القنيطرة.. تكريم المناضل والمقاوم محمد بنجيلالي شاوة لحظة وفاء لرجل من زمن المقاومة

 

نظمت الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمدينة القنيطرة، يوم الخميس 17/04/2025، حفلا تكريميا للمناضل والمقاوم محمد بنجيلالي شاوة، مع تقديم كتاب حول سيرته الذاتية من تأليف الأستاذ المنديلي عمر تحت عنوان « المقاوم بنجيلالي شاوة يتذكر «.
افتتح اللقاء لركو بوبكر، الكاتب الإقليمي والجهوي السابق للحزب، بالترحيب بالحضور، والذي كان حضورا نوعيا رفيعا جمع بين المناضلين القدماء والجدد مما أعطى طابعا جماليا لهذه اللحظة النضالية بامتياز .
ومما زاد في جمالية هذه اللحظة، هو أن الأخ لركو تعمد ذكر أسماء الحاضرين وكأنه يُسمع للغير البعيد، وعلى اختلاف أطيافه ، الحاضر منه والغائب، بأن الاتحاديين يحضرون دائما في اللحظات الضرورية والتي هي لحظات البناء ولم الشمل .
كما قدمت الكتابة الإقليمية درع التكريم للمحتفى به، في حين خصته الأستاذة عائشة زكري بهدايا تعبيرا عن التقدير لمساره النضالي والإنساني.
وفي كلمة البشير الجابري، الكاتب الإقليمي للحزب، قال : « نكرم أحد أبناء هذا الوطن البررة، أحد رموز المقاومة الوطنية في هذه المدينة المجاهدة، والتي قدمت خيرة أبنائها فداء للحرية،
إنه أخونا المقاوم محمد بنجيلالي شاوة، أطال الله في عمره، والذي لم يضع قلبه وعقله وضميره وذاكرته في ساحة الشرف فحسب بل قدم حريته وعرض حياته للخطر من أجل عزة الوطن واستقلاله، هذا المقاوم، لم يكن شاهدا على مرحلة من مراحل الاحتلال فقط بل كان فاعلا فيها، مشاركا فيها عبر عمليات نوعية ضد الوجود الاستعماري بالقنيطرة، مخاطرا بنفسه، غير مبال بما قد ينتظره من اعتقال أو مطاردة أو تعذيب منذ أن تم نفي الملك المجاهد محمد الخامس ورفيق كفاحه الحسن الثاني رحمهما الله».
وأضاف الكاتب الإقليمي: « كان أخونا محمد بنجيلالي من أوائل من آمنوا بأن الاستعمار لا يقابل بالصمت ولا بالتأقلم بل بالمقاومة، والمواجهة والفعل الوطني الميداني النبيل، فكان حيث يكون الرجال في مواجهة الغطرسة والاستبداد جريئا حين تتطلب المعركة الجهر، ثابتا حين يتطلب الموقف الثبات، غير مبال بتقاعس الآخرين، ناقما على المحتلين الطغاة وعملائهم من الخونة والمخبرين، ولئن كانت بعض صفحات التاريخ قد تجاهلت أبطاله الحقيقيين، فنحن اليوم نعيد الاعتبار لا للتاريخ فقط بل للضمير الجمعي «.
وختم الجابري: « إن تكريمك اليوم هو رسالة لأبنائنا لطلبتنا لأجيال الغد، لنقول لهم إن البطولة لا تصنعها الكاميرات والتباهي بالصور في مواقع التواصل الاجتماعي بل تصنعها المواقف، وأن الوطن لا يخدم بالشعارات بل بالدم والتضحيات « .
وفي كلمة عمر المنديلي: « التقيت بالحاج محمد شاوة بنجيلالي في سنوات الثمانينيات عند مجيئي إلى مدينة القنيطرة ، وعرفته داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وداخل الكونفدرالية الديموقراطية للشغل، ولمست فيه روح النضال الصادق، ومع مرور الأيام عرفت أنه كان من رجالات المقاومة الذين غامروا بحياتهم في سبيل تحرير المغرب من قبضة الاستعمار، وأنه تعرض للاعتقال من طرف الفرنسيين عدة مرات» .
وختم المنديلي: « إنه مولود يتصل بالذاكرة، وكما سميته « إنه نبش في الذاكرة « لأنه استرجاع للماضي بكل افتخار واعتزاز، ماض يعبر عن روح المواطنة الصادقة، عن نكران الذات في سبيل الوطن والمواطنين، ويحمل بالتالي صيغا مختلفة، من المقاومة إلى العمل السياسي المنظم إلى العمل الجمعوي إلى تدبير الشأن المحلي، إنها شهادة تاريخية غنية جدا امتدت طيلة سبعة عقود يقدمها جيل لجيل من أجل العبرة والموعظة، إنها مذكرة تكشف النقاب ليس عن تاريخ زعيم سياسي بل عن نضال إنسان بسيط من الهامش المجتمعي، لكنها تجربة غنية ومفيدة للأجيال اللاحقة» .
