القضية الوطنية: ثلاثة متطلبات على جدول أعمال 2025
مصطفى العراقي
لتكن 2025 سنة تنجز فيها القضية الوطنية خطوات حاسمة في سياق تعزيز مغربية الصحراء وتقوية نسيج الوحدة الترابية٠ فهي سنة تخلد مرور خمسين سنة على منجز المسيرة الخضراء، الإبداع الذي نتج عنه رحيل الاستعمار الإسباني، وإحباط المخططات التي كانت تستهدف المغرب.
لتكن سنة 2025 نهاية مرحلة وبداية مرحلة.
هناك ثلاثة متطلبات محتملة بل يبدو أنها نضجت وحان قطافها ووضعها في سلة المكتسبات التي دأب المغرب على تحقيقها خاصة في العشرين سنة الماضية.
أول هذه المتطلبات تتمثل في إخراج قضية الصحراء من اللجنة الرابعة ولجنتها الفرعية الخاصة، وبالتالي من جدول الأعمال السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة. فالمغرب هو الذي سجل القضية سنة 1963 في اللائحة التي اعتمدتها المنظمة الدولية بعد أن أصدرت قرارها 1415 في 14دجنبر 1960، لقد مرت ستون سنة على أول قرار للجمعية في 16 دجنبر 1965، والذي كان يحمل عنوان «مسألة أفنى والصحراء الإسبانية»، قبل أن يصبح قرارا يهم «الصحراء الإسبانية «، بعد أن استرجع المغرب إقليم افني في يوليوز 1969 ف «الصحراء الغربية « منذ سنة 1976 ، وهو عنوان ذو حمولة جغرافية ليس إلا.
لم يعد لقرارات الجمعية جدوى اليوم، شأنها شأن قرارات مجلس الأمن التي تعتبر، ومنذ أكثر من عقد ونصف، بأن مقترح المغرب المتعلق بالحكم الذاتي مقترح جدي وذي مصداقية. وقد دعمت الاعترافات المتوالية لعدد من الدول بمغربية الصحراء هذا المقترح، ونذكر هنا، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كلا من إسبانيا وفرنسا، القوتان الاستعماريتان بالمنطقة، ولهما من الوثائق والأدلة ما يؤكد الحق التاريخي المغربي.
لقد اتضح اليوم أن موضوع الصحراء هو نزاع إقليمي بين المغرب والجزائر ، هاته الأخيرة التي افتعلت هذا النزاع في بداية سبعينيات القرن الماضي من جهة كي تبعد المغرب عن المطالبة بالصحراء الشرقية التي اقتطعها الاستعمار الفرنسي من بلادنا وألحقها بجارتنا الشرقية في خمسينيات القرن الماضي، وافتعلته من جهة ثانية لإضعاف المغرب، معتقدة أن ذلك سيلبي روح الهيمنة الإقليمية التي تسكن مؤسستها العسكرية.
اتضح اليوم أن الجزائر تنهج استراتيجية اللاحل وإطالة أمد النزاع. بل إنها تتعمد تبني كل الخيارات التي أثبتت الوقائع استحالتها وأحيانا تطرح خيارات عبثية مثل تقسيم الصحراء، كما حدث أثناء ولايتي المبعوثين الشخصيين جيمس بيكر وديميستورا…
إن استمرار ملف الصحراء بين يدي الأمم المتحدة هو اليوم مجرد خدمة لاستراتيجية اللاحل التي تتبناها وتتشبث بها الجزائر.
ثاني المتطلبات أنه آن الأوان لإعمال الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب في أبريل 2007. فهناك اليوم نخبة وكفاءات بالأقاليم، نخبة خبرت تدبير الشأن العام منذ 1976 وأنجزت الجماعات الترابية، إن على المستوى الجهوي أو المحلي، منجزات حققت معها هذه الأقاليم قفزة تنموية جد مهمة .
إن مقترح الحكم الذاتي يرعب الجزائر لأنها تعرف مصداقيته وأن مجلس الأمن يشيد به في كل قراراته الصادرة منذ 2007. لذلك نراها من خلال خطاب رئيسها عبد المجيد تبون واللقاء الصحفي لوزير خارجيتها أحمد عطاف، قبل أيام، تهاجم، وبشراسة، هذا المقترح وتدعي أنه «خرافة» ومجرد «اقتراح فرنسي».
لا يمكن للمغرب أن يرهن الأوراش التنموية الإقليمية والقارية التي ينجزها باستراتيجية اللاحل التي تتبناها الجزائر، على بلادنا أن تضع بجدول أعمال السنة الجارية وضع مقترح الحكم الذاتي على سكة التنفيذ.
ثالث المتطلبات هو ضم المناطق الواقعة شرق الجدران الأمنية وإلحاقها بشكلٍ نهائي بالمغرب، وبالتالي وضع حد لتواجد ميليشيات تحركها الجزائر كإحدى أذرع جيشها، الذي يوفر لها «اللوجستيك» . على الأقل أن نسترد ما يسمى بالمنطقة العازلة بين الحدود المغربية والموريتانية. وهنا لا بد من الإشادة بما تبذله القوات المسلحة الملكية من حرص ويقظة لحماية التراب الوطني، وبالعمليات النوعية التي توجع هذه الميليشيات. ويبدو أن التطورات السياسية الأخيرة خاصة بعد زيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني ولقائه بجلالة الملك محمد السادس قد وضعت هذا المتطلب على مائدة الحسم.
هذه متطلبات سنة 2025، ونتمنى أن تكون احتفالات المغرب بمرور نصف قرن على ملحمة المسيرة الخضراء في 6 نونبر القادم مناسبة كذلك للاحتفاء بإنجاز هذه المتطلبات.
الكاتب : مصطفى العراقي - بتاريخ : 06/01/2025