من المنتظر أن يقوم وزير الحج والعمرة بالمملكة العربية السعودية، الدكتور توفيق بن فوزان الربيعه، بزيارة رسمية إلى المملكة المغربية، بداية من يومه الاثنين 10 فبراير وحتى يوم الأربعاء 12 فبراير 2025، سيلتقي خلالها بوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الدكتور أحمد التوفيق.
وسيجري المسؤولان مباحثات حول المواضيع ذات الاهتمام المشترك على صعيد التعاون الثنائي. كما سيعقد الوزيران مؤتمرا صحفيا يوم الثلاثاء 11 فبراير في الساعة 11 و15 دقيقة صباحا بمقر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
رحلة إيمانية: من قلب الريف المغربي إلى رحاب الحرمين
«لم تكن مجرد رحلة عادية”، هكذا بدأ الحاج محمد أمزيان (55 عاماً) حديثه وهو يسترجع ذكريات رحلته مع عائلته لأداء العمرة في مكة المكرمة. “كانت حلماً راودنا لسنوات، وبفضل التسهيلات الحديثة والخدمات المتطورة التي تقدمها المملكة العربية السعودية، أصبح هذا الحلم حقيقة».
تروي زوجته فاطمة (50 عاماً) بعيون دامعة لحظة رؤيتها للكعبة المشرفة لأول مرة: “عندما وقعت عيناي على بيت الله الحرام، شعرت بغصة عميقة تغلغلت في روحي. كل التعب والمشقة تلاشت في تلك اللحظة المقدسة، وبدا كل شيء ممكنًا».
يشيد الحاج أمزيان بالتطور الملحوظ في الخدمات المقدمة للمعتمرين: “كل شيء أصبح رقمياً وسهلاً. من حجز الفنادق إلى التنقل بين المشاعر المقدسة. التطبيقات الذكية ساعدتنا في معرفة أوقات الصلاة والتوجيهات وحتى في التواصل مع المرشدين الروحيين».
في المدينة المنورة، كان للعائلة موعد آخر مع الروحانيات. يقول ابنهم أحمد (15 عاماً): “زيارة مسجد الرسول (ص) كانت تجربة غيرت حياتي. الصلاة في الروضة الشريفة والسلام على النبي الكريم لحظات ستبقى محفورة في ذاكرتي إلى الأبد، وعززت إيماني بطرق لم أتخيلها يوماً».
خدمات متكاملة وراحة تامة
تثني الأم فاطمة على مستوى الخدمات والرعاية الصحية: «وجدنا كل ما نحتاج إليه من رعاية طبية ومرافق نظيفة ومريحة. حتى كبار السن والأطفال يجدون كل التسهيلات اللازمة لأداء مناسكهم بيسر».
يأتي هذا النموذج الناجح ليؤكد ثمار التعاون الوثيق بين المملكتين المغربية والسعودية في مجال خدمة المعتمرين والزوار. فالتنسيق المستمر بين وزارتي الأوقاف المغربية والحج السعودية أثمر عن تجارب ناجحة لآلاف المغاربة الذين يؤدون مناسك العمرة والحج كل عام.
مع التطورات المتسارعة التي تشهدها المملكة العربية السعودية في إطار رؤية 2030، يتطلع المعتمرون المغاربة إلى المزيد من التسهيلات والخدمات التي تجعل رحلتهم الروحانية أكثر يسراً وراحة.
تختتم العائلة حديثها بالدعاء للمملكتين بدوام التقدم والازدهار، مؤكدين أن تجربتهم في العمرة ستبقى ذكرى خالدة تناقلها الأجيال، وحافزاً لغيرهم من العائلات المغربية لتحقيق حلم زيارة البقاع المقدسة. هل النص لغوياً مناسب.
