ممرض شاب يشرف على توليد امرأة نواحي تنغير بتنسيق مع «قابلات» باعتماد الاتصال عن بعد

بعد تعذر نقلها للمستشفى بسبب انقطاع الطريق وصعوبات التنقل 

 

وجد ممرض حديث التعيين نفسه أمام تجربة هي الأولى من نوعها في مسيرته المهنية التي انطلقت مؤخرا، والتي وضعته أمام محكّ عصيب يتمثل في بذل كل الجهود لإنقاذ حياة سيدة حامل وجنينها، حين اضطر للمساهمة في توليدها في منزلها بأحد الدواوير التابعة لإقليم تنغير، بعدما تعذر نقلها إلى المستشفى أو إلى أقرب مركز صحي، بسبب انقطاع الطريق بفعل السيول.
وكشف إلياس الشتيوي، البالغ من العمر 22 سنة في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي»، عن تفاصيل الولادة المستعصية التي شارك فيها، نظرا لأن السيدة الحامل كانت تعاني من ارتفاع ضغط الدم وتتابع العلاج بخصوص هذا المرض، مشيرا إلى أنه تلقى اتصالا هاتفيا يفيد بأن المعنية بالأمر التي تقطن بواحد من الدواوير الـ 11 التي توجد بالنفوذ الترابي للمركز الصحي من المستوى الأول ايت حمو وسعيد الذي يشتغل فيه، هي على وشك الولادة ولا يمكن نقلها لا إلى المستشفى الإقليمي بتنغير ولا صوب مستشفى القرب ببومالن دادس، وهو الأمر الذي وقف عليه بعد انتقاله عبر طرقات وعرة وملتوية إلى محلّ سكن المعنية بالأمر، وإجرائه لبعض الاتصالات لاحقا حين تبين له بأن هناك مشاكل تعترض طريق الولادة اليسيرة، مضيفا بأنه بعد قياس ضغط دم المرأة الحامل الذي كان مرتفعا والذي ارتفع أكثر حين الولادة ليصل إلى مستويات قياسية، وكذا قياس نبضات قلب الجنين، وغيرها من الخطوات الأخرى الضرورية المرتبطة بالفحص، لتفادي أي صدمة قد تطال الأم، قام بتجهيزها لنقلها صوب أقرب مؤسسة صحية لكن الأحوال الجوية وطبيعة المسالك الوعرة حالت دون ذلك.
أمام هذا الأمر، ورغم التوتر الذي أحسّ به نتيجة لهذه التجربة غير المسبوقة وفي ظل غياب الوسائل الكفيلة لتقديم عناية ذات جودة للمرأة الحامل، وتعذر الإمكانيات لنقلها إلى مؤسسة صحية يمكنها أن توفر لها ما هي في حاجة إليه، استعان إلياس بهاتفه النقال وأجرى اتصالا بتقنية الفيديو مع مولّدات في المستشفى الإقليمي بتنغير ونفس الأمر بالنسبة للمولّدة بالمركز الصحي امسمرير، اللواتي وجّهنه لمدة زمنية ليست بالهيّنة خاصة بعد أن اشتد المخاض بالمرأة الحامل، إلى أن تمكّنت السيدة من وضع مولودتها في صحة جيدة.
هذه التجربة التي لم تكن سهلة على إلياس كشفت عددا من المشاكل التي تعترض الصحة في المناطق الجبلية والنائية، سواء تعلق الأمر بصعوبات المسالك والطرق الوعرة من أجل التنقل، خاصة حين تكون هناك اضطرابات جوية تتميز بالتساقطات المطرية والثلجية، أو بالخصاص في الموارد البشرية المؤهلة للتعامل مع أوضاع مختلفة، كما هو الحال بالنسبة للقابلات، أو بمشكل التواصل، لأن الممرض الشاب حين تدخل في هذه الحالة وجد نفسه مضطرا للتعامل بالإشارات في منطقة يتواصل سكانها بالأمازيغية. هذه الإكراهات لم تحل بالمقابل دون أن تظهر انخراطا متواصلا لكافة أجيال الصحة العمومية، خاصة الممرضات والممرضين، الذي يقومون بعمل جبار بعيدا عن الحواضر وفي ظل ظروف جد صعبة لإنقاذ حياة المواطنين، صغارا وكبارا.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 15/04/2025