شهدت مدينة أزمور، يوم الخميس الماضي، افتتاح المنشأة الثقافية «دار الملحون»، بحضور عامل جلالة الملك على إقليم الجديدة محمد العطفاوي وعدد من الشخصيات البارزة، من سلطات إقليمية ومحلية، منتخبين، ورؤساء المصالح الخارجية، إضافة إلى فعاليات من المجتمع المدني. تأتي هذه المبادرة استجابةً لجهود الدكتور محمد يوسف السملالي الذي كان له الفضل في إنشائها بعد فكرة نيرة للأستاذ معاذ الجامعي مساهمين بذلك في إضاءة المشهد الثقافي لهذه المدينة الحاضنة لتنوع ثقافي وتراثي كبير ومتنوع، وكذلك حماية وتعزيزا لفن الملحون، هذا الموروث الغنائي والثقافي الذي تتميز به مدينة مصب أم الربيع، كما حرص القائمون على هذه الدار على إطلاق أسماء بعض الشخصيات على مختلف قاعاتها، والتي كانت لها أياد بيضاء على فن الملحون بأزمور مثل عبد المجيد رحيمي وإدريس رحمون فضلا عن إطلاق اسم عميد الأدب المغربي عباس الجراري، على إحدى قاعاتها وأخرى باسم معاذ الجامعي، ثم قاعة ثالثة باسم محمد يوسف السملالي.
هذا وعرف حفل الافتتاح عدة كلمات لعدد من الحاضرين احتفاء من جانبهم بهذه الدار التي ستسهم، لا محالة، في تنشيط الحركة الثقافية في المدينة ذات التاريخ الضارب في القدم، والتي تضم بين جنباتها مآثر تاريخية كثيرة وتراثا ماديا ولا ماديا قل نظيره، وتعد هذه الدار إضافة نوعية للمشهد الثقافي في أزمور ورافعة للتنمية الثقافية والسياحية بالمنطقة، مما يعزز مكانة هذا الفن العريق ويضمن استمراره للأجيال المقبلة.
وفي كلمته الافتتاحية، أبرز عبد اللطيف البيدوري، عن الجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية، أهمية هذا المشروع الثقافي كرمز يعكس غنى مدينة أزمور التاريخي ودورها البارز في الحفاظ على فن الملحون. وأكد أن «دار الملحون» تمثل فرصة للأجيال الصاعدة لتعلم هذا الفن الذي أثرى التراث المغربي، مستحضراً أسماء لامعة في هذا الفن مثل أحمد بنرقية والمكي واجو البصير ومحمد بن مسعود، إضافة إلى جهود الباحث إدريس رحمون.
كما أكد في كلمته أن افتتاح «دار الملحون» يتزامن مع الذكرى الأولى لإدراج هذا الفن ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية في منظمة اليونسكو. فضلا على أن هذا الإنجاز يأتي في إطار فعاليات المهرجان الدولي لفن الملحون المنظم برعاية الملك محمد السادس وبدعم من المجمع الشريف للفوسفاط، في خطوة ترمي إلى حماية التراث الوطني عبر خلق برامج تعليمية موجهة لشباب المنطقة.
من جهته، أبرز أحمد مشتهد، رئيس «جمعية دار الملحون» أهمية هذا المشروع من خلال السياق الثقافي والسياحي معتبرا أن الدار ستكون مدرسة لتعليم الأجيال الصاعدة هذا الفن المتميز الضارب جذوره في أعماق التاريخ كما أنها ستكون قبلة لكل المولعين به، مبرزا في ذات الكلمة أن الدار لا تزال بحاجة إلى المزيد من التجهيزات لترقى إلى مستوى التطلعات .
بدوره محمد العطفاوي، عامل إقليم الجديدة، قدم في كلمته بالمناسبة شكره لكل من ساهم في إخراج هذه المعلمة إلى الوجود مؤكدا أنها تجسد بالملموس العناية الملكية السامية بالتراث سواء المادي أو غير المادي، كما أن هذه الدار ستكون ضامنة لاستمرار الخلف في فن الملحون واعدا خلال ذات التدخل بالتعجيل بتجهيز دار الملحون بأزمور لتكون في مستوى يخول لها استقبال مرتاديها في أحسن الظروف ولعب دورها الريادي في تلقين والحفاظ على هذا الموروث الثقافي المتجذر.
من جانبه، عبّر الموثق الفني توفيق عمي عن مشاعره قائلا:
«هذا يوم خالد لتراثنا الفني المغربي الأصيل، خصوصا لدى الجيل الصاعد الذي يحمل مشعل الحفاظ على الهوية المغربية. لقد شهدنا افتتاح دار الملحون، تلك المعلمة الثقافية التي تفتح آفاقا جديدة لشباب أزمور، بما يسهم في استمرارية التراث وصقل المواهب الواعدة» .
واستمتع الحضور، خلال هذا الحفل، بأنغام قصائد فن الملحون من أداء أصوات شبابية تنتمي لـ»جمعية أحمد بن رقّية». تقدمت هذه الأصوات الفنانة شيماء الرداف، هاجر الزهوري، ومواهب واعدة مثل سارة الزهوري، «مريم»، و»فاطمة الزهراء»، بمرافقة «جوق رحيمي» المتميز والذي يضم خيرة العازفين. واختُتمت فقرات الحفل بقصيدة «البراقية» وبوصلة عيساوية مميزة، بمشاركة الفنانة والإعلامية الرائدة ماجدة اليحياوي، كما تخلله عرض لوحات تشكيلية رائعة من إبداع الفنانَين عبد الكريم الأزهر ونجيب الزبير، تكريما للفن والتراث المغربيين عموما والأزموري على وجه الخصوص.