مقاطعات غير معنية بالأزمة تنشر صور الحفلات والأمسيات في صفحتها الرسمية
فضحت الأمطار الأخيرة التي عرفها تراب العاصمة الاقتصادية سوء التسيير الجماعي للدارالبيضاء، سواء تعلق الأمر بجماعتها أو عدد من مقاطعاتها، ونفس الأمر عاشته باقي الجماعات الترابية القريبة منها، كما هو الشأن بالنسبة لبوسكورة ودار بوعزة ومديونة. تساقطات مطرية عرت عن الواقع المتردّي للبنية التحتية وكشفت أعطاب قنوات الصرف الصحي المتقادمة منها والجديدة، بعدما تحولت إقامات سكنية إلى مسابح، وأضحت شوارع وأزقة عبارة عن «ضايات» يتطلب اجتيازها و»قطعها» انتعال «البوط» والاعتماد على «كواشف» مخافة السقوط في حفر أو بالوعات والتعرض لما لا تحمد عقباه.
«الأزمة المائية» التي تلقى أمطارها الجميع باستبشار وفرح أخرجت ما في باطن الأرض من مياه عادمة إلى السطح، في مشاهد تبعث على التقزز، تقاسم صورها المتضررون على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بعدما أعيتهم محاولات الاستنجاد بمصالح الشركة متعددة الخدمات، التي تدخلت في حالات وغابت في حالات أخرى، ووجدت نفسها «عاجزة» لسبب غير مفهوم عن القيام بما يلزم في وضعيات ثالثة.
هذا التقاسم العلني لفضائح «الواد الحار» كان من بين أسبابه كذلك غياب المنتخبين وتخلّفهم عن القيام بمهامهم، إذ في الوقت الذي خصصت مقاطعات بيضاوية أرقاما تقاسمتها على صفحاتها الرسمية على «الفيسبوك» نموذجا، والتي دعت من خلالها المواطنين للإبلاغ عن كل الحالات التي تنطوي على ضرر جراء التساقطات من أجل التدخل، فإن مجالس أخرى، ومن بينها مقاطعة مرس السلطان، على سبيل المثال لا الحصر، فضّلت تقاسم صور وإعلانات الحفلات المختلفة والأمسيات الرمضانية، وكأنها «ترقص» على إيقاعات الضرر الذي لحق بالمواطنين، مؤكدة بأنها غير معنية بمشاكل المتضررين، ومن بينها ما تعرفه زنقة الزهور التي طغت النتانة على إسفلت الزقاق وممتلكات الغير، في شهر الطهارة والصيام!
مشاكل لا تقف عند حدود مياه الصرف الصحي التي اختلطت بتراب الدارالبيضاء في كل مقاطعاتها، التي يستمر حضورها في بعض الأحياء، في حين جفّت في أخرى، وبقيت آثارها ورائحتها التي تزكم الأنوف حاضرة، إذ تمتد إلى معضلة أخرى والمتعلقة بالدور المتداعية للسقوط، التي تتهاوى أجزاء من عدد منها في كل يوم بل في كل لحظة، معرضة المواطنين وقاطنة هذه الأحياء للخطر، ومن بينها تلك التي تحتضنها مقاطعة مرس السلطان، التي انصرف مسيروها للاحتفاء بـ «طقوس» رمضان، معتبرين بأن لها الأولوية على حساب مصلحة الساكنة، ليبقى «الصرف» هو المحدد لبرمجة التدخل من عدمه؟