صدر حديثا الكتاب الثاني للإعلامية شفيقة العبدلاوي عن مكتبة شهيدة بمدينة وجدة 2025، وقد وسمته ب “FM104” ويقع في 260 صفحة من الحجم المتوسط، خصصته الباحثة للغوص في تخوم ذاكرة إذاعة وجدة الجهوية منذ التأسيس عام 1962.
يندرج هذا العمل القيم ضمن علم التوثيق والأرشفة باعتبارهما من بين أهم التقنيات العلمية المساهمة في الحفاظ على التاريخ والهوية والذاكرة في مستوياتها المختلفة، حيث تشكل الوثيقة أداة مهمة لتخزين المعلومات حول حقبة زمنية معينة تحفظ خصوصياتها وأحداثها، وقد مهدت الباحثة لعملها هذا بمقدمة بسطت فيها أهمية علم التوثيق في العمل الإذاعي، تقول: “وقد سارعت المؤسسات الإعلامية الإذاعية والتلفزيونية والصحفية، إلى التوثيق الإعلامي، الذي يسعى بطريقة مكثفة إلى تجميع المادة الإعلامية المعتمدة، من تسجيلات صوتية ومرئية ومكتوبة، على أن يتم تحديدها بطريقة تساعد على إعادة إنتاجها بطريقة معتمدة، وذلك من أجل تحديد مجالات الاستفادة منها، وتحديد البيئة الإعلامية الميدانية، المحيطة بمجموعة من المعارف، ذات المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ومن أجل التعامل معها بطريقة موضحة لكافة الأهداف الإعلامية”.
وقد وقفت الباحثة في عملها عند جهود السابقين في مجال التوثيق والحفاظ على الذاكرة الإذاعية الوطنية عبر مراحلها المتعددة وصولا إلى التوثيق الرقمي، والمقصدية من عملها الرامي إلى الحفاظ على الذاكرة الإذاعية لمحطة إذاعة وجدة الجهوية، “وسيرا على هذه السنة الحميدة لصون ذاكرة الإذاعة، جاء هذا العمل الذي هو ثمرة جهد لسنوات عديدة، وبذلك يكون أول عمل يوثق لمحطة إذاعة وجدة”، كما أشارت الباحثة الى المنهجية العلمية التي اعتمدتها في تأليف هذا الكتاب والتي تدرجت عبر مستويات منهجية كانت بداية بتسجيل المادة الصوتية، ثم تفريغها، فتصنيفها، كما تم الاعتماد على المصدر الحضوري.
ولعل ما يميز هذا المؤلف هو تعزيزه بصور جميع الأسماء الواردة فيه، إضافة إلى الوثائق والمذكرات والمراسلات التي كانت تتم بين عناصر المنظومة الإعلامية، سواء على المستوى الجهوي أم المركزي، كما وعدت بالعودة إليها في مرحلة لاحقة قصد استقرائها ودراسة مضامينها.
وقد سطرت الباحثة منهجية كرونولوجية لترتيب مواد الكتاب، واستحضرت عددا مهما من الأسماء التي تعاقبت على إذاعة وجدة الجهوية من مديرين وتقنيين وصحافيين ومنتجين وغيرهم، وهم على التوالي: محمد الماجدولي والعابد السودي القرشي وعمر بلشهب وعبد الرحمان مجد، وعزيز ريباك واسمهان عمور وإبراهيم خالد ومباركة مشيور، ومصطفى سليماني والميلود بوطيب، ثم قاسم اجداين ويحيى الكوراري وبوجمعة بلحاج، وحورية رحاوي عبد الحميد لحسيني، محمد عياد الريفي، ومحمد بنعمارة وبلعيد أبو يوسف، وسعيد التباع ومصطفى الحجازي ومحمد حماد الزروقي، وعبد القادر وساط وعلي خروبي.
وقبل ذلك قدمت توطئة تأريخية لكل من يحي بلخو ويحيى عباسي، حيث استحضرا البدايات الأولى لاستقبال المستمعين لأمواج إذاعة وجدة الجهوية.
وقد وقفت الباحثة طويلا لتحديد عتبة العنوان، مبينة معنى FM “هي اختصار لكلمة إنجليزية frequency modulation ، وهو إجراء لبث البرامج الإذاعية، بتعديل التردد في نطاق الترددات العالية جدا vhf – very high frequency- أما (104) فهي إشارة للتردد 104 ميغاهيرتز؛ والتي تدخل في نطاق الذبذبات الخاصة ب (FM) الموجودة بين 87.5 و 108 ميغاهيرتز (megahertz) . والإشارة (104)، هي أول تردد، يُرخص به لإذاعة وجدة الجهوية، من طرف الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات، تلتها بعد ذلك ترددات أخرى، لتغطية باقي مناطق الجهة الشرقية.”
تجدر الإشارة إلى أن شفيقة العبدلاوي حاصلة على الدكتوراه في الإعلام من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة في موضوع “اللغة العربية في الخطاب الإعلامي السمعي المغربي – إذاعة وجدة أنمودجا” عام 2020، وصدر لها كتابها الأول في موضوع “الإذاعة والتنمية اللغوية أي علاقة بين الخطاب الإعلامي واللغة العربية؟” عن مطبعة جسور في طبعته الأولى لعام 2021، ضمن منشورات العلامة الجمالية بوجدة.
حفريات في ذاكرة إذاعة وجدة الجهوية منذ التأسيس يكشفها = كتاب «FM 104 « لشفيقة العبدلاوي

الكاتب : إلهام الصنابي
بتاريخ : 17/03/2025