سد واد المخازن في الصدارة بنسبة ملء 71%.. بينما سدود أم الربيع وملوية في أزمة عطش
شهدت عدة سدود في المغرب ارتفاعا ملحوظا في منسوب المياه بعد الأمطار الأخيرة، مما يعكس تحسنا في الموارد المائية خلال الأيام الأخيرة. ووفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن وزارة التجهيز والماء بتاريخ 11 مارس 2025، بلغت النسبة الإجمالية لملء السدود 29.56%، مع مخزون مائي قدره 4,978.44 مليون متر مكعب، مسجلةً ارتفاعا بنسبة 0.49% مقارنة باليوم السابق.
أحد السدود التي سجلت زيادة كبيرة هو سد واد المخازن، الذي ارتفع منسوبه بحوالي 12.5 مليون متر مكعب، ليصل مستوى ملئه حاليًا إلى 71%. كما عرف سد الوحدة أكبر زيادة بين السدود المذكورة، حيث استقبل حوالي 13.3 مليون متر مكعب، ووصلت نسبة الملء الحالية به إلى 38.8%.
سد سيدي محمد بن عبد الله سجل ارتفاعا قدره 11.8 مليون متر مكعب، ليصل مستوى الملء إلى 44.3%. أما سد أحمد الحنصالي فقد استفاد من 5.7 مليون متر مكعب إضافية، ما رفع نسبة ملئه إلى 7.6%.
في الجهة الأخرى، عرف سد بين الويدان زيادة بحوالي 4.7 مليون متر مكعب، لكن نسبة الملء فيه لا تزال منخفضة، حيث بلغت 6.4%. بينما استقبل سد دار خروفة 2.7 مليون متر مكعب إضافية، ما رفع نسبة الملء إلى 13.4%.
وبحسب معطيات وزارة التجهيز فإن توزيع المياه المخزنة يختلف حسب الأحواض المائية، حيث يتصدر حوض سبو قائمة الأحواض ذات أعلى نسبة ملء، إذ بلغت نسبة امتلائه 51.2% بفضل كميات المياه الكبيرة التي استقبلتها سدوده، وعلى رأسها سد واد المخازن. كما سجل حوض اللوكوس نسبة ملء بلغت 43.5%، في حين استقر حوض أبي رقراق عند 38.7%.
أما الأحواض التي تعاني من عجز واضح، فيأتي على رأسها حوض أم الربيع بنسبة ملء ضعيفة لم تتجاوز 17.6%، بسبب الانخفاض المستمر في وارداته من المياه. كما يسجل حوض ملوية نسبة ملء لا تتعدى 12.3%، مما يعكس استمرار معاناة هذه المنطقة من الإجهاد المائي.
يمثل هذا الانتعاش في المخزون المائي للسدود بارقة أمل للفلاحين الذين عانوا من ندرة المياه في السنوات الأخيرة، مما أثر على المحاصيل الزراعية وتربية الماشية. فمع تحسن نسبة الملء، من المتوقع أن تعرف المساحات المسقية انتعاشا، مما سيساهم في رفع الإنتاجية الزراعية، خاصة في ظل الارتفاع المتوقع لمنسوب المياه الجوفية أيضا. كما أن توفر المياه بكميات أكبر سيمكن من التخفيف من حدة آثار الجفاف، وتعزيز المخزون الاستراتيجي للمياه الصالحة للشرب والري، مما سيساهم في استقرار أسعار المنتجات الفلاحية ويحد من الخسائر التي تكبدها القطاع الفلاحي خلال السنوات الماضية.
ورغم هذا الانتعاش النسبي، لا تزال التحديات البيئية والمناخية تهدد الأمن المائي للبلاد، حيث لا تزال نسبة الملء العامة دون المستوى المطلوب لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان والقطاعات الاقتصادية. كما أن بعض السدود الكبرى مثل سد المسيرة وسد بين الويدان لا تزال تعاني من عجز كبير في مخزونها المائي. لذلك، تبقى الضرورة ملحة لمواصلة تنفيذ استراتيجيات مستدامة لتدبير الموارد المائية، تشمل تحلية مياه البحر، وإعادة تدوير المياه العادمة، وتشجيع الفلاحين على تبني تقنيات الري الحديثة لترشيد الاستهلاك. فالطلب المتزايد على المياه، نتيجة التوسع العمراني والنمو الديمغرافي، يزيد من الضغوط على الموارد المائية المحدودة، مما يستوجب وضع سياسات ناجعة لتعزيز الأمن المائي.
ورغم التحسن النسبي الذي شهدته مخزونات السدود، فإن واقع الحال يشير إلى ضرورة استمرار جهود التأقلم مع التغيرات المناخية التي باتت تؤثر بشكل مباشر على توفر المياه. فقد أظهرت السنوات الأخيرة أن فترات الجفاف الطويلة أصبحت أكثر تكرارا، وهو ما يفرض تحديات إضافية على مخططات تدبير المياه. كما أن تذبذب التساقطات المطرية يجعل من الصعب الاعتماد فقط على الأمطار كمصدر رئيسي للمياه، مما يستوجب تعزيز بدائل مستدامة مثل تحلية المياه، والاستغلال الأمثل للمياه الجوفية، وتنويع مصادر التزود بالمياه لتأمين الحاجيات المتزايدة.