تحولات تاريخية وتجارب مبتكرة في خدمات الحج والعمرة
المغرب، بتاريخه العريق وثقافته الإسلامية الراسخة، يتمتع بعلاقة روحية خاصة مع الحرمين الشريفين. ومع كل موسم حج وعمرة، تزداد التطلعات نحو تحقيق تجربة مميزة لضيوف الرحمن. في هذا السياق، تتصدر المملكة العربية السعودية المشهد بجهودها الابتكارية في تطوير خدمات الحج والعمرة، لتتحول إلى نموذج عالمي في خدمة الزوار والمعتمرين.
شهد عام 2024 قفزة نوعية في أعداد الزوار للمدينتين المقدستين، حيث تجاوزت أعداد الحجاج والمعتمرين 18 مليون زائر، في انعكاس مباشر لجهود المملكة لتوسيع خدماتها وضمان سهولة الوصول إلى الحرمين الشريفين. هذه الزيادة تعكس الاستعدادات المتميزة والبنية التحتية المتطورة التي وضعتها المملكة لخدمة ضيوف الرحمن على مدار العام.
في موسم حج 1445هـ/2024م، حققت وزارة الحج والعمرة قفزات نوعية في تقديم الخدمات. على سبيل المثال، توسع نطاق برنامج “الحج المباشر” ليشمل 126 دولة، بزيادة بلغت 88% مقارنة بالموسم السابق، وقدم خدماته لأكثر من 50,000 حاج من 90 دولة. كما أُطلقت باقات تنافسية بأسعار تبدأ من 11,000 ريال سعودي، محققة جاهزية رقمية عالية بنسبة 99.9% للمنصة الإلكترونية، مما عزز الشفافية وخفض التكاليف.
ضمن الجهود الرامية لإثراء تجربة الزوار، ركزت الوزارة على تحسين تجربة زيارة الروضة الشريفة، حيث زادت أعداد الزوار اليومية إلى 48,000 زائر، وبلغ إجمالي المواعيد المحجوزة 9.4 مليون موعد خلال عام 2024 فقط. تم تعزيز التجربة من خلال استخدام تقنيات توعوية حديثة ومظلات لحماية الزوار من أشعة الشمس، مما يعكس رؤية المملكة لتحسين تجربة الزائرين
أحد أبرز الإنجازات التي شهدتها المملكة هي توسعة مبادرة “طريق مكة”، التي تشمل المملكة المغربية كإحدى الدول الثمان المشاركة فيها. ساهمت المبادرة في تقليص وقت إجراءات السفر من 120 دقيقة إلى 15 دقيقة فقط، مما يوفر تجربة سلسة وميسرة للمعتمرين المغاربة منذ لحظة مغادرتهم إلى حين وصولهم إلى الأراضي المقدسة.
شهد قطار الحرمين السريع تطورات ملحوظة، مع ارتفاع عدد الركاب إلى 7 ملايين حتى أكتوبر 2024، بزيادة تجاوزت 111% مقارنة بالعام السابق. كما بلغت نسبة رضا الزوار 93 %، وتم توقيع اتفاقيات جديدة لتسهيل نقل حقائب الحجاج مباشرة إلى مساكنهم، مما يعكس التزام المملكة بتطوير وسائل النقل لخدمة ضيوف الرحمن.
لم تغفل المملكة عن أهمية إثراء التجربة الثقافية لضيوف الرحمن، حيث تم تأهيل أكثر من 40 موقعًا تاريخيًا في مكة والمدينة، بما يشمل مواقع الغزوات والمساجد التاريخية. تجاوزت هذه الجهود مستهدفات عام 2023 بنسبة 43%، مما يعكس التزام المملكة بالمحافظة على الإرث الإسلامي وتقديم تجربة استثنائية للزوار.
إن هذه الإنجازات لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة رؤية استراتيجية وجهود متواصلة تهدف إلى جعل الحج والعمرة تجربة روحانية وثقافية شاملة. ومع هذه التطورات، تواصل المملكة العربية السعودية تقديم نموذج يحتذى به في خدمة ضيوف الرحمن، مما يعكس عمق التزامها برسالتها الدينية والإنسانية.