في سياق فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بمكناس (SIAM) 2025، شهدت المدينة يوم 23 أبريل 2025 انعقاد الدورة الخامسة للمؤتمر الوزاري السنوي لمبادرة التكيف مع الفلاحة الإفريقية (AAA)، التي أصبحت نقطة تحول محورية في مسار الزراعة الإفريقية. المؤتمر، الذي جمع ممثلين رفيعي المستوى من القارة الإفريقية، إلى جانب خبراء وعلماء ومؤسسات تنموية، شكل دعوة موحدة للعمل في مواجهة التحديات المناخية المتزايدة، مع التأكيد على ضرورة تبني نموذج زراعي مستدام قادر على التكيف مع المتغيرات المناخية.
تحت شعار «الفلاحة الحراجية والمرونة المناخية: رؤية إفريقية للأمن الغذائي والتنمية المستدامة»، انطلقت النقاشات من أرضية قوية، بعيدة عن الخطابات العامة، حيث قدم الوزراء استراتيجيات مدروسة وخبرات واقعية من الميدان، مؤكدين على أن الزراعة الإفريقية لم تعد تحتمل التأجيل. أمام تزايد الجفاف، وتدهور التربة، والصدمات المناخية المتواصلة، أكد الجميع على ضرورة اتخاذ خطوات جماعية، منسقة، وجريئة لمواجهة هذه التحديات.
حظيت «الفلاحة الحراجية» بنصيب الأسد في النقاشات، إذ اعتُبرت حلا مبتكرا وقويا لدمج الأشجار مع المحاصيل الزراعية وتربية الحيوانات. هذه الممارسة التي أُحييت من جديد تجمع بين الإنتاجية الزراعية وحماية النظم البيئية، وتُعد وسيلة فعالة لتحسين خصوبة التربة، وتخزين الكربون، وتنظيم المياه، بالإضافة إلى زيادة الغلات الزراعية. وفقًا للعلماء، تمثل هذه الممارسة حجر الزاوية لخلق زراعة مستدامة ومرنة على مستوى القارة.
في اليوم السابق، 22 أبريل، تم تنظيم طاولة مستديرة علمية لوضع الأسس لمستند استراتيجي، سيحمل الوفد الإفريقي إلى مؤتمر الأطراف 30 (COP30) للدفاع عن رؤية القارة في مجال الفلاحة المقاومة للتغيرات المناخية. الهدف من هذا المستند هو ضمان تمثيل قاري قوي في المفاوضات المناخية، والمطالبة بحصة عادلة من التمويل المخصص للتكيف مع التغير المناخي.
من الناحية السياسية، شكلت المبادرة انطلاقة جديدة للتعاون الإفريقي جنوب-جنوب. منذ إطلاقها من قبل المغرب في 2016، تُعتبر مبادرة AAA محركًا أساسيًا لتنسيق الجهود بين الدول الإفريقية، حيث جمعت ممثلين حكوميين، مانحين، أكاديميين، والقطاع الخاص لتوجيه السياسات الوطنية نحو استراتيجية قارية موحدة لتكييف الزراعة مع التغيرات المناخية.
وبينما كان المؤتمر العلمي نقطة محورية في تعزيز التعاون بين مختلف الأطراف، كانت الرسالة السياسية واضحة: لا يمكن لقارة إفريقيا أن تنتظر أكثر من ذلك. فعلى هامش المعرض الدولي للفلاحة في مكناس 2025، تم رسم معالم الطريق لمستقبل زراعي إفريقي مزدهر، يضمن الاستقلالية الغذائية ويحترم التنوع البيئي، ليكون هذا المؤتمر علامة فارقة في كتابة فصل جديد في تاريخ الزراعة الإفريقية، فصل يعكس طموحات القارة في ظل التغيرات المناخية.