تكريم وجوه اتحادية، ووثائقي يختصر مسار حزب تاريخي
لم يكن من الصعب التقاط طبيعة الأجواء التي سبقت انطلاق مؤتمر الحزب في اسفي، اعتقد أصحاب النية الفاسدة أن الاتحاديين سينظمون مؤتمرا للبهرجة وإطلاق المفرقعات الانتخابية…
قبل وصول وفد القيادة الحزبية، كانت اللجنة التحضيرية مثل خلية نحل يتحرك أعضاؤها وفق المهام المسندة لهم، شباب وشابات ولجوا عالم السياسة من ممر النقابة، يستقبلون، يبطقون، يسلمون عدة المؤتمر للمؤتمرين، لاشيء ترك للصدفة، الاتحاد الاشتراكي في آسفي مصر على تقديم أجوبة واضحة عن الوضع العام للمدينة، هذا هو السياق، والخلفية وراء حضور الكاتب الأول كانت دعم وإسناد عملية إنعاش التنظيم، في الجزئيات كثير من الفخر بالانتماء للفكرة الاتحادية، التفاصيل في هذه الورقة الإعلامية …
مكتب الجريدة: محمد دهنون
لا يمكن للاتحاد أن يموت بقرار، لأنه لم يولد بقرار، نحن أصحاب جذور ثابتة في التربة السياسية المغربية عصية على الاقتلاع، ومن يرى غير هذا الكلام، فالتاريخ أظهر في غير ما محطة صوابية مواقف الاتحاد وعمق تحليله، تلك كانت أول إشارة ألقى بها إدريس لشكر وهو يترأس المؤتمر السابع للحزب في آسفي الذي كان لمة نضالية حقيقية، جاءها القدامى، من كل الأجيال التي تعاقبت واعتنقت أفكار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مبرزا في السياق نفسه أن التغول السياسي في المؤسسات التمثيلية الوطنية سيبقي على نفس الستاتيكو الذي سيعطي التحكم والتغول الذي أصاب السياسة والحياة الحزبية في مقتل وجعلها مترهلة…
الكاتب الأول انتبه في تحليله للوضعية العامة للبلاد، لضرورة والحاجة الموضوعية لملتمس الرقابة في بعده السياسي، نحن نعرف أننا لن نسقط الحكومة، لكن على الأقل نسحب الجرس، أمام ما ينتظر البلد من تحديات كبيرة ورهانات ببعد دولي، ليس أقلها تنظيم كأس العالم في المغرب، وباستمرار نفس المسلكيات لحزب الأغلبية، لابد من وقفة تصحيحية تعيد للسياسة منطقها، وتوقف هذا الركود والغلو والاستقواء.
أسفي بتاريخها النضالي كان لها وقت مستقطع مضبوط في كلمة القائد الاتحادي، عاد لشكر بالحضور إلى وجوه مرت من المدينة، مقاومون ومناضلون اختاروا اليسار ودافعوا عن الفكرة التقدمية التي حملها الاتحاديون، استدعى مواقف وذكريات مع سي محمد الشعبي ومحماد امرابطين السيكليس الذي كان يحرك مدينة بأكملها على متن موتور سيمسون، يعبئ صباحا وفي المساء، تستضيفه ردهات الكوميسارية …
قال إدريس لشكر، إنه عرف أسفي واختلط بأبنائها الذين اعتنقوا الأفكار اليسارية وخبر صمودهم على النضال، تذكر المرحوم عبد الله الولادي أيضا الذي انطلق من آسفي مرتبطا بالفكر الحقوقي في المنظمة المغربية لحقوق الإنسان الذي بات يقودها منذ أيام شاب اتحادي اسمه نوفل البعمري، استحضر الوديع الآسفي الذي مزج بين الشاعر فيه والمناضل، فلا الشعر أسقط الفكرة التقدمية التي تعني شجاعة الموقف في سنوات الرصاص، ولا المناضل الصلب داس شعره وذهب.
