نداءات بأجلموس لأجل حماية طفلة من التعنيف والاستغلال تستنفر السلطات

والدتها تعرضها للضرب والمنع من التمدرس لاستعمالها في التسول

 

في بلدة أجلموس بإقليم خنيفرة، برزت مؤخرا قضية إنسانية أثارت اهتمام وتفاعل المجتمع المحلي، تتعلق بالطفلة «مريم»، البالغة من العمر ثماني سنوات، ويشتبه في تعرضها لانتهاكات جسيمة لحقوقها الأساسية على يد والدتها التي تمتهن التسول، وتكون في حالات غير طبيعية، وفق صرخة أطلقها فاعل مدني وناشط ب «جمعية عمل المواطنة والإيكولوجيا» بأجلموس، هذا الأخير لم يقف مكتوف الأيدي أمام معاناة «الطفلة مريم»، وهو يبادر إلى إطلاق ندائه العاجل عبر صفحته على موقع فيسبوك، كاشفا الوضع المأساوي الذي تعيشه هذه الطفلة، وداعيا الجهات المعنية ومنظمات حقوق الطفل وأفراد المجتمع إلى التدخل السريع لحمايتها.
ووفقًا لما أورده الفاعل المدني، جمال بوتحازم، في ندائه، فإن مريم تتعرض لتعذيب جسدي ونفسي متكرر من قبل والدتها التي تجبرها على التسول، وتمنعها من الالتحاق بالمدرسة، في حالة عدم تمكنها من جمع المال، كانت الطفلة تتعرض للضرب المبرح، حتى في الأماكن العامة، دون أن يفوت ذات الفاعل الإشارة، في اتصال به، إلى حالة تعرض الطفلة مريم، في وقت سابق، لشكل من التعنيف، على يد والدتها، أصيبت إثره بجرح في الرأس، إلى غير ذلك مما يستوجب حاجة الطفلة للحماية من هذه المعاملة القاسية، والتدخل الفوري لإنقاذها وإبعادها عن بيئة تفتقر لأبسط مقومات الأمان والرعاية والحماية، ولحقها في التمدرس.
ووفق ما هو متوفر من معطيات، فقد تمكنت بعض الفعاليات المحلية انتهاز فرصة حلول قافلة تعبوية لأجل التشجيع على التمدرس، حطت رحالها بأجلموس، حيث تمت إعادة «الطفلة مريم» إلى مقعدها المدرسي،غير أن والدتها استمرت، في استغلالها للتسول، مستخدمة إياها لاستدرار عطف وشفقة الساكنة بأسلوب وصف بالإجرامي، وعلاقة بالموضوع، تفاعلت السلطات المحلية مع نداء الفاعل المدني، فيما أوفدت مصالح الدرك الملكي بأجلموس عناصر منها للتحقيق في الأمر، بتعليمات من النيابة العامة المختصة، وبالتنسيق مع قائد المنطقة الذي قام بدوره بالتحري ورصد تصرفات الأم، والاستماع لبعض المواطنين.
المفاجأة كانت عندما تلقى الفاعل المدني، جمال بوتحازم، استدعاء من طرف الدرك الملكي، حيث خضع لجلسة استماع استمرت أربع ساعات في يوم عطلة الأحد، تم استجوابه حول سبب اختياره لمنصة فيسبوك لنشر قضية الطفلة بدلا من التبليغ عنها مباشرة للسلطات، على الرغم من أن الحالة معروفة في الفضاء العام، والجميع على علم بوضعية الطفلة، دون أن يفوت بوتحازم القول، في تصريح له، بأنه قام بدوره كفاعل في المجتمع المدني، من خلال رصد وضعية الأطفال والمساهمة في الحد من الهدر المدرسي، وأن القضية في حاجة لتدخل الجهات المعنية لحماية مريم وضمان حقوقها الأساسية.
وفي تطور لاحق، أعلنت «الهيئة المغربية لحقوق الإنسان» بخنيفرة عن متابعتها لتطورات ملف «الطفلة مريم»، ضحية الإهمال والعنف الأسري، وأشارت إلى أن الفاعل المدني، جمال بوتحازم، سيتم تقديمه أمام أنظار وكيل الملك بهذا الخصوص، يوم الثلاثاء 11 مارس 2025، قبل تأكد الرأي العام من تفهم القضاء لمبادرة المعني بالأمر، ودوره كفاعل جمعوي في عدم التستر على حلقة من ظاهرة التسول بالأطفال، وإشارة بعض الآراء إلى أن استغلال الأطفال في التسول قد يرقى إلى مستوى الاتجار بالبشر، حيث علمنا في آخر لحظة اكتفاء النيابة العامة باستدعاء الأم للاستماع إليها، في حضور الطفلة، لأجل اتخاذ ما يمكن من التدابير.
ويجدر التذكير باتفاقيات الشراكة والتعاون الموقعة بين وزارة التربية الوطنية ورئاسة النيابة العامة في مارس 2021، والهادفة إلى الحد من الهدر المدرسي، إلى جانب الاتفاقيات الموقعة بين الوزارة ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة لمحاربة الهدر المدرسي لدى الأطفال في وضعية صعبة، فضلا عن مبادرات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتنظيمه لأكثر من يوم دراسي حول الأطفال ضحايا انتهاكات حقوق الطفل، ومنها يوم بعنوان «ظاهرة استغلال الأطفال في التسول: أية حماية؟»، والذي تم السعي فيه إلى تسليط الضوء على هذه الظاهرة المقلقة وبحث سبل حماية الأطفال من هذا الاستغلال الذي يُعتبر انتهاكا صارخا لحقوقهم الأساسية.
كما يشار إلى تقدم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، في يناير المنصرم، بمقترح قانون يهدف إلى تشديد العقوبات على المتورطين في استغلال الأطفال في التسول، مع مقترح تغيير وتتميم الفصل 328 من مجموعة القانون الجنائي، بهدف رفع العقوبات على المتورطين، دون القفز على مبادرة إطلاق» خطة عمل لحماية الأطفال من الاستغلال في التسول»، في الرابع من دجنبر 2019، بشراكة بين رئاسة النيابة العامة والوزارة المكلفة بالتضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، مع استحضار عمل وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة على تنزيل السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة 2015-2025، عبر البرنامج الوطني التنفيذي للفترة 2023-2026.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 12/03/2025