السوق المركزي بالدار البيضاء، الذي كان وجهة مفضلة للسياح المغاربة والأجانب لما يقدمه من أجواء فريدة وخدمات متنوعة كالمطاعم ومتاجر بيع الورود والأسماك والمنتجات البحرية، بات يعاني تدهورا ملحوظا على مستوى بنياته التحتية ومحلاته التجارية. هذا الوضع استدعى التفكير في إعادة تأهيله وتثمينه ليعود لدوره الحيوي، خصوصا مع التغييرات الكبيرة التي تعرفها مدينة الدار البيضاء استعدادا للتظاهرات الرياضية المقبلة. وفي هذا السياق، خُصص مبلغ 60 مليون درهم لإعادة تأهيل السوق، ضمن مشروع شامل يتضمن تطوير بنيته التحتية وتهيئة سطحه ليصبح منصة لأنشطة تجارية متنوعة مثل المطاعم والمقاهي.
تم توقيع اتفاقية مشروع إعادة تأهيل السوق المركزي في الدورة العادية لمجلس مدينة الدار البيضاء خلال شهر أكتوبر 2024. الاتفاقية شملت عدة أطراف رئيسية: ولاية جهة الدار البيضاء-سطات، مجلس الجهة، عمالة مقاطعات أنفا، مجلس عمالة الدار البيضاء، مجلس جماعة الدار البيضاء، مجموعة “رياليتي ماروك”، وشركة الدار البيضاء للتهيئة. بموجب الاتفاقية، تكون جماعة الدار البيضاء صاحب المشروع المنتدب، وستمتد أشغال إعادة التأهيل على مدى 24 شهرا.
تهدف الاتفاقية إلى تنظيم التعاون بين الأطراف لإنجاز المشروع، مع تحديد التزامات كل طرف، مدة الإنجاز، مساهماتهم المالية وطريقة صرفها. بلغت المساهمات 20 مليون درهم لكل من مجلس جهة الدار البيضاء، مجلس عمالة الدار البيضاء، ومجلس جماعة الدار البيضاء.(المجموع 60مليون درهم).
وفي هذا الإطار تلتزم ولاية جهة الدار البيضاء-سطات برئاسة لجنة الإشراف والتتبع، مراقبة إنجاز المشروع، تقديم المساعدة التقنية والإدارية، فيما تلتزم عمالة مقاطعات الدار البيضاء-أنفا بمتابعة عملية ترحيل التجار، تقديم المساعدة التقنية والإدارية، العضوية في لجنة الإشراف والتتبع، أما مجلس جهة الدار البيضاء-سطات ومجلس عمالة الدار البيضاء فيلتزم بتحويل المساهمات المالية إلى شركة الدار البيضاء للتهيئة وفق الجدولة الزمنية المنصوص عليها،والعضوية في لجنة الإشراف والتتبع، بدوره مجلس جماعة الدار البيضاء يلتزم حسب ديباجة الاتفاقية التي تتوفر الجريدة على نسخة منها يلتزم بتحمل تكاليف الترحيل المؤقت للتجار، تسجيل البناية في ملكية المجلس، تقديم المساعدة التقنية والإدارية، واستلام المشروع بعد انتهاء الأشغال. أما شركة “رياليتي ماروك فعليها إنجاز الدراسات الأولية للمشروع، تغطية تكاليف الدراسات التقنية والمعمارية، العضوية في لجنة الإشراف والتتبع.
ورغم ما لعمليات تأهيل السوق وتثمينه من أهمية إلا أن انطلاق الأشغال تم تأجيله لأسباب لوجستية وأخرى سياسية، مما أدى إلى حالة من الغموض بشأن مستقبل المشروع لدى التجار الذين يتوفرون على 306 محلا تجاريا. حيث تسيطر عليهم موجة من القلق على مستقبل محلاتهم خصوصا أن محاولة سابقة لتأهيل السوق سنة 2019 باءت بالفشل حيث لم تركز على تحسين الوضع العام للسوق بل تركزت فقط على تحسين مظهر السوق فقط من الناحية الجمالية مما جعلها محاولة مبتورة وغير ناجعة بشكل كبير.
وفي ظل غياب تفاصيل واضحة حول مراحل التنفيذ، اقتصرت المعطيات المتاحة على الملامح العامة للمشروع، والتي تشمل إنشاء محلات تجارية موزعة على طابقين، توسيع مساحة المطاعم، تعزيز سهولة التنقل داخل السوق، وإضافة مرآب تحت أرضي لتحسين ظروف الوصول.
مشروع طموح سيغير لا محالة من الصورة العامة لهذه السوق الشهيرة بقلب مدينة الدار البيضاء لكنه اصطدم بعدة عراقيل وتعثرات حيث كان للإجراءات الإدارية المعقدة ناهيك عن الخلافات بين المؤسسات، الأثر الكبير على المشروع والبدء في عملية التنفيذ، بينما تسببت التأخيرات في الحصول على التراخيص وإتمام الإجراءات في تأجيل انطلاق الأشغال، التجار بدورهم يشعرون بالقلق من اضطرار السوق للإغلاق مما سيوقف بالكامل أنشطتهم التجارية بمجرد بدء أعمال التهيئة، معتبرين أنهم ليسوا ضد عملية التجديد لكن ليس على حساب رزقهم مطالبين بأن يكونوا جزءا من كل خطوة في هذا المشروع.
رصد لها مبلغ 60 مليون درهم .. تأجيل أشغال إعادة تأهيل السوق المركزي بالدار البيضاء
الكاتب : خ- مشتري
بتاريخ : 22/01/2025