اختتام «الملتقى الإفريقي لفنون المهاجر»، في نسخته الخامسة بخنيفرة، على إيقاعات مهاجرين أفارقة

 

اختتمت، بمدينة خنيفرة، فعاليات النسخة الخامسة من «الملتقى الإفريقي لفنون المهاجر»، التي تواصلت على مدى أيام الجمعة، السبت والأحد، 31 يناير و1 و2 فبراير 2025، ويهدف هذا الحدث، المنظم من طرف «جمعية فرقة نجوم مسرح الأوبرا»، إلى إبراز إبداعات المهاجرين في مختلف الفنون، وتعزيز الحوار الثقافي بين الشعوب، وقد عرف مشاركة وحضور فنانين وجمعويين ومبدعين وتربويين ومهتمين بالشأن الثقافي، وتضمن برنامجا غنيا من الورشات والجلسات والأنشطة المختلفة، ثم أمسية فنية موسومة بالتبادل الثقافي بين الشعوب الأفريقية.
وقد انطلقت فعاليات الملتقى يوم الجمعة 31 يناير باستقبال الضيوف في مركز الاستقبال صباحاً، فيما تم رفع الستار الرسمي عن برنامجه بكلمات ترحيبية من طرف رئيس الجمعية المنظمة، ومدير المركز الثقافي أبو القاسم الزياني، إضافة إلى المدير الإقليمي لوزارة الثقافة والشباب والتواصل – قطاع الشباب، وبعض الفاعلين الجمعويين، ثم شهادات في حق «عريس الدورة»، المحتفى به، «شيخ الجمعويين»، الحاج أحمد القرشي، كما تميز الافتتاح بفقرة فنية زجلية للفنان عمي عبدو، وبحفل شاي على شرف الحضور.
الافتتاح الذي جرى تسييره من طرف الفاعل الجمعوي، محمد شمس الدين، الذي وضع الحضور في مضامين فعاليات الملتقى باعتبارها تجسيدا للعلاقات الرابطة بين المملكة وعمقها الإفريقي، أكد فيها رئيس «جمعية فرقة نجوم مسرح الأوبرا»، عزيز حديم، دلالة الحدث الذي «أضحى موعدا للاحتفاء بالإبداع الفني الافريقي في سياق تكريس قيم التعايش والتبادل الثقافي والانفتاح على الآخر»، انطلاقا من «إيمان الجمعية بدور الفن في تعزيز الحوار بين الثقافات وتوحيد الشعوب»، وجعل الحدث «فرصة لإبراز الإسهامات الثقافية والفنية للمهاجرين الأفارقة».
وبدوره حرص مدير المركز الثقافي أبوالقاسم الزياني، حسن بلكبير، بالتأكيد على أهمية حدث الملتقى في كونه «مناسبة للتواصل بين المغرب والشعوب الإفريقية من خلال الثقافة والفن، وما يدخل في خانة الديبلوماسية الموازية وأواصر الحوار والجسور الإنسانية»، و»ما يروم بالتالي تعزيز الانفتاح على الثقافات الأخرى»، ذلك قبل المدير الإقليمي للشباب، مصطفى الخيار، الذي لم يفته التنويه بمكونات الجمعية المنظمة، وبمجهودها الثقافي والفني الرامي إلى «الحفاظ على الهوية الثقافية وإشاعة قيم الحوار بين الشباب».
كما فتحت الجمعية منصتها للزجال الفنان «عمي عبدو» ليصدح بصوت جهوري وقوي عبر قصائد ساخنة بالآهات العميقة والكلمة الحارقة، مارس فيها جذبته الخاصة بتوجيه رسائل كثيرة للبرلمانيين ومنتخبي الجماعة المحلية، فيما جعل حروفه الزجلية تنبض بأمل المواطن في مغرب جميل، وتبوح بمعاناة هذا المواطن مع الفقر والغلاء والحقوق المنسية في ظل سياسة الحكومة الحالية التي وصفها بالحكومة البورجوازية، ذلك قبل تلاوته لقصيدة باللغة الأمازيغية يناشد فيها الناس للعودة إلى طريق الله ورسوله.
وخلال الافتتاح، تقدم الفاعل الجمعوي، مصطفى بلحسن، بكلمة رقيقة أعرب فيها عن تجند المجتمع المدني بالإنخراط في أية مبادرة ترتبط بالديبلوماسية الثقافية الفنية الموازية، فيما أبرز رمزية النسخة الخامسة من «الملتقى الإفريقي لفنون المهاجر»، و»قيمتها في سياق التواصل مع العمق الإفريقي، والتكامل الاجتماعي مع المهاجرين الأفارقة»، من خلال «الثقافة المبنية على قيم التسامح والتعايش والتضامن والتقارب بين الثقافات والشعوب»، وعلى «ما يتخطى الحدود لأجل إقامة الروابط الإنسانية بين الأفراد».
