مهدي مزواري: شيوخ السلفية النقابية تفاوضوا وتآمروا على حقوق العمال والأجراء
يوسف إيذي: نطالب وزارة الداخلية أن تعيد النظر في نمط الاقتراع الخاص بالمناديب في القطاع الخاص
أمين السملالي: نحن نمر بمرحلة حساسة تتسم بتزايد الضغوط على القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة
شهد مسرح عفيفي بالجديدة عرسا نضاليا فيدراليا، صباح أول أمس الأحد، بحضور مناضلات ومناضلي الفدرالية الديمقراطية للشغل وضيوفها، في مشهد احتفالي بين قيدومي العمل النقابي والسياسي والجمعوي والشبيبي بالإقليم والمناضلين الحاليين المزاولين في صفوف الطبقة العاملة، يتقدمهم أعضاء المكتب السياسي، المهدي مزواري، يوسف إيذي، المهدي الفاطمي، حنان رحاب، وعبد لله الصيباري، وأعضاء الكتابة الوطنية للنساء الاتحاديات، وأعضاء المكاتب الوطنية للقطاعات المنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل، والعديد من مسؤولي الاتحادات المحلية بالجهة والقريبة من الإقليم، في افتتاح المؤتمر الإقليمي بالجديدة تحت شعار: «تنظيم قوي ونضال مسؤول لتحصين مكتسبات وحقوق الشغيلة المغربية».
وافتتح المؤتمر الإقليمي للفيدرالية الديمقراطية للشغل بالجديدة، المهدي مزواري بتحية خاصة وبتكليف خاص من الأستاذ إدريس لشكر والمكتب السياسي، للمؤتمر، ولجميع الحاضرين في هذا المسرح، مبرزا الأهمية التي يوليها الكاتب الأول لمدينة الجديدة، «تاريخيا للحزب والمدينة علاقة نموذجية، حزبيا ونقابيا، وعلى عدد من الواجهات، لأن إقليم الجديدة كان يقدم النموذج في البناء والتأسيس، وفي النقاش وفي عدد كبير من المحطات التي عرفها حزبنا وفي التنظيم النقابي من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وإلى غاية تأسيس البديل النقابي، جئنا إلى مدينة الجديدة بمؤتمر نموذجي الذي يعتبر منطلق المؤتمرات الإقليمية على المستوى الوطني للفيدرالية الديمقراطية للشغل».
وقال المزواري، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية:» منذ انعقاد المؤتمر الأخير للفيدرالية الديمقراطية للشغل، أصبح جليا أن العلاقة بين الفيدرالية والحزب تنبني على خدمة المصالح العامة للمجتمع والفئات التي يمثلها الحزب والنقابة معا. ومن هذا المنطلق، نجد أن النقابة تقف في صف واحد ضمن جبهة الدفاع عن حقوق المواطنين والعمال. بالمقابل، نلاحظ أن هناك نقابات مرتبطة بأحزاب أخرى تدعم الحكومة حاليا، حتى على حساب حقوق العمال والأجراء، وهناك أمثلة عديدة على ذلك.
في هذا السياق، يجب الإشادة بالدور الذي يقوم به الكاتب العام الشاب للفيدرالية الديمقراطية للشغل، الذي يُعد نموذجا فريدا للنقابي الشبابي المناضل. فقد بدأ مساره كاتحادي شاب داخل النقابة، وتدرج في صفوفها حتى أصبح على رأسها، ما يميزه عن بعض القيادات النقابية التقليدية التي باتت أشبه بشيوخ السلفية النقابية، لأن التفاوض على قانون الإضراب من أكبر مركزيتين نقابيتين جاء بعد اتفاق مسبق، بأن قانون الإضراب سيسبق قانون النقابات، والمنطق هو أن قانون النقابات يجب أن يسبق قانون الإضراب، فبمجرد المصادقة على قانون النقابات، فإن هؤلاء الذين عمروا في المركزيات النقابية سيذهبون بقوة القانون، لذلك تفاوضوا وتآمروا وسكتوا على ما يوجد داخل قانون الإضراب، لأن هدفهم هو الحفاظ على المكتسبات الشخصية للزعماء داخل هذه النقابات».
