تحتضن مدينة هانوفر الألمانية ما بين 9 و13 أبريل/ نيسان المقبل، الدورة الخامسة من اللقاء المسرحي العربي تحت شعار»ماغما»، الذي ينظمه مركز الثقافة والتواصل «البافيون» والمركز الثقافي لمدينة هانوفر، بمشاركة مجموعة من الفرق المسرحية والفنية العربية التي تجمع بين فنون الأداء والسيرك والموسيقى والرقص والسينما، ومجموعة من الفاعلين في المجال الفني من العرب المقيمين بألمانيا وغيرها من البلدان الأوروبية والعربية.
وبعد تخصيص دوراته السابقة لمواضيع: الربيع العربي 2012، وصحوة المرأة العربية 2014، واللجوء 2017، والإرث 2022، تفرد الدورة الخامسة من هذا اللقاء المسرحي العربي، حسبما جاء في الندوة الصحفية التي عقدت أونلاين عبر الأنترنيت ظهر يوم 4 مارس/ آذار الجاري، لموضوع سؤال الفن في مواجهة الحروب والأزمات والتحديات التي يواجهها فنانو وفنانات المناطق المشتعلة، خاصة أولئك المنتسبين لمنطقة بلاد الشام كسوريا وفلسطين ولبنان، الذين سيقدون في هذه الدورة أعمالا فنية تمتزج فيها مختلف أشكال التعبير، وتشترك في إثارة التحولات والاضطرابات التي يعانيها الإنسان في الوقت الراهن، حيث اختلت كل الموازين وتوارت كل القيم والمبادئ، ولم يعد أمام الإنسان، وخاصة المبدع إلا فنه للتعبير عن مأساته الشخصية والجمعية لينقل تجربته الخاصة وتجارب الآخرين وأحلامه ومخاوفه من العنف المستشري والحروب الضارية والأزمات الاقتصادية المستفحلة.
فبين الماضي والحاضر وبين فلسطين ولبنان وسوريا، وبين المنفى في أوروبا، سيتقاسم الفنانون المشاركون في هذه الدورة الخامسة، كما يقول فتاح ديوري المدير الفني لهذا اللقاء المسرحي، مع الجمهور تجاربهم الفنية ورؤاهم المتعددة بلغاتها المختلفة وأشكالها التعبيرية التي تنهل من مختلف الفنون الأدائية التي تذهب بعيدا بالمسرح وتنجح في إثارة الطابوهات والقضايا الأكثر حساسية في المنطقة العربية.
ويشير ديوري إلى أن الهدف من هذا اللقاء المسرحي العربي، الذي تولدت فكرته في مدينة طنجة في فترة “الربيع العربي” أثناء نقاش جمعه برفيقته الفنية صابينه تروتشل وسعيا إلى تحقيقه رغم بعض العراقيل والمثبطات، هو خلق حوار بين الأجانب والعرب، وتكسير تلك الصورة النمطية والخاطئة التي تنظر إلى الإنسان العربي كـ “إرهابي”، وذلك عبر بوابة الفن ومختلف التعبيرات والفنون الأدائية، لأن الأساسي كما يقول هو “أن نصغي إلى الآخر ونحاول فهمه، ومادام المسرح يجمعنا بدياناتنا وتناقضاتنا وهواجسنا وآمالنا وانكساراتنا، فإننا نستحضره دائما إلى جانب الفنون الأخرى لنكون جسرا لهذا اللقاء الثقافي الإنساني”.
