كلمة: الأسواق المغربية والانتخابات

محمد الطالبي
تابعت، بكثير اهتمام، الوقفات الاحتجاجية التي عرفها سوق الجملة للخضر والفواكه، خاصة الشعارات والاتهامات الكبيرة والخطيرة بالفساد المالي ونهب المال العام والاغتناء غير المبرر في ظرف وجيز وبشكل ظاهر، لأسماء بعينها وصفاتها.
ومما أثارني حقا اتهام بعض المتدخلين من ضمن الوقفات الاحتجاجية المتنامية داخل هذا المرفق الحيوي وشريان تغذية ملايين المغاربة، خاصة على مستوى الخضر والفواكه، بعد أن استعصت اللحوم الحمراء والبيضاء على ما تبقى من مائدة الكادحين المغاربة، أشخاص بعينهم بأنهم وراء ارتفاع بل واشتعال السوق .
وهي الباب أو البوابة التي تبيض ذهبا للبعض، وظلت دوما مثار شبهات لريع متعدد ومتنوع يؤخذ من جيب المواطن مباشرة .
وتردد أيضا أن تفويت قطاع الحراسة لشركة ما كان من النقط التي أفاضت الكأس، ولا تهمني هنا الأسماء ولا الأشخاص، بل حقيقة ما يقع فعلا، بعد ما تم تسييج السوق بحراس وحواجز، وأضحى دخول الدراجات والشاحنات الصغيرة مقابل عشرة دراهم و100درهم للشاحنات الكبيرة.
مناسبة استحضار هذا الحديث هو أن هذه البوابة كانت ذات صيت واشتهرت حين كان الراحل إدريس البصري والمقربين منه قد جعلوها تبيض ذهبا بالفعل، لقد كان الحديث عن ملايير «ممليرة»وكانت محاكمات ومحاكمات وأكباش فداء ضبطوا على حين غرة، وأفلت متهمون ممن حامت حولهم الشبهات، لكن الفساد لم يغادر البوابة التي تنفتح على 45هكتارا وتروج يوميا الملايير .
اليوم يثار المشكل، من جديد، وتقرير مجلس المنافسة كان صادما في السابق ووقف على كل الهفوات والأخطاء، وجاء فيه أن الفلاح المغربي الصغير هو الضحية وأكبر من ضحية لأن هامش ربحه يبتلعه وسطاء وسماسرة حتى ممن لهم بعض الصفات وحتى اختلاط الصفات داخل هذا المرفق الحيوي، ورغم تدخلات وزارة الداخلية عبر مذكرات وتنبيهات إلا أن القضاء أكد تورط بعض منتسبي المجالس البلدية، وخاصة بالبيضاء، أوحين تختلط الخضر والفواكه بالسياسة والمقاهي والأسواق…
نحن على أعتاب رمضان الأبرك والمطلوب شعبيا، وفي انتظار تفعيل الشفافية، إبعاد أسواق يعتاش منها المغاربة عن المضاربين والسماسرة وتجار الانتخابات .
الأمر مرتبط بالأمن الغذائي في هذا المستوى بعد أن فشلت كل التدابير والمخططات، وتم حلب المال العام من طرف «مافيات» عبر ما سمي الدعم، وحتى دعم الدعم، وغيرها من الحيل التي أغنت الأغنياء وأفقرت ملايين المغاربة، وصار الحديث عن فئة وسطى قروية بعيد المنال، وربما خارج حسابات الحكومة، التي يتأكد أن كل حساباتها عقيمة والغرض منها فقط الإغناء والاغتناء، أما قوت المغاربة فيحتاج حقا إلى كبير عناية لأنه أمر سيادي ووطني ويهم استقلالية البلد فلاحيا في زمن منفلت بصراعات كونية تغير العالم، ولعل مأساة «كورونا» أعطت إشارة إلى أنه في زمن المحنة «مكاين غير اراسي اراسي «، وكيف شاهد العالم دولا تعترض طائرات في السماء وسفنا، بحثا عن كمامات وعن لقاحات لشعوبها. إن الدرس الذي يدفع بلدي كي يتعلم قاس جدا .
وبخصوص الأسواق فقد خلص تقرير رسمي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى ضرورة إصلاح أسواق الجملة عبر فتحها للمنافسة وتنظيمها بنصوص واضحة، وتشجيع التسويق التعاوني وقنوات البيع القصيرة لدعم الفلاحين الصغار. تقنين تخزين المنتجات الزراعية لمكافحة الاحتكار، وتسريع التحول الرقمي لتمكين الفلاحين من الاطلاع الفوري على الأسعار والتسويق المباشر. وضع إطار تنظيمي لدور الوسطاء، وتعزيز مراقبة الأسعار ومحاربة المضاربة. إنشاء مرصد للأسعار وهوامش الربح تحت إشراف مجلس المنافسة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين.
ويبقى على المتهافتين على التسميات أن يعطوا الأهمية لتدبير الأسواق بشفافية ونزاهة،
بدل الحديث عن منافسة انتخابية، ويمكن للبرلمان أن يلعب دوره إذا لم نسمع غدا تأويلا بأنه والخضرة لا يلتقيان، وأن الأمر لا يستقيم !
الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 13/02/2025