خطف «النصب» على المبتدأ، وكسر خاطر «نعته»، ورفع «ضغط» المضاف إليه، الأضواء من ندوة الدورة 30 من المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط ،المزمع تنظيمه من 18 الى 28 أبريل الجاري . هكذا غصت مواقع التواصل الاجتماعي أول أمس الاثنين، بموجة من الانتقادات والسخرية مما تم عرضه على خلفية منصة الندوة التقديمية لمعرض الكتاب، التي نظمتها وزارة الثقافة أول الاثنين بالرباط، لعرض الخطوط العريضة لبرنامج الدورة 30 .مصدر السخرية لم يكن بسبب المعطيات التي تم الإعلان عنها ، بل بسبب رصد أخطاء نحوية خلال عرض معلومات ومعطيات عن المعرض، ظهرت على شاشة توضيحية خلف منصة اللقاء تم من خلالها إطلاع وسائل الإعلام على برنامج الدورة، وعدد دور النشر المشاركة وأفضية المعرض وأهم محطاته.
هكذا تم رصد عنوان «العارضين المشاركين» في عملية «نصب» على المبتدأ ونعته، نصبٌ مارسه القيمون على مراجعة منشورات المعرض في استخفاف واضح باللغة الرسمية للبلاد وعدم تمكن وغياب كفاءة لغوية لمن سهروا على إعداد البرنامج في أبسط درس للنحو يدرس في مستوى الثالث ابتدائي «المبتدأ والخبر» ! وهو ما يفضي الى القول بأن المفروض فيهم رعاية الثقافة، يحتاجون إلى رعاية لغوية.
خطأ آخر تم رصده في جملة «العارضون غير المباشرون»، بدل الجملة الأصح « العارضون غير المباشرين»، فكلمة «المباشرون» جاءت في موقع الإضافة، والمضاف إليه يكون مجرورا، وعلامة جر جمع المذكر السالم الياء، فالصواب أن يكتب» غير المباشرين».
هذه الأخطاء جرى عرضها أمام أنظار وزير الثقافة المهدي بنسعيد، ورئيس جهة الرباط رشيد العبدي، وعمدة الرباط فتيحة المودني، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان السابق إدريس اليزمي، وعدد من الشخصيات الثقافية والأدبية الحاضرة، مما زاد من حدة الانتقادات التي انطلقت منذ الإعلان عن الملصق الرسمي للمعرض الذي غابت عنه اللغة الأمازيغية قبل أن يتم تدارك الأمر، ناهيك عن التصميم الفني الذي افتقد للجمالية ولمواكبة تطورات عالم الكتابة والنشر.
وبعيدا عما أثارته هذه الأخطاء من ردود وانتقادات لوزارة الثقافة المفترض فيها رعاية الثقافة وحاملها الأساس «اللغة»، تم الإعلان خلال الندوة عن مشاركة حوالي 775 عارضا، يمثلون 51 بلدا، موزعين ما بين 311 عارضا مباشرا، و464 عارضا بالوكالة، يقدمون ما مجموعه 100 ألف عنوان، بالإضافة الى مساهمة مجموعة مـن الباحثين والكتاب والمبدعين في مختلف أصناف الفكر والإبداع، من داخل المغرب وخارجه، بمعدل 26 نشاطا في اليوم، يشارك فيها ما مجموعه 762 متدخلا عبر العديد من الندوات العامة، واللقاءات الفكرية، والليالي الشعرية، والحوارات المباشرة وتقديم الإصدارات الجديدة.
هذا الموعد الثقافي سيعرف أيضا تنظيم فقرات احتفالية تتمثل في تكريم قامات إبداعية وفكريـة مغربية ساهمت في إشعاع الثقافة المغربية، إلى جانب فقرات خاصة بتكريم رموز الثقافة العربية بتعاون مع منظمة الإلكسو، وفقرات أخرى لتقديم جوائز أدبية، منها جوائز ابن بطوطة لأدب الرحلة والجائزة الوطنية للقراءة.
وستتميز هذه الدورة باستقبالها للشارقة (الإمارات العربيـة المتحدة) كضيـف شرف، في خطوة جديدة ترسخ مكانتها كمركز ثقافي عالمي، وحاضنة للثقافة العربية والإسلامية، مجسدة بذلك دورها في رعاية المشروع الثقافي العربي الحديث.
وبهذه المناسبة، أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، في كلمة بالمناسبة، أن استضافة إمارة الشارقة كضيف شرف للدورة، يعكس التزام المعرض بترسيخ قيم التعاون الثقافي العربي الوثيق وأهمية الانفتاح على الآخر، مبرزا أن الاحتفاء بمغاربة العالم يجدد التأكيد على تعزيز روابط الانتماء والتواصل مع الوطن الأم. وسجل بنسعيد أن الوزارة تواصل بمعية كافة شركائها المهنيين والثقافيين والمؤسساتيين والجمعويين العمل على إخراج الدورة الـ 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب في الصورة التي تحقق بها قيمة مضافة، ويجعل من مدينة الرباط وجهة ثقافية وطنية ودولية، خاصة وهي تستعد لتكون العاصمة العالمية للكتاب في الدورة الموالية برسم سنة 2026.
من جهة أخرى، ستحتفي الدورة الـ 30 من المعرض بمغاربة العالم، وذلك من خلال تكريم أربع شخصيات بارزة في تاريخ الهجرة المغربية، كعبد الله بونفور (متخصص في الدراسات الآمازيغية)، والراحل أحمد غزالي (كاتب مسرحي وعالم متاحف)، وللا خيتي أمينة بن هاشم العلوي (أول صحفية مغربية في الإذاعـة والتلفزيون البلجيكي)، والراحل إدريس الشرايبي، وذلك بمناسبة الذكرى الـ 70 لصدور روايـة «التيوس» في باريس.
ويشمل البرنامج الأدبي لمغاربة العالم تنظيم أمسية شعرية تتضمن قراءات لقصائد باللغات العربية والأمازيغية والفرنسية والإنجليزية والإيطالية والإسبانية لـ 11 شاعرا. كما أنه من المقرر تنظيم عـرض اسـتيعادي لعشرة أفلام مغربية رائدة حول الهجرة.
من جانبه، أبرز رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، إدريس اليزمي، أن الدورة الـ 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، ستمنح من خلال الاحتفاء بذكرى الكاتب والأديب المغربي الراحل إدريس الشرايبي، فرصة لاستكشاف رحلته الإبداعية من خلال معرض غني بالصور والشهادات التي تسلط الضوء على مسيرته الفريدة.كما سجل اليزمي أن الاحتفاء بمغاربة العالم سيمكن من استكشاف التحولات الفكرية والثقافية التي شهدتها الجالية المغربية المقيمة بالخارج خلال بضعة عقود، والمتمثلة بالأساس في التطور الكبير للكتابات النسائية مقارنة بالجيل الأول لمغاربة المهجر.
وعلى غرار الدورات السابقة، أعدت وزارة الشباب والثقافة والتواصل لفئة الأطفال برنامجا غنيا ومتنوعا طيلة أيام المعرض، يتضمن 712 نشاطا من بينها 660 ورشة تثقيفية داخل ستة مساحات يتشكل منها فضاء الطفل، إلى جانب تهيئة فضاء خاص بالرصد المطبوع من كتب الأشرطة المصورة.
أزيد من 700 عارض خلال الدورة الـ 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب .. «عارضون غير مباشرون» يتسببون في «كسر خاطر» اللغة العربية

الكاتب : ح. الفارسي
بتاريخ : 09/04/2025