وختم عضو المكتب السياسي والكاتب الجهوي للحزب بجهة البيضاء سطات قائلا إن «حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والفيدرالية الديمقراطية للشغل في واجهة النضال لحماية المكتسبات ومواجهة والتصدي للانحرافات الخطيرة التي تقع».
من جهته قال يوسف إيذي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل: «هل من المقبول اليوم في 2025، أن تبذل الدولة مجهودا كبيرا في مؤسسات الوساطة وما يرتبط بالأحزاب السياسية والمجتمع المدني إلا في ما يتعلق بالنقابات. ونتساءل، من من مصلحته اليوم استمرار هذا الوضع، العديد من التوترات الاجتماعية التي عرفتها البلاد، في سيدي إفني وفي الحسيمة وفكيك ومؤخرا في أكادير، احتجاجات اجتماعية لا توجد بها مؤسسات الوساطة، لكنها تضع الدولة في مواجهة مباشرة مع الشارع، لأن تأطير الاحتجاجات ليست مهمة الأحزاب السياسية، بل تأطير الاحتجاجات حول المطالب الاجتماعية هي مهمة النقابات، وعلى الدولة إن أرادت أن تخلق مؤسسات فاعلة وحقيقية للوساطة في المسائل الاجتماعية أن تقوم بتقوية النقابات وبضمان الديمقراطية الداخلية والتداول على مواقع القرار داخل هذه النقابات» .
وأضاف الكاتب العام: « أدت الفيدرالية الديمقراطية للشغل ثمنا باهظا، تعرضنا لإقصاء سياسي حقيقي، بل تعرضنا إلى محاولة اجتثاث من طرف الحكومة السابقة، واليوم تستهدف الفيدرالية الديمقراطية للشغل، في محطتين انتخابيتين، وكان المستهدف الوحيد والأوحد للحركة النقابية هو الفيدرالية الديمقراطية للشغل. وإذا كنا استطعنا بصمود المناضلين الذين صابروا وكافحوا، واستطعنا الحفاظ على تمثيلية في عدد من القطاعات في الوظيفة العمومية، فإن الأمر لم يكن بهذه البساطة ولم يكن متاحا لنا في القطاع الخاص . نحن نعرف جميعا في القطاع الصناعي الذي تتواجد به حركة عمالية، ونعرف كيف تمر الانتخابات في القطاع الخاص، وكيف يتوزع مناديب العمال، وكيف تفوز بعض النقابات ب 1000 إلى 1500، وكل المؤشرات الاجتماعية تدل على أنه ليس هناك حركة نقابية أو تنظيم نقابي…».
وطالب يوسف إيذي وزارة الداخلية أن تعيد النظر في نمط الاقتراع الخاص بالمناديب في القطاع الخاص، فغير مقبول أن الفيدرالية الديمقراطية للشغل، بمنطق النقابة المواطنة والحريصة على وحدة البلاد ومصلحة الشغيلة، في قطاع التعليم، وتساهم بشكل كبير، وباعتراف هذه الحكومة، في حل الإشكالات التي تم التوصل فيها إلى اتفاق، وتساهم في الحوار القطاعي في العدل بقوة وفعالية، وتساهم بفعالية في الحوار في قطاع الصحة والفوسفاط والثقافة، وفي كل قطاعات الوظيفة العمومية، بشكل قوي ومسؤول، انتصارا لمصلحة البلاد، صحيح أننا نطالب بالحقوق العادلة والمشروعة للطبقة العاملة والموظفين الذين نمثلهم، دائما نزاوج بين المطالبة والموضوعية في الدفاع عن المكتسبات، (غير مقبول) أن تأتي الانتخابات المهنية وتعاد بنفس الصيغة، ويتم إقصاء الفيدرالية الديمقراطية للشغل، لا يمكن السكوت عن ذلك، ولا يمكن استمراريته بهذا الشكل، لا بد من إعادة النظر في نمط الاقتراع الذي يجعل من نقابة قوية فاعلة، حاضرة بمناضليها ومناضلاتها بقوة الاقتراح وتشتغل على طول السنة، خارج التمثيلية المصطنعة والالتفاف على حقوق الشغيلة، والهدف هو الاتفاقات تحت الطاولة، وخير مثال ما نراه اليوم في القانون التنظيمي للإضراب. لا تغرنكم المواقف داخل مواقع التواصل الاجتماعي، وفي وسائل الإعلام، هناك اتفاقيات تحت الطاولة وتآمر على حقوق الشغيلة العمالية وتواطؤ على حقوق الأجراء. وأكدنا لما أتت الحكومة