تشريد مئات الأسر بعد هدم سوق صورصا… والتجار يطالبون بالحلول العاجلة

لحسن البكوري: هدم السوق تم دون الرجوع إلى المؤسسات المنتخبة ودون توفير بدائل للتجار

 

في منطقة سيدي الخدير بمقاطعة الحي الحسني، يعيش تجار سوق «صورصا « حالة من الترقب والقلق بعد أن تم هدم سوقهم بشكل مفاجئ، مما عرضهم للتشريد دون أي وعود أو آفاق واضحة لتعويض خسائرهم المادية الجسيمة. فقد هُدمت محلاتهم فوق بضائعهم وسلعهم دون سابق إنذار أو إشعار، حيث فوجئوا أواخر سنة 2024 بجرافات تدخل السوق وتباشر الهدم أمام أعينهم، دون أن يكون لديهم أي قدرة على التدخل أو الاعتراض.
السوق الذي كان يضم 578 محلا، وُضع في إطار عقدة أبرمت سنة 2003 بين جماعة الدار البيضاء وإحدى الشركات الخاصة التي أوكلت إليها مهمة تسيير السوق مقابل مبالغ مالية كان يؤديها المستفيدون مقابل وصولات قانونية. وقد اعتُبر السوق حينها نموذجا ضمن سلسلة من الأسواق التي ساهمت في تنظيم تجارة الباعة المتجولين داخل الحي الحسني. إلا أن الأمور تغيرت مع نهاية سنة 2024، حيث بدأت السلطات في تنفيذ قرار الهدم دون إشعار مسبق للتجار. وصرح عضو في تنسيقية متضرري سوق «صورصا» للجريدة بأن السلطات تعمدت قطع الكهرباء عن السوق لمدة شهرين قبل الشروع في الهدم، مما اضطر بعض المستفيدين إلى إغلاق محلاتهم نظرا لاعتمادهم الكبير على الكهرباء في أنشطتهم الحرفية. وبعد هذه الفترة، دخلت الجرافات لتبدأ عملية الهدم فوق ممتلكات التجار وبضائعهم، في مشهد وصفه المتضررون بأنه «تعسفي» وأثر عليهم نفسيا وماديا بشكل بالغ.
وأكد عضو التنسيقية أن جميع محاولاتهم للتواصل مع المسؤولين من أجل إنصافهم وتوفير بدائل مناسبة باءت بالفشل، حيث لم يجدوا حتى الجهة التي يمكنهم مخاطبتها لطرح مشكلهم. وأضاف أن التجار الذين قضى بعضهم أكثر من 20 سنة في هذا السوق أصبحوا اليوم دون مصدر رزق، رغم أنهم كانوا يعيلون أسرهم وأطفالهم، بل ومنهم من يتحمل مسؤولية إعالة آباء مسنين أو أبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة.
من جانبها، قالت نزهة، وهي إحدى المتضررات، إنها دفعت مبلغا كبيرا للحصول على محل داخل السوق، لتجد نفسها اليوم بدون أي مورد رزق تعيل به أسرتها ووالديها، في ظل ظروف اقتصادية صعبة. وأضافت أن الوضع نفسه ينطبق على باقي التجار الذين أصبحوا عاجزين عن سداد قروض سكنهم وتوفير احتياجات أسرهم الأساسية.
وفي إطار الدفاع عن القضايا العادلة للمواطنين، صرح لحسن البكوري، عضو مجلس مقاطعة الحي الحسني، بأنه تم تأسيس مكتب نقابي تابع للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بهدف الدفاع عن المتضررين من هدم السوق النموذجي الذي أدى إلى تشريد أكثر من 500 عائلة. هذا السوق كان مقاما على أرض جماعية تابعة لجماعة الدار البيضاء، وتم إلغاء التعاقد بشأنه بمقرر صادر سنة 2015.
وأضاف البكوري أن المتضررين تفاجأوا بعملية الهدم التي تمت دون الرجوع إلى المؤسسات المنتخبة، مشددا على أن مثل هذه القرارات يجب أن تمر عبر نقاش موسع داخل هذه المؤسسات. فقبل الإقدام على أي عملية هدم، يجب أولا توفير بدائل واضحة للتجار والمهنيين والحرفيين، وإشعارهم مسبقا، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وغلاء المعيشة الذي تعرفه البلاد حاليا.
وأكد أن دورهم كمنتخبين هو الدفاع عن هموم الساكنة والمساهمة في إيجاد حلول واقعية لمشاكلها. كما دعا إلى الترافع بكل قوة من داخل الاتحاد الاشتراكي، سواء عبر موقعهم في المعارضة داخل مجلس مقاطعة الحي الحسني أو من خلال جماعة الدار البيضاء وباقي المؤسسات مثل مجلسي المستشارين والبرلمان، حيث يمكن طرح أسئلة كتابية حول هذه القضية.
وأشار البكوري إلى أن الأمر يتعلق بتشريد مواطنين مغاربة في وقت تستعد فيه البلاد لاستقبال أحداث عالمية مهمة، معتبرا أن هذا الوضع يساهم في خلق ظاهرة الباعة المتجولين دون إيجاد حلول تحافظ على كرامتهم. ودعا إلى ضرورة إعادة هيكلة الأسواق بشكل حداثي ومعاصر، مع المطالبة بالوضوح في التعامل مع المتضررين وتحديد البدائل المتاحة لهم وتوضيح موعد تسليمها.
تجدر الإشارة إلى أن السوق أقيم على بقعة أرضية تابعة في معظمها لجماعة الدار البيضاء، مع جزء صغير كان في ملكية أحد الخواص الذي باع نصيبه لاحقا لأحد المنعشين العقاريين، حسب إفادات المتضررين. ويقع السوق في منطقة حيوية بالقرب من عين الذياب ومركز المدينة، مما يثير تساؤلات عديدة حول خلفيات قرار الهدم ودوافعه الحقيقية !؟


الكاتب : خ.مشتري

  

بتاريخ : 05/02/2025