المؤتمر بكل الحقيقة الساطعة، كان لحظة عاطفية بامتياز، استدعيت فيها النوستالجيا الاتحادية خصوصا وأن البنية التنظيمية الحالية للحزب في آسفي في أغلبية منتميها وملتحقين بالتنظيم، هم أجيال لم تعش ما انخرط في حكيه الكاتب الأول، كان الصمت والانتباه سيد الموقف، وما زاد اللحظة ألقا ودموعا على المآقي، الشريط الذي أنجزه واحد من مناضلي الحزب حول تاريخ الاتحاد الاشتراكي بين الأمس واليوم، والذي استعرض مسارات النضال ومواقف القادة التاريخيين من المهدي إلى عمر، ومن عبد الرحيم بوعبيد إلى اليوسفي واليازغي، ومثقفون متميزون، الجابري، كسوس … السياسة لا تمارس بلا فكر، والاتحاد كان سباقا للمزج وتقوية السياسي والفكري …
الكاتب الأول وجد نفسه وسط التاريخ الحزبي الذي سرده الوثائقي، وكان من الصعب، كما أورد في كلامه، ألا يتكلم عما سمعه وشاهده، عاد إلى اجتماعات الحزب في السبعينيات مع عمر بنجلون والتقرير الأيديولوجي الذي صاغه أحمد الحليمي، ومقولة التحليل الملموس للواقع الملموس، مؤكدا على قوة الاتحاد الاشتراكي التاريخية،وطلب، على الملأ وأمام الجميع، بنشر الشريط وتخصيصا على الصحيفة الإلكترونية للحزب، لما جاء فيه من عناصر تاريخية كادت تطمس، مع هذا الوضع العام الذي يخترق حياتنا السياسية الوطنية …
لم يتوقف عداد المؤتمر في هذا المستوى، بل اختار الاتحاديون في اللجنة التحضيرية ربط الحاضر بالماضي، لا ذاكرة ولا مستقبل لمن لا ماضي له، كل الكتاب الإقليميين للحزب اختار الحزب في آسفي وقرر تكريمهم واستعادة الفترات الزاهية للنضال في حاضرة المحيط الذي حولها لقطاء السياسة إلى محلبة امتيازات وريع وفساد منظم، تعجز الإدارة عن مواجهته في أحايين كثيرة، المرحوم عبد الحق البوفي، النقيب سي أحمد الخزامي المناضل المتخلق والفقيه القانوني، عبد الكبير أغيات الصموت وماكينة عمل هادئ وقوي، عبد الرحمن دبوح المعتقل السياسي السابق على ذمة سنوات التوتر العجاف، وأسئلة من يحكم وكيف نحكم، فاروق بن الشيخ نظيف الذمة، الذي مخر بالحزب عباب المشاكل والأعطاب ولم يترك السفينة تغرق، وبطبيعة الحال التكريم توقف عند هؤلاء، من دفن الحزب ومسح اسمه من المدينة في جريمة تنظيمية مكتملة الأركان، الجواب هو هذه العودة القوية بالوجه الرفيع المهني واللوجستي والإخراج المحبوك بدقة لإخراج صورة بهية لماعة للرأي العام، نحن هنا، كما قال إدريس لشكر في بداية مداخلته، الاتحاد الاشتراكي عصي على المحو …
اللجنة التحضيرية للمؤتمر اشتغلت من العدم، لا مقر ولا وثائق، فقط الإرادة والإصرار على عودة الحزب للمعادلة المحلية، أغلب من التحقوا كان مشتركهم الصدق وهدف واحد وحيد، مؤتمر إقليمي يليق بالاتحاد وتاريخ الاتحاد، فالسياسة في آسفي وجبة ضرورية في الحياة العامة …
كل الأقاليم التنظيمية في الجهة حضرت مؤتمر الحزب، مراكش، قلعة السراغنة، اليوسفية، الشماعية، شيشاوة ، الصويرة، وجوه اتحادية لم تر بعضها لسنوات كانت تتعانق وتمزح وتضحك، يكفي هذا الجو الإنساني العميق، سي محمد ملال، المهدي مزواري، يوسف إيدي، عبد الصادق السعيدي،كريم، عندليب، عبيد ،اجدية ، لعل القادم من الأيام التنظيمية سيكون فألا حسنا على الجهة، آسفي بدأت ورفعت السقف، الصويرة في الطريق، مراكش، هذا هو الاتحاد…
المؤتمر ختم أشغاله، بانتخاب عبد الرحيم حراف كاتبا إقليميا، ويوسف اجدية رئيس المجلس الإقليمي، فيما تشكيلة الكتابة الإقليمية المتوافق حولها تنتظر التصديق من الكاتب الأول، مؤتمر ناجح بامتياز …