بالاتفاق الاجتماعي في الزيادة في الأجور، وقلنا آنذاك بخصوصها إنها مبالغ غير مسبوقة في تاريخ الحوارات الاجتماعية التي جرت ببلادنا، لكن انعكاس هذه الزيادات على القدرة الشرائية للمواطن لا تساوي شيئا بسبب الغلاء في المواد الأساسية والاستهلاكية وثمن الكراء، الانعكاس الواقعي للزيادة في الأجر لم تتوفق فيه الحكومة، وكان المقابل لهذه الزيادة هي المقايضة لإصلاح صندوق التقاعد، نبهنا آنذاك أننا خارج الحوار الاجتماعي، أننا نرفض الزيادة بمنطق المقايضة. اليوم الحكومة ستفتح ملف التقاعد للثالوث المشؤوم، الزيادة في الاقتطاع والرفع من سن الإحالة على المعاش والتقليص من معدل احتساب المعاش، وبالتالي نقول إن الحكومة الاجتماعية ليس بالالتفاف على تطلعات الأجراء، إذا كانت هناك حكومة اجتماعية يجب عليها أن تتحمل المسؤولية في إنصاف الطبقة العاملة وفي تمكين الأجراء من الأجور التي تراعي تكلفة العيش، وإن كانت حكومة اجتماعية يجب أن تتحمل مسؤوليتها في إصلاح نظام التقاعد دون أن تحمل تبعات وأعباء أخرى للطبقة العاملة المغربية.
اليوم مشروع الحماية الاجتماعية، بعد مسار متخبط في تنزيله، لا في ما يرتبط بالتغطية الصحية أو بالدعم المباشر، الذي جاء في تقرير بنك المغرب الذي يقول إن هذا الدعم المباشر خطأ ولا يمكنه أن يستمر ويهدد اقتصاد البلاد، يبدو أن لهم صورة غير واضحة وغير واضحة بالمطلق، ونؤكد أنه لا يمكن أن نبني دولة اجتماعية دون نقابات قوية. اليوم في حملة الحكومة أشركت الجميع باستثناء النقابات، وهي المعنية بالشأن الاجتماعي، حملات في الغرف المهنية، يقوم بها المقدمون والفقهاء في المساجد إلا النقابات التي هي الشريك الحقيقي الأساسي طبقا للدستور في تحضير الأجراء والمهنيين، وهي المفروض أن تكون المخاطب للحكومة في هذا الشأن، لكن لأسف هناك نقابات لانتخابات مفبركة، مثل الطريقة التي يطبخ فيها انتخاب المناديب، والهدف الأساسي يبقى في المواقع . لما تناقش الفيدرالية الديمقراطية للشغل قانون النقابات كأنه «طابو»، وهو بالنسبة لنا أولوية ولا يمكن الحديث اليوم عن المنطق الذي يأتي به قانون الإضراب والحديث عن ممارسة الإضراب بدون نقابات، وهذه النقابات هي خارج القانون، ليس هناك قانون للنقابات بالبلاد. وبالتالي نحن اليوم في الفيدرالية الديمقراطية للشغل نتوجه إلى المستقبل بهذا النفس الجماعي والإصرار. نحن في تقييمنا الجماعي للمرحلة، نقر أننا عانينا كثيرا، على مستويات متعددة فيها الذاتي والموضوعي، طبعا بالنسبة للذاتي كان لدينا سوء التقدير في محطات تنظيمية معينة، وكان لدينا خلل في القدرة على تدبير اختلافاتنا، ومحدودية على الإنصات والقدرة على تحمل بعضنا البعض، وأدينا الثمن باهظا، على المستوى التنظيمي، لكن هذا التقييم، وعيا بهذه الشروط والظروف الموضوعية التي مررنا منها، يجعلنا اليوم منخرطين في المستقبل بوعي تام وبدروس بليغة استخلصناها من التجربة السابقة. وأعتبر أن هذا المؤتمر التنظيمي الإقليمي بالجديدة، سيكون شرارة الانطلاقة في كل الأقاليم، وسنحرص كمكتب مركزي على أن ننظم مؤتمرات إقليمية في كل الأقاليم وعلى تنظيم مؤتمرات إقليمية تأسيسية، لأن خطابنا اليوم، يجب أن يصل وكلامنا يسمع ومواقفنا نعبر عنها بشجاعة وجرأة. هذه المحطة التنظيمية النوعية، التي تأتي في سياق مخرجات وعينا الذاتي، وتقييمنا للوضع في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، النابع أولا من الصدق الحقيقي للمناضلات والمناضلين الفيدراليات والفيدراليين الذين تحملوا العبء في فترات صعبة» .
