قدم أحمد زكريا ترجمته لكتاب “أساطير الحشّاشين وحقائقهم” للباحثة التركية عائشة أتيجي أرايانجان (المختصَّة في تاريخ الحركات الباطنية في الإمبراطورية السلجوقية)، وقد صدرت عن دار النهضة العربية، بيروت، 2024. وقال أحمد زكريا: “تحمستُ كثيراً لترجمة هذا الكتاب عندما عرضته عليَّ السيدة نسرين كريدية، مديرة دار النهضة العربية في بيروت، بسبب موضوعه المهم والشائك، لأنني قرأتُ أكثر من كتاب من قبل عن الفرقة التي عُرفت بـ”الحشاشين”، وكانت أغلب هذه الكتب تحتوي على معلومات متضاربة. وبعد أن قرأتُ الكتاب بالتركية وجدتُ أن المؤلفة، وهي باحثة مختصة في تاريخ الحركات الباطنية في الدولة السلجوقية، تتناول هذه الفرقة بعيداً عن روح الجمود الطائفي، وتوثق ما تورده بالعديد من المصادر العربية والأجنبية.
وأكد المترجم أن الفكرة الأساسية للكتاب هي محاولة تفنيد الأساطير المختلقة حول حسن الصباح والإسماعيليين، التي ما زالت تتردد حتى اليوم. حيث رُسمت لهم صورة غامضة وأسطورية، وكان تاريخهم، الذي يُروى بين الواقع والأسطورة، موضوعاً للأفلام والروايات. والذي يمكن القول إن أغلب ما يُروى عن هذه الطائفة خياليّ وبعيد عن الحقيقة التاريخية. وتأتي هذه الدراسة محاوَلةً لبيان حقيقة القصص المُلفَّقة التي تعلَّمها وقرأها وصدَّقها كثير من الناس، إذ تكشف الباحثة عن حقيقة الأساطير التي رُويت عن حسن الصباح، استناداً إلى الوثائق التاريخية. وتتطرق باستفاضة إلى شبكته الدعائية وهياكلها الاستخباراتية والتنظيمية. كما تجيب الدراسة على العديد من الأسئلة، مثل: هل كانت حديقة الجنة في قلعة آلموت حقاً؟ وهل كان الفدائيون يقفزون إلى حتفهم؟ وهل كان الهيكل الذي أسسه حسن الصباح دولة أم تنظيماً أم طائفة؟ وكيف تسللوا إلى الدولة والجيش السلجوقي؟ وما عقيدتهم وطرق مقاومتهم وولائهم؟ وهل كانوا يستخدمون الخشخاش؟ وما علاقتهم بالصليبيين؟ وهل كان حسن الصباح ونظام الملك وعمر الخيام أصدقاء؟
وأردف: “كان الإسماعيليون يقضون معارضيهم بالاغتيال، ويعلَّقون قوائم المُغتالين على أسوار القلعة، وينظمون الاحتفالات بعد النجاح في عمليات الاغتيال المهمة، ولم ينسوا الثناء على الفدائيين. ولأن العمليات التي قام بها الفدائيون كانت لقتل القادة العسكريين والمدنيين من أعداء الإسماعيليين، المحميين من قبل العديد من الحراس، فإن فرص نجاة الفدائيين كانت منخفضة للغاية، ولذلك مُجِّدت هذه الأعمال باعتبارها أعمالاً بطولية. وكان الفدائيون الذين يقمون بهذه المهام، هم الشباب الذين أُشيد بشجاعتهم وتفانيهم من قبل الإسماعيليين النزاريين، وكانت تعلَّق أسماؤهم وقائمة المهام التي أنجزوها في مكان مرموق بقلعة آلموت والقلاع الأخرى وتُقام لهم الاحتفالات.
وقال إن “رشيد الدين فضل الله الهمذاني والكاشاني، مؤرخا تلك الفترة، قدما قوائم اغتيالات الإسماعيليين النزاريين بشكل منفصل في أعمالهما. وفي هذه القوائم، كُتبت أسماء الأشخاص الذين قُتلوا واحداً بعد الآخر، وعدد الفدائيين الذين قاموا بالاغتيال، وفي أي تاريخ وبأي طريقة نُفِّذ الاغتيال.
ويبلغ عدد رجال الدولة المذكورين في قوائم الاغتيالات 74 شخصاً من الوزراء والأمراء والقضاة والولاة والخلفاء من كلِّ طائفة.
وبالإضافة إلى ذلك، وبحسب الكاشاني، فقد اغتيل نحو ثلاثين ألفاً من رجال الدولة في إيران وخراسان والعراق ومازندران وأذربيجان، وكانوا من الولاة والقضاة والأئمة وغيرهم. ومع ذلك، فمن المرجح أن العديد من الذين قيل إنهم قتلوا، وفقاً للكاشاني، قد قتلوا بالفعل على يد آخرين، واتُّهم النزاريون باغتيالهم.
وبحسب المصادر التي أدرجت رجال الدولة المغتالين حسب وظائفهم، سنجد 10 وزراء، و24 أميراً، وملكاً، ومحاسباً، و7 قضاة، و3 علماء، و3 أئمة، وواليينِ عسكريين، وسلطانينِ، وخليفتينِ، وخادماً، وقاضياً، ونائباً، و3 رؤساء، و5 ولاة، و8 مفتين”.
الفكرة الأساسية للكتاب هي محاولة تفنيد الأساطير المختلقة حول حسن الصباح والإسماعيليين، التي ما زالت تتردد حتى اليوم. حيث رُسمت لهم صورة غامضة وأسطورية، وكان تاريخهم، الذي يُروى بين الواقع والأسطورة، موضوعاً للأفلام والروايات