اليسار الجديد وقضية الصحراء المغربية «المسيرة الخضراء وحق جماهير الصحراء في تقرير مصيرها» 04

نستعرض في الحلقات الآتية سلسلة من المواضيع المرتبطة بمواقف اليسار الجديد بالمغرب بشأن قضية الصحراء المغربية. ولعل اعتمادنا اصطلاح « اليسار الجديد» يستند على التداول المرتبط بمدلولات هذا المفهوم في علاقته بتنظيمات اليسار الماركسي- اللينيني- الماوي بأقطابه الثلاث البارزة.   منظمة « إلى الأمام، ومنظمة 23 مارس، و»لنخدم الشعب». كما نعتمد هذا المفهوم للتمييز الموضوعي بين التنظيمات الديمقراطية واليسارية المغربية» الرسمية» التي اشتغلت في الشرعية السياسية، والتنظيمات اليسارية الراديكالية التي عبرت عن مواقف متطرفة إزاء قضية الصحراء تلتقي في مجملها في إقرار « حق تقرير المصير» بإقامة تمييز بين ساكنة الصحراء والمغرب، أو باعتمادها مفاهيم خاصة من قبيل « الشعب الصحراوي» و « البؤرة الثورية» و «النضال الثوري» و «التناقض مع النظام..»الخ

 

 

يوم 19 أكتوبر 1975 ستصدر منظمة الى «الأمام» بيانا سياسيا حول المسيرة الخضراء،اعتبرت فيه بأن خطة الحكم تدخل « في مخطط امبريالي صهيوني رجعي منسق يشمل كل العالم العربي» و « ان جماهير الصحراء التي فرضت ارادتها بالكفاح المسلح ضد الاستعمار الاسباني ترفض الالتحاق بالمغرب».
البيان المذكور سيستعمل العديد من الأوصاف القدحية تجاه النظام من قبيل « الحكم الرجعي العميل» « الحكم اللاوطني» « حكم القمع والنهب»» حكم الخيانة الوطنية»..الخ.وسيقول في معرض البيان المذكور « ان الحكم اللاوطني ليس في صالحه محاربة صديقه الاستعمار الاسباني الذي يحتل سبتة ومليلية والجزر الجعفرية، وينهب ثرواتنا البحرية، والذي يحتل الصحراء، ويذيق سكانها ومناضليها أبشع أشكال القمع والإرهاب..»
كما سيستعمل البيان نفسه العديد من الأوصاف والنعوت التي تخص المسيرة من قبيل « مسيرة صفراء وليس خضراء» و « مسيرة الخداع والنفاق».
ويضيف البيان « ..وهو يهدف ( أي الحكم) من ورائها الى استعباد سكان الصحراء بالقوة والدخول في الحرب ضد الجزائر الشقيقة. انه يريد خلق العداء من جديد بين شعبنا والشعب الجزائري الذي تجمعنا معه علاقات الاخوة والنضال والكفاح ضد الاستعمار والامبريالية، ويهدف من ورائها ذبح مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية والوادي وتقسيم الصحراء مع موريتانيا..» .
كما سيهاجم البيان المذكور الأحزاب المغربية المساندة للمسيرة الخضراء وللوحدة الترابية واصفا إياها ب « الأحزاب الشرعية البورجوازية» التي ارتمت « دفعة واحدة في أحضان الحكم العميل». ويقول البيان بأن ( الحكم ) يلبي « رغبتها في سحق جماهير الصحراء وطليعتها المناضلة الجبهة الشعبية ( البوليساريو)، وفي شن الحرب ضد الجزائر الشقيقة كما يفتح لها الباب في جني بعض المكاسب الضيقة، وتبخرت كل مطالباتها بالديمقراطية..».
لم يتوقف البيان عند هذا الحد بل اعتبر بأن الحكم يريد تشتيت سكان الصحراء واستعبادهم وتحويلهم الى مواطنين من الدرجة الثانية، وتقسيم الأٍض والخيرات مع حكم ولد دادة، وذلك لتوسيع أرباحه والحفاظ على المصالح الامبريالية والاقتصادية و العسكرية في الصحراء..».
وتجدر الإشارة الى أن هذا البيان، وعلى عكس البيانات السابقة الصادرة ما بين 1970 و 1974، لم يستعمل عبارة « الشعب الصحراوي» بل استعمل في فقراته عبارة « جماهير الصحراء» و « سكان الصحراء» .
وينتهي البيان بمحموعة من الشعارات:
«لا لاستعباد جماهير الصحراء.
لا للحرب ضد الشعب الجزائري الشقيق.
لا لتقسيم الصحراء بين حكم الحسن وحكم ولد دادة.
الكل لتحرير سبتة ومليلية والجزر الجعفرية.
كل شيء لمساندة كفاح جماهير الصحراء وطليعتها الجبهة الشعبية.
لنناضل من أجل:
– تحسين الأوضاع المعاشية للجماهير.
– اطلاق سراح المعتقلين السياسيين من السجون والمعتقلات السرية .-اطلاق الحريات الديمقراطية، رفع الرقابة عن الصحافة،حرية التعبير والتجمع والتنظيم، ارجاع مشروعية أوطم.»
وخريف 1976، ستصدر المنظمة وثيقتين. وثيقة» الجمهورية العربية الصحراوية، انطلاقة الثورة في الغرب العربي»، ووثيقة « هل يشكل سكان الصحراء الغربية شعبا؟.
تتضمن وثيقة « الجمهورية العربية الصحراوية» عناصر عديدة من ضمنها على وجه الخصوص التنصيص على أن « المغرب والصحراء وموريتانيا يشكلون ثلاث كيانات وطنية بمجموعها، تشكل القطر الغربي للوطن العربي»و أن هذا القطر تكون تاريخيا « في مرحلة المجتمع شبه الاقطاعي وشبه الجماعي الذي كان يميز الغرب العربي الى حدود الدخول الاستعماري.». وفي الوثيقة اللاحقة سنستعرض ما اسمته ب « الأسس التاريخية» و « الثورة في الغرب العربي»


الكاتب : تقديم و إعداد : عبد المطلب أعميار

  

بتاريخ : 19/03/2025