ويتضمن برنامج هذا الملتقى الخامس، كما كشف عن ذلك الشاعر الفلسطيني السوري عبد الرحمن القلق)أحد المشرفين على تنظيم هذا اللقاء إلى جانب صابينه تروتشل وإلكة سيبولسكي وإيريك فينسترا وفتاح ديوري وكوثر سليماني وماتياس ألبير ومحمد الهادي بالخير( ثمانية عروض، هي: العرض الأدائي “الفنان المقاوم للماء” للفنان المغربي متعدد التخصصات يونس عتبان المقيم بألمانيا الذي سيفتتح به هذا الملتقى، وهو عمل يجمع بين فن الأداء والرقص والرواية، ويقدم مقاربة ساخرة الهيمنة الثقافية، وعرض “حُلم” لمسرح الورشة في هانوفر من إخراج الفنانة السورية الألمانية يارا عيد وأدائها وتصميها إلى جانب ناتالي أورورا سبير وهاينو سيلهورن. وهو عرض استلهم فكرته من رواية “عما نحلم به” للكاتبة لين هيرسيه، ويطرح تساؤلات حول الهوية والانتماء والتعايش. والعرض الأدائي الراقص للفنان اللبناني علي شحرور الذي يحمل عنوان “نوم العزلان” الذي يواصل فيه ثلاثيته عن الحب والتي يصبح فيها الجسد أداة للتعبير عن المحظور.
إضافة إلى العرض المسرحي المونودرامي “صار وقت الحكي” من إخراج لينا الأبيض، وتشخيص الفنان اللبناني الفرنسي فيليب عرقتنجي، الذي يستعرض فيه حياة طبعتها ندوب الحرب الأهلية اللبنانية وسنوات البحث عن الذات بين لغتين وثقافتين بين لبنان وفرنسا.
وإلى جانب هذه العروض، سيكون للجمهور موعد مع العرض الموسيقى الأول “فيلكة” مع الفنانة السورية حلا عمران وثنائي “التنين” عبد قبيسي وعلي حوت، وهو ثمرة إقامة فنية للفريق في جزيرة “فيلكة” شبه المهجورة قبالة سواحل الكويت، يتم فيه استكشاف الإرث الموسيقيالغني لشبه الجزيرة العربية، ويحيي أغاني الصيادين التقليديين بالكويت، ويمنح صوتا للنساء اليمنيات المقاومات في سبعينيات القرن الماضي. ثم العرض المسرحي الذي يوظف فن السيرك مع الفنان الفلسطينية عشتار معلم في عرض “عوالم” الذي تقدم فيه علاقة الجسد بالمدينة وتستعيد فيه بأسلوب ساخر ذكرياتها وذكريات جدتها في القدس، وموعد مع القراءة الأدبية “طقس العبور” للشاعر عبد الرحمن القلق، وهو عمل شعري صادر باللغة الألمانية عان 2024 عن “دار فالشتاين”، ينطلق فيه الشاعر من سؤال أساسي هو “ماذا يعني أن تكون لاجئا فلسطينيا في العالم بلا مكان؟”.
هذاإضافة إلى تقديم عرضينلفيلمين سينمائيين هما: الفيلم الفلسطيني “غزة مونامور” من إخراج الأخوان ناصر وتمثيل هيام عباس وسليم الضو، وهو فيلم ينتصر للحياة ويقدم في قالب سخري مأساة الفلسطينيين ومعاناتهم اليومية مع الحصار، والفيلم المغربي “أزرق القفطان” للمخرجة مريم التوزاني، الذي يثير مواضيع الحب والمثلية والتقاليد.
وبهذه البرمجة النابعة من اختيار جد شخصي للفريق الفني لهذا اللقاء المسرحي، الذي لا يسعى إلى السبق في تقديم عروض أولى، كما يقول فتاح ديوري، بقدر ما يسعى إلى الاحتفاء بالعروض الجيدة والمتميزة التي تدخل في إطار التيمة المختارة للدورة وما يناسب أسئلتها الجمالية، يراهن اللقاء الخامس للمسرح العربي بهانوفر على تقريب العروض الفنية العربية من الجمهور الألماني والأوروبي الذي يحج لمشاهدة عروض هذه التظاهرة المدعومة من طرف المركز الثقافي “غوته” وقسن الثقافة العالمية من المركز الثقافي بولاية هانوفر.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا اللقاء صار جزءا من كرسي اليونسكو لحفظ السلام، وقد تم اختياره من ضمن 103 مشاريع لحفظ الثقافة والتعدد بالعالم.
اللقاء المسرحي العربي الخامس بهانوفر : «ماغما» تثير سؤال الفن في مواجهة الحروب والأزمات

الكاتب : سعيدة شريف
بتاريخ : 07/03/2025