ومن اللحظات القوية، في افتتاح برنامج فعاليات الملتقى، لحظة تكريم «شيخ الجمعويين»، الحاج أحمد القرشي، والتي سجلت شهادات رمزية، وأبرزها شهادة رفيقه، حسن الزاوي، مستعرضا فيها جوانب من حياة ومسيرة المحتفى به، إنسانا وجمعويا وتربويا ومسرحيا، ومسؤولا بقطاع الشباب والرياضة، ومؤسسا لجمعية وطنية تعنى بمؤطري ومنشطي المخيمات التي تجاوز عدد فروعها الستين، فضلا عن حلم المحتفى به إنشاء مخيم قار بالإقليم، وبعد الزاوي تقدم هشام هاشمي من جهته بشهادة في حق المعني بالأمر.
أما الحاج أحمد القرشي، وهو من الوجوه البارزة في قطاع الشباب والرياضة، فأعرب بأسف وأسى عن «غياب أي التفاتة رسمية من القطاع بادرت إلى تكريمه، بعد 36 عاما من التفاني والعمل في هذا القطاع»، ورغم هذا التجاهل، قال بأنه «لم يكن ينتظر أن يجد بين تلامذته اليوم من يكرّمه، في مبادرة تعكس الاعتراف بمسيرته الحافلة التي طبعت بصمة واضحة في المشهد الثقافي والجمعوي، وكذا تاريخه الطويل الذي يشهد له بمكانته في المجال الجمعوي والتخييمي»، سواء على المستوى الإقليمي أو الوطني.
وبفخر كبير، استحضر المحتفى به، الحاج أحمد القرشي، الحقبة التي قضاها في «دار الشباب أم الربيع» مثلا، حيث كانت هذه المؤسسة تعيش نهضة ثقافية وجمعوية وتربوية وفنية غير مسبوقة، رغم محدودية الإمكانيات، إذ تمكنت، تحت إشرافه، من «التربع على الصدارة وطنياً، بفضل الدينامية التي خلقتها الأندية المسرحية والسينمائية والرياضية والفنية التي احتضنتها الدار، ما جعلها قبلة للشباب الباحث عن فضاءات للإبداع والتكوين والترفيه»، فيما كشف أنه كان «يحتفظ بهذه الرسالة ليفصح عنها في يوم ما».
وفي ذات السياق، وبنبرة مؤثرة، قال بأنه «عندما تلقى اتصالا من رئيس «جمعية فرقة نجوم مسرح الأوبرا» يخبره فيه ببرمجة تكريمه ضمن فعاليات الملتقى لم يتردد في الحضور»، متأثرا بالمبادرة التي تعكس اعترافا بعطاءاته، بينما لم يفت أحمد القرشي انتهاز الفرصة لتوجيه دعوة صادقة إلى شباب مدينته، لحثهم على «العمل المشترك، ووضع اليد في اليد، من أجل النهوض بحياة وتنمية مدينتهم، انطلاقا من إيمانه الراسخ بأن التغيير الإيجابي لا يتحقق إلا بتظافر وتكاثف الجهود، والتزام الجميع بروح المسؤولية».
ومن باب مراهنتها على الدورة الخامسة كي تكون في مستوى الشعار الذي تحمله، أبت الجمعية المنظمة، «جمعية فرقة نجوم مسرح الأوبرا» إلا تتويج فعاليات ملتقاها بأمسية ختامية بتنشيط الفاعل المدني، محمد شمس الدين، ومشاركة مجموعة من الفنانين، من بينهم مجموعة لمجانين، العارضة خديجة وعافي، الفنان Neo، الفنانة ملاك الوجدية، إضافة إلى الرابور المهاجر Daddy Kdary وفرقةWenangolo Rhioh من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ثم الفنان عزيز العيساتي الذي قام بتشخيص شخصية شارلي شابلن.
وتميزت فعاليات النسخة الخامسة من «الملتقى الإفريقي لفنون المهاجر»، باحتضانها لورشتين، بتأطير خليل كنطاوي، حول «صناعة المحتوى الرقمي والإبداعي»، وأخرى حول «الابتكار في موضوع الهجرة»، ثم عرض شريط «الهجرة القاتلة»، فيما تخللت الفعاليات تقديم مسرحية «الصرخة» من إخراج خليل كنطاوي أيضا، وهي مسرحية تتناول إشكالية الإدمان على المخدرات ومعاناة المدمنين، كما عرف اليوم الأخير تنظيم حفل فطور جماعي لفائدة الأطفال المتخلى عنهم بمركز للاأمينة، أعقبته زيارة سياحية جماعية إلى منتجع أروكو.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 11/02/2025