كلمة .. وزراء عقدة الأجنبي 

محمد الطالبي talbipress@gmail.com

جرت العادة في المغرب على ذكر فرنسا كنموذج يُحتذى به، حتى داخل قبة البرلمان وفي جلسات تشريعية، حيث لجأ الوزير في الجلسة الأخيرة لذكر فرنسا باعتبارها دولة ديمقراطية. لكن هذا لا يتناسب مع بلد يتحدث عن تفرد نموذجه، الذي يسعى إلى بنائه من خلال حوار وطني شمل مختلف الفعاليات، بهدف التوصل إلى نموذج تنموي خاص ومتفرد يتلاءم مع خصوصيات المغرب. المقارنة المستمرة مع دول أخرى، مثل فرنسا، قد تفرغ النقاشات السياسية من مغزاها، وتُضعف من قدرة المغرب على تقديم نفسه كدولة ذات خصوصيات تنموية وثقافية واضحة.
من المهم أن نتساءل عن عقدة «الأجنبي» التي قد تسود في بعض الأوقات، حيث يُنظر إلى الدول الأخرى على أنها مرجعية أو معيار للنجاح. الحكومة تمثل السيادة السياسية للوطن، وبالتالي من واجبها أن تتبنى سياسات تركز على تعزيز الهوية الوطنية وتنميتها، بعيدًا عن فكرة الاقتداء الدائم بالأجانب. هذا التوجه يساهم في تعزيز الثقة في القدرات الوطنية والمضي قدمًا نحو بناء دولة قوية ومستقلة، تستند إلى خصوصياتها وثقافتها وتجاربها الخاصة.
وفي هذا السياق، يجب على الوزراء أن يكونوا قدوة للمواطنين، لا أن يظهروا وكأنهم منبهرين بالأجنبي، سواء كان ذلك فرنسا أو غيرها. المسؤولون يجب أن يعكسوا قيم الوطن، ويقودوا البلاد بسياسات ترتكز على احترام خصوصياته وثقافته. إذا كان الوزراء يروجون لفكرة أن النموذج الأجنبي هو الحل الأمثل، فإن ذلك قد يؤثر سلبًا على الثقة في النظام الوطني وقدرته على إيجاد حلول تناسب المجتمع المغربي.
وفي الوقت ذاته، عدد من الوزراء يميلون إلى التواصل بلغة أجنبية، وهو ما يتناقض مع الدستور المغربي الذي ينص على ضرورة تعزيز اللغة العربية والأمازيغية كقيم وطنية أساسية. عندما يتم التحدث بلغة أجنبية بشكل مستمر في المجال الرسمي، فإن ذلك يعكس عدم تعظيم شأن الهوية الوطنية ويهدد بتقليص أهمية اللغتين الرسميتين في الحياة اليومية والمجالات السياسية. الحفاظ على لغة الوطن، وتقدير قيمه، هو مسؤولية تقع على عاتق كل من يمارس العمل السياسي.

الكاتب : محمد الطالبي talbipress@gmail.com - بتاريخ : 26/12/2024