وأن أغلب الجرائم المرتكبة تأخذ شكل جرائم الاعتداء على ممتلكات الغير.
إذن، إنه بلد آمن جدا ومن المنطقي أن تكون له قوات وأجهزة أمنية متنوعة كما تقتضي الضرورة من أجل توفير الأمن ليس للمواطنين المغاربة فحسب وإنما أيضا لجميع الناس الذين يأتون في زيارة للمغرب.
وفي السياق ذاته، إن شروط العيش والاستثمار والسياحة في المغرب استثنائية للغاية، إذ أن هناك أمن شامل ومطلق وسلطة قضائية مستقلة، وهي أمور ذات أهمية بالغة ينبغي التشديد عليها. فالسلطة القضائية ترتبط حصريا بسيادة القانون، وهذا من جانبه يعطي ضمانات قوية للاستثمار ولحقوق وحريات المواطنين.
مقدمة البرنامج: لا شك في أنه طالما لدينا دولة يتجسد فيها مبدأ فصل السلطات، وطالما لدينا دولة ترعى شؤون مواطنيها، وتمنح لهم شروط الأمن، وإلا وصارت دولة استثمار.
لجميع الناس الذين كتبوا لي عبر البرنامج، تسرني كثيرا كتاباتكم وما أطلعتموني عليه من هواجس ومخاوف إزاء المغرب. لأجل ذلك استدعيت الدكتور لأنه بدى لي غريبا كل ما سمعته. عندما كنت على أرض الواقع في المغرب لم أرى البتة شيئا من هذا القبيل. فعلى سبيل الاستعارة قد يقول قائل أنني كنت أتمشى على الرصيف المقابل، لكني في الحقيقة مشيت على الرصيفين معا وفي كلتا الاتجاهين.
وهكذا، لكي أودعكم دكتور، أود أن أنهي هذا البرنامج ومداخلتكم هذه برسالة إلى كل الحضور مجتمعين، لدينا أشخاص من البيرو، ومن الأرجنتين، وبطبيعة الحال من نيويورك، ونيوجرسي مع إريك، ومن ميامي، ومن ألمانيا ومن إيطاليا وأيضا من كولومبيا، كيف يمكننا إنهاء هذا البرنامج بقول الحقيقة عن المغرب بكل أريحية؟
د. هيكتور ألفاريز غرسيا: حسنا، أنا أعتقد أنه بإمكاننا إنهاء هذا البرنامج من خلال دعوة الجميع للتعرف على المغرب والتخلي عن أي نوع من الأحكام المسبقة والتصورات النمطية التي لربما تسربت إلى مخيالهم كنتيجة لمقال ما قرؤه أو حديث سمعوه في مقابلة صحفية ما أو شيء من هذا القبيل…، وأن يعطوا لأنفسهم فرصة زيارة المغرب والتعرف عليه، وأنا أؤكد لكم أنكم لن تندموا أبدا وسوف تكتشفون بلدا استثنائيا.
مقدمة البرنامج: دكتور، لقد كان من دواعي سروري استضافتكم في البرنامج. أتمنى أن نلتقي مجددا وأن يكون اللقاء هذا المرة في المغرب.
د. هيكتور ألفاريز غرسيا: شكرا جزيلا دكتورة كارمن سيسيليا. إنه لمن دواعي سروري وامتتاني المساهمة معكم.
مقدمة البرنامج: كل ما قاله الدكتور كان ببساطة مدهش، لأن هناك العديد من الناس الذين لديهم تخوفات ولا يدخرون جهدا في التعبير عنها. هذه هي الحقيقة، لذا إرتأينا أنه من الأجدى عرض هذا النوع من البرامج. أنا كنت في المغرب، وتجولت في مدنه ولا أحد حكى لي.
بالنسبة لي، لقد أثار إعجابي المغرب: تنوعه، وشعبه ومدى احترامه. في كل بلدان العالم سواء الديمقراطية منها أوالملكية توجد تفاصيل وخصوصيات. الملك محمد السادس يساعد شعبه. كونوا على يقين تام بأن المغرب هو دولة حق وقانون. هذا الكلام لا أقوله أنا، وإنما أخبرنا به أستاذ من جامعة إسبانية، كان في المغرب وقضى وقتا ليس بالهين هناك. وقد اضطلع عن كثب على هذا البلد وحاول أن يتقاسم تجربته التي عاشها مع كل واحد يستفسر ويود أن يعرف أكثر عن المغرب.
إن المغرب – حسب رأيي وتجربتي الشخصية – هو بلد ينبغي على المرء زيارته والتنقل عبر مدنه للاستجمام والتمتع. إنه مزيج من الألوان الذي لا يقتصر على طريقة لباس الشعب المغربي فحسب، بل يتعداه ليشمل أيضا أطباق الطعام وما يحظى به هذا البلد من تنوع حضاري فريد.
(*) طالب باحث في سلك الدكتوراه من جامعة محمد الخامس الرباط أكدال