ومن جهتها تساءلت عائشة زكري، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عن دلالة هذا الاحتفال؟ لتجيب: « إن المقاوم، كما يعرف الجميع، إنسان يغامر بحياته لمحاربة المستعمر من أجل تحقيق الاستقلال لوطنه والحرية لأبناء بلده، إن المقاومة هي الصورة المثلى للتضحية من أجل الوطن . لذلك فهي درس في الوطنية الصادقة، درس يقدم للشباب وللأجيال اللاحقة، ويؤكد أن الحق يؤخذ وينتزع من أيدي الغاصبين ولا يمنح بالمجان، درس يعطيه الماضي للحاضر من أجل استشراف المستقبل» .
وأضافت عضو المكتب السياسي: « درس يعلم الصبر والمثابرة، ويعلم أن الإيمان بالقضية يمنح المناضل قوة تفل الحديد، رغم ضعف وضآلة الإمكانيات، وقلة التدريب أو انعدامه أحيانا، ورغم الأمية لدى الكثيرين من المقاومين، يكفى إحكام الخطط وتدقيقها، وتكثيف التواصل، والتسلح بالإيمان من أجل تنفيذها « .
إن الأحداث التي رواها هذا المقاوم في هذا الكتاب تؤكد هذا القول، أي كيف كان المقاومون يتواصلون، كيف كانوا يخططون وكيف كانوا يحصلون على السلاح وكيف كانوا ينفذون، إنها شجاعة الشجعان الرافضين للعبودية والاستغلال من المستعمر» .
وأضافت: « وهنا أشير إلى أن كثيرا من الأحداث المروية في هذا الكتاب رويت على مسمعي ومسمع إخوتي داخل منزلنا بحي الشهداء ( ديور صنياك ) من طرف والدتي، وشيوخ العائلة في ما بعد، لأن هذا المنزل كان ملتقى لمريدي الزاوية التيجانية والتي لعبت دورا مهما إلى جانب الحركة الوطنية».
وختمت عائشة زكري: « حقيقة إن هذه السيرة الذاتية للمناضل شاوة بنجيلالي تحكي بأدق التفاصيل عن حركة المقاومة في غرب المغرب أي في مدينتنا القنيطرة ونواحيها، وهو أمر مهم جدا لأن الاهتمام من طرف المؤرخين بحركة المقاومة قد انصب بالأساس على مناطق أخرى من المغرب مثل الجنوب ومناطق جبال الريف والأطلس بينما لم تعط نفس الأهمية لمنطقتنا هذه، لذلك فهذا الكتاب حينما يسلط الضوء على منطقتنا هذه يكشف عن كثير من الأحداث التي تغيب عن كثير من الناس، من هنا فهو إضافة إلى خزانة تاريخ المقاومة في المغرب وفائدة وثائقية مهمة يمكن الاستفادة منها واستخلاص العبر، نحن مطالبون اليوم بالوقوف إجلالا وتكريما لهذا المناضل الفذ والذي عرفته داخل صفوف حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منذ أن التحقت به (في أواخر السبعينيات )، والذي بقي وفيا للعهد الذي التزم به، من فترة المقاومة المسلحة إلى حين التحاقه بالعمل السياسي، مما يؤكد أن العمل السياسي هو امتداد لفعل المقاومة، بصيغ أخرى هي صيغ بناء المجتمع الحداثي الديموقراطي الذي يهدف إلى التنمية والتطور وصيانة كرامة الإنسان المغربي، وذلك بواسطة المنهجية التي اختارها حزبنا الاتحاد الاشتراكي ألا وهي منهجية النضال الديموقراطي .
وعرف التكريم شهادات في حق المحتفى به، لكل من ممثل المندوبية الإقليمية للمقاومة وجيش التحرير محسن البقالي، وميلود البوزيدي عن الكتابة الإقليمية القديمة للحزب، والدكتور عبد المجيد بوبكري، عمر بومقس عن العمل الجماعي، مصطفى النعينع عن الكونفدرالية الديموقراطية للشغل، محمد البريربري عن الفيدرالية الديموقراطية للشغل، ليلى بنجيلالي عن عائلة المكرم ثم صاحب الكتاب عمر المنديلي .


الكاتب :  عائشة زكري

  

بتاريخ : 25/04/2025