في ظل تكرار الحوادث المأساوية داخل مؤسسات التعليم العالي، وعلى رأسها حادثة الحريق المميت في الحي الجامعي بوجدة وتسمم عدد من الطلبة، تعود إلى الواجهة تساؤلات حارقة حول مدى التزام هذه المؤسسات بمعايير السلامة والوقاية، خصوصا مع تدهور البنية التحتية وتقادم وسائل التدخل والطوارئ.
إن مؤسسات التعليم العالي تُعد فضاءات حيوية تستقبل الآلاف من الطلبة يوميا، ما يفرض ضرورة قصوى لضمان شروط السلامة. غير أن الواقع يكشف عن هشاشة مقلقة في منظومة الوقاية، تجسدت في غياب أنظمة الإنذار المبكر، النقص في معدات الوقاية، وتقادم أنظمة التهوية والصرف الصحي. هذا الإهمال البنيوي يفاقمه انعدام الصيانة الدورية وعدم إجراء المراقبة القبلية المنتظمة للمرافق.
ويحذر خبراء من أن استمرار هذا الوضع يشكل تهديدا حقيقيا لأرواح الطلبة والعاملين والمرتفقين على حد سواء، ويضع الدولة والمؤسسات أمام مسؤوليات جسيمة، خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي كشفت عن عيوب خطيرة في تدبير المخاطر مما يطرح عدة تساؤلات حول مخرجات و أجرأة المخطط الوطني لتأهيل منظومة التعليم العالي بالجامعة المغربية (PACTE ESRI 2030) خصوصا محور تأهيل تجهيزات الوقاية بالمؤسسات الجامعية و الأحياء الجامعية منها .
وفي هذا السياق، تبرز الحاجة إلى اتخاذ جملة من الإجراءات العاجلة لتعزيز شروط السلامة والوقاية وضمان استمرارية المرافق في أداء وظائفها وفق المعايير المعتمدة من أبرزها ملائمة الإطار القانوني والتنظيمي، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات وفرص التعاون على المستويين الوطني والدولي وتضمينها بنود لتبادل الخبرات وزيارات ميدانية، وإجراء جرد شامل لحالة البنيات التحتية وتحديد مكامن الخلل، فضلا عن إطلاق طلب عروض إطار خاص بخدمات الصيانة الوقائية دورية للمرافق وتجهيزها بوسائل الوقاية الحديثة.
تدابير تشمل كذلك فرض مراقبة دورية وشفافة من قبل لجان مختصة، والعمل على تدريب العاملين والطلبة على كيفية التصرف في حالات الطوارئ، والتنسيق الإجباري مع أطر الوقاية المدنية لتنظيم تمارين محاكاة وتكوينات ميدانية، مع الحرص على تكوين الطلبة والاداريين بمبادئ الإسعافات الأولية كجزء من التكوين الأساسي داخل الحرم الجامعي، إضافة إلى تفعيل تدخل مكاتب الصحة بشكل منتظم لمراقبة شروط حفظ الصحة داخل المطاعم الجامعية وضمان جودة وسلامة الوجبات المقدمة، وكذا إشراك الطلبة في تقييم واقع السلامة داخل مؤسساتهم ومقترحات التحسين.
وختاما، فإن السلامة داخل مؤسسات التعليم العالي ليست رفاها، بل حق أصيل من حقوق الطلبة. ومع توالي الكوارث، لم يعد مقبولا الاستمرار في سياسة التغاضي، بل بات من الضروري دق ناقوس الخطر والتحرك قبل أن نفقد المزيد من الأرواح.
وسائل الوقاية والسلامة في مؤسسات التعليم العالي: بين تقادم البنية التحتية وتجاهل المعايير المعتمدة

الكاتب : الحسين غوات
بتاريخ : 28/04/2025