انتصار كروي آخر للمغرب!

اسماعيل الحلوتي
مرة أخرى يتأكد بما لا يدع مجالا للشك أن المغرب أصبح رقما صعبا في معادلة كرة القدم، خاصة بعد النتائج الإيجابية التي ما انفك يحققها وفي مقدمتها بلوغ نصف نهائي كأس العالم قطر 2022، وأنه مازال يشق طريقه بثبات نحو تحقيق مزيد من المكاسب الرياضية وغيرها رغم كيد الكائدين، الذين لا يتوانون عن محاولة كبح جماح مساره الدبلوماسي والرياضي والتنموي، وبالنظر إلى ما يعرف عنه من جدية ويتمتع به من مصداقية على الصعيد الدولي، وبفضل الرؤية المتبصرة لقائده الملك محمد السادس، الرامية إلى النهوض بالقطاع الرياضي عامة وكرة القدم خاصة، والسعي الدؤوب نحو تحسين مستوى الأندية الرياضية والمنتخبات الوطنية في كرة القدم، ليس فقط في المغرب، بل حتى في القارة السمراء…
وتكريسا لمكانته الرائدة ودوره المحوري في الارتقاء بكرة القدم على المستويين القاري والعالمي، وفي خطوة تهدف إلى تعزيز عملها ودعم أندية كرة القدم في إفريقيا، ولاسيما أنه طالما قام بدعم اتحادات القارة، عبر توفير ملاعبه ومرافقه الرياضية للمنتخبات الإفريقية التي تفتقر إلى ملاعب معتمدة من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” والاتحاد الإفريقي لكرة القدم “كاف”…
أبت رابطة الأندية الإفريقية في إطار استراتيجيتها الهادفة إلى تعزيز دورها في دعم أندية كرة القدم في القارة الإفريقية، ورغبتها في تحديث هذه اللعبة وتأمين مصالح الأندية الإفريقية وتجويد بنيتها التحتية والرفع من مستوى المنافسات الكروية إلا أن تختار يوم الجمعة 17 يناير 2025المغرب لاحتضان مقرها الرئيسي عوض دولة كينيا، باعتباره واحدا من أبرز البلدان التي ما انفكت تساهم في تطوير كرة القدم قاريا وعالميا، وذلك بعد صراع قوي بين مجموعة من البلدان الإفريقية المنافسة وفي مقدمتها الجزائر، التي حاولت بشتى المناورات الحيلولة دون تغلبه عليها. ومن المنتظر أن يتم الإعلان عن هذا القرار رسميا خلال الاجتماع المقبل للمكتب التنفيذي للكاف، المزمع عقده بتزامن مع قرعة كأس أمم إفريقيا، المقرر إجراؤها في الرباط يوم الاثنين 27 يناير 2025.
وجدير بالذكر أن رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم “كاف” الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي، هو من قرر إحداث رابطة لرؤساء الأندية الإفريقية من أجل ترسيخ قيم التعاون والابتكار وتبادل الأفكار، والدفاع في ذات الوقت عن حقوقها. وبذلك تم تأسيس رابطة الأندية الإفريقية الجديدة لكرة القدم خلال شهر نونبر 2024 في العاصمة المصرية القاهرة، التي تضم 80 ناديا كرويا في القارة السمراء، وقد انتخب من بين رؤساء الأندية الإفريقية، التنزاني سعيد هيرسي رئيس نادي يانج أفريكانز رئيسا لها، كما تم اختيار كينيا لاستضافة مقرها في بداية الأمر قبل نقله إلى المغرب.
وليست هذه المرة الأولى التي يحظى فيها المغرب بمثل هذه الثقة من بين بلدان العالم، إذ إنه وفي ظل ما بات يعرفه كذلك من دينامية في علاقته بالمؤسسات الدولية، سبق أن تم انتخابه رئيسا لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لسنة 2024، ثم انتخابه لرئاسة مجلس السلم والأمن الإفريقي لشهر فبراير 2024، وكذا رئاسة لجنة الروابط الاجتماعية التابعة لمنظمة الصحة العالمية خلال السنوات الثلاث القادمة، وتوليه أيضا رئاسة اللجنة التوجيهية للشبكة الدولية للأمن والسلامة النوويين وغيرها…
وفي ذات السياق الرياضي، يشار أيضا إلى أنه سبق كذلك أن استقر رأي الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” على إنشاء مقره القاري الإقليمي الدائم بالمغرب، وهو المقر الذي يعد الأول من نوعه في القارة الإفريقية، حيث تم توقيع البروتوكول الرسمي لإحداث المقر الجديد بالعاصمة الرباط في شهر دجنبر 2024 بين كل من رئيس الحكومة عزيز أخنوش ورئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو، وذلك تزامنا مع حفل جوائز الكاف الذي أقيم بمدينة النخيل مراكش.
فالمغرب الذي أصبح رائدا في احتضان التظاهرات الرياضية الكبرى لا يترك أي شيء للصدفة، حيث أنه وتماشيا مع الأحداث الرياضية الدولية التي سيحتضنها من قبيل كأس أمم إفريقيا برسم سنة 2025 وكأس العالم 2030 في ملف ثلاثي مشترك مع كل من إسبانيا والبرتغال، بالإضافة إلى كأس العالم للسيدات تحت 17 سنة، صادق المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري في أكتوبر 2024 على مشروع إنشاء أربع قنوات رياضية عمومية جديدة، بغرض تقوية دور وسائل الإعلام الرياضية في استثمار القيم الإيجابية والمثل الرياضية لصالح تعزيز التماسك الاجتماعي وتكريس مقومات الوحدة والهوية الوطنيتين، دون أن ينسى تعزيز حضور المرأة في الإعلام الرياضي، للتأكيد على ما للرياضة من دور في دعم قيم المناصفة والمساواة بين الجنسين في المجتمع المغربي.
إنه لم يعد غريبا على المغرب أن ينال كل التقدير والاحترام في ظل السياسة الملكية الرشيدة، وما أضحى يبذله خلال السنوات القليلة الماضية من جهود متواصلة في اتجاه النهوض بالشأن الرياضي عامة ومستوى كرة القدم خاصة، من حيث تطوير البنية التحتية والمنشآـت الرياضية إلى جانب الاهتمام بالفئات الصغرى وتشجيعها على الانخراط في الأندية وممارسة هذه اللعبة الشعبية الواسعة الانتشار، وإلا ما كان ليتم اختياره لاحتضان مؤسسات رياضية كبرى وتنظيم مجموعة من البطولات والأحداث الرياضية، مثل المقر القاري الإقليمي الدائم للفيفا ومقر رابطة الأندية الإفريقية، والحفل السنوي لتوزيع جوائز الكاف للمرة الثالثة على التوالي، واستضافة عدد آخر من البطولات القارية والعالمية…
الكاتب : اسماعيل الحلوتي - بتاريخ : 28/01/2025