وشدد يوسف إيذي على أن «حليف الفيدرالية الديمقراطية للشغل السياسي هو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، نحن لا نسعى إلى جعل الفيدرالية الديمقراطية للشغل نقابة حزبية ونقابة الحزبيين، أبدا، نحن نتحالف تحالفا موضوعيا واستراتيجيا مع حزب القوات الشعبية، وهو تحالف نعتز به، لأنه في لحظات من مسارنا التنظيمي تمت محاولة إقصائنا من الحوار الاجتماعي القطاعي، لولا الحليف السياسي وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي وقف ودافع وترافع ومكننا لنبقى، على الأقل، محافظين على تواجدنا في هذه الواجهات.
عندما نناقش قانون مشروع الإضراب لا نناقشه بالمزايدات، نحن واعون كل الوعي بأن بلادنا اليوم محتاجة لقانون تنظيمي للإضراب، وأن إخراج قانون الإضراب اليوم أولوية وطنية فيها حماية لحق الأجراء وحماية المقاولة الوطنية، ولكن في نفس الوقت نعتبر أن سعي الحكومة إلى إحاطة ممارسة هذا الحق بسياج من الإجراءات الشكلية والعقوبات والترهيب، يمس في جوهر هذا الحق.
نحن شركاء موضوعيون في مناقشة القانون التنظيمي للإضراب، وسنكون نقابة شرسة في المطالبة بإخراج قانون النقابات، بشكل مستعجل، ونكون أكثر شراسة في المطالبة بضمان حد أدنى من التنافس الشريف بين مختلف المركزيات النقابية العاملة في المشهد الاجتماعي لضمان سلاسة وشفافية المصادر المعتمدة في انتخاب مناديب الأجراء في القطاع الخاص، لضمان الولوج العادل والمنصف للتمويل العمومي».
وفي الأخير ستبقى الفيدرالية الديمقراطية للشغل، يقول الكاتب العام، ملتزمة بالقضايا العادلة والكبرى لبلادنا وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية، نجدد التنويه بالمجهودات الدبلوماسية الرسمية وبالحكمة التي دبر بها جلالة الملك هذا الملف منذ توليه العرش.
وألقى أمين السملالي، كلمة الاتحاد المحلي، عبر فيها عن أن الحضور في إقليم الجديدة، دليل على الوعي العميق بأهمية العمل النقابي المسؤول وقدرته على مواجهة التحديات وتحقيق تطلعات الشغيلة المغربية.
إننا نعيش مرحلة دقيقة تتسم بتصاعد الضغوط على حقوق الشغيلة في القدرة الشرائية، التقاعد، والحريات النقابية.
هذه المرحلة تتطلب منا تعبئة مستمرة وعملاً نضالياً مشتركاً لإيقاف مسلسل الإجهاز على المكتسبات، وضمان العيش الكريم للطبقة العاملة المغربية، يقول أمين السملالي.
إننا في الفيدرالية الديمقراطية للشغل نُعبر عن رفضنا القاطع لمشروع القانون التنظيمي للإضراب في صيغته الحالية. هذا المشروع، بدلاً من أن يكون آلية لتنظيم هذا الحق الدستوري، جاء ليضع قيوداً تعجيزية تُجهز على أحد أهم أدوات الدفاع عن حقوق الشغيلة.
نعتبر هذا المشروع انتهاكاً صريحاً للحريات النقابية، ومحاولة لتقويض الحق في الإضراب، الذي يُعتبر مكسباً تاريخياً للطبقة العاملة.
إن تمرير هذا القانون بصيغته الحالية سيُكرس هيمنة أرباب العمل ويُضعف قدرة النقابات على الدفاع عن حقوق العمال.
وجدد المؤتمر الإقليمي للفيدرالية الديمقراطية للشغل بالجديدة، الثقة في أمين السملالي كاتبا عاما للاتحاد الإقليمي.