سلام: الحضور النسائي في البرامج السياسية تتحمل النساء أيضا مسؤوليته
الترابي: موقع المرأة في البرامج السياسية انعكاس لصورة المجتمع السياسي
اختار المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو يستحضر العامل الثقافي باعتباره أحد أهم المحددات في القضايا المجتمعية الكبرى، أن يقارب موضوع «دور الإعلام في نشر ثقافة المساواة ونبذ التطرف وحماية الحياة الخاصة» من خلال ندوته التي نظمت على هامش معرض الكتاب في دورته الثلاثين بالرباط، يوم الجمعة 18 أبريل الجاري برواقه داخل المعرض.
هكذا التام أهل الميدان، بمجالاته السمعية البصرية والمكتوبة، من أجل مقاربة هذا الموضوع باعتبار الإعلام حاملا يؤثر في التمثلات ويشيع ثقافة الحداثة والحقوق. فإلى أي حد استطاع ويستطيع الإعلام صياغة خطاب حقوقي موحد ينسجم مع المرجعية الكونية، ويستجيب لفلسفتها خاصة في ظل دخول فاعلين جدد في المشهد الإعلامي.. فاعلون زعزعوا صورة وموقع الصحفي كوسيط بين المحتوى والقارئ والمشاهد والمستمع؟ وهل يقدم الإعلام المغربي نموذجا في المساواة بين الجنسين؟ أين تقف الحياة العامة ومن أين تبدأ الحياة الشخصية؟ وماهي الحدود التي يمكن للإعلامي أن يقف على أرضها حتى لا يسقط في فخ التشهير؟
أسئلة طرحها الإعلامي غفور دهشور لتأطير النقاش ومقاربة ما يطرحه من تحديات على الاعلام اليوم، خاصة الإلكتروني منه.
في هذا السياق، أكد الإعلامي ومدير نشر جريدة الاتحاد الاشتراكي عبد الحميد جماهري، أنه لا يمكن تصور الإعلام إلا في خضم حقوق الإنسان لأنه هو ساحة المعركة الوحيدة التي يمكن أن نضبط على إيقاعها مدى احترام هذه الحقوق من عدمه، متسائلا: « إلى أي حد يستطيع الإعلام، خاصة الورقي، التأثير في صناعة رأي عام مناصر لحقوق الإنسان، خاصة في ظل تراجع الصحافة الورقية؟» محيلا على صورة مفارقة في الغرابة والسخرية مفادها أن المطلوب من الإعلام اليوم خوض المعركة الحقوقية وهو في حالة احتضار.
إن الوضع الذي يعيشه الإعلام والدور المطلوب منه يستدعي اليوم، حسب جماهري، فتح نقاش وسط النخبة وإنتاج خطاب إعلامي صريح حول المسالة الحقوقية إذا أردنا خلق رأي عام مؤمن بالثقافة الحقوقية ومتمثل لها، ممارسة وواقعا، رأي عام لن يقف الإعلام والصحافة إلا في صفه وفي صف الانحياز والانتصار له حتى ولو تطلب منه الأمر أن يقف في مواجهة ثقافة المجتمع الرافض لبعض هذه الحقوق، خاصة المرتبطة بوضع المرأة. وشدد جماهري على أن الدفاع والمناصرة يجب أن ينطلقا من داخل المطبخ الداخلي لهذا الإعلام الوسيط، من خلال القطع مع التقسيم التقليدي لتخصصات الإعلاميين داخل هيئات التحرير مثلما وقع هذا القطع في الحقوق السيادية كالمجال الديبلوماسي الذي قطع أشواطا مهمة في تمثيلية المرأة، لافتا في هذا الصدد إلى ان الحقول السيادية نجحت في تجاوز هذه التقسيمات الجندرية عكس الحقل السياسي الذي يظل حبيس ورهين اشتراطات وتقليدانية المجتمع، وهو ما يمثله بجلاء الحضور النسائي في البرامج السياسية في وسائل الإعلام، سواء كإعلاميات أو فاعلات في الحقل السياسي.
من جهة أخرى، وفي خطاب محور الكراهية في وسائل الإعلام، ذهب جماهري الى أنه نادرا ما يتم رصد مثل هذه الانزلاقات في الإعلام السمعي البصري لأنه مؤطر بقوانين وبهيئة رقابية (الهاكا) وهو نفس التوجه الذي نجده في الإعلام المكتوب الذي يحتكم إلى سلطتين رقابيتين: رقابة ذاتية نابعة من مسؤولية الصحفي الأخلاقية ثم رقابة قانونية مؤطرة بقانون وأخلاقيات المهنة. وأشار جماهري إلى أن الخصاص يكمن أحيانا «في مضمر الخطاب السياسي، وفي الكلمات عندما نتحدث عن الآخر كجزء ليس منا أي نتحدث عن الهوية»، وهو ما حسم معه دستور 2011 عندما تحدث عن «هوية واحدة متعددة الروافد»، وهو ما على الإعلام أن يستوعبه ويمؤسس خطابه على أساسه.
بدورها اعتبرت اعتماد سلام، الصحفية بقناة ميدي 1 تيفي، وهي تتحدث عن دور الإعلام في نشر قيم المساواة، أن المطلوب قبل الحديث عن هذا الدور هو تعزيز التكوينات في المجال من أجل مقاربة أمثل لهذه المواضيع، بالإضافة إلى طبيعة الخطاب التحريري للمؤسسات الإعلامية ومدى تمثل الإعلامي لأخلاقيات المهنة عند مقاربة القضايا النوع الاجتماعي.
وتوقفت سلام عند الحضور النسائي في البرامج السياسية والثقافية، حضور لا تتحمل العقليات الذكورية والمحددات الاجتماعية التقليدية مسؤوليته بشكل تام، بل النساء بدورهن، مشددة على أن موقع المرأة في المقاولة الصحفية يحتكم اليوم للكفاءة التي أثبتت أحقيتها في عدد من المؤسسات.
أما عن مقاربة الإعلام لخطاب الكراهية ونبذ الآخر والمساس بالحياة الخاصة للأشخاص، فأشارت سلام الى التجارب الإعلامية في مقاربة قضايا الهجرة تجاه المهاجرين الأفارقة الذين يتخذون المغرب نقطة عبور نحو أوربا ، مقاربة جعلت بعض وسائل الإعلام تسقط في مطبات أخلاقية أحيانا، وهو نفس الأمر الذي ينسحب على الحياة الخاصة التي جعلتها بعض وسائل الإعلام مادتها الدسمة والأساس مع ما يصاحب ذلك من تشهير وإساءة ، خاصة في الإعلام الرقمي.
وإذا كان المتدخلان السابقان، جماهري وسلام، يؤمنان بدور الإعلام في معركة إشاعة الحقوق، فإن عبد الله الترابي الصحافي بالقناة الثانية، سبح ضد هذا التوجه العام، محذرا من الخطاب المعياري حول الصحافة ومن إعطاء الإعلام دورا أكبر من دوره في هذه المعركة، معتبرا أن الصحافة تعبير عن تحولات المجتمع، وأن موقع المرأة في البرامج السياسية الإعلامية ما هو إلا انعكاس لصورة المجتمع السياسي في شموليته.