بسبب طريقة تدبير إحداث مراكز الدراسات بسلك الدكتوراه .. أساتذة باحثون ينتقدون تهميش الكفاءات بالمعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة

انتفض عدد من الأساتذة الباحثين في المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة الذين كانوا ينتمون سابقا لهيئة الممرضين وتقني الصحة ضد ما اعتبروه إقصاء لهم وتهميشا ممنهجين من طرف بعض مدراء المعاهد، مشددين على دورهم المحوري في المنظومة الصحية بشكل عام ودورة التكوين بشكل خاص من أجل إعداد أجيال من الممرضين وتقنيي الصحة.
وأكد عدد من الغاضبين في تصريحات لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن هناك إحساسا عارما بالتهميش في حقل يهمّ الجميع وهو البحث داخل المعاهد، مشيرين إلى أن الأمر نابع من الغيرة على المعاهد واختصاصاتها الخمس المتمثلة في العلاجات التمريضية، القبالة، تقنيات الصحة، الترويض وإعادة التأهيل، والمساعدة في المجال الطبي والاجتماعي، مشددين على أن هذه المؤسسات تخدم التكوين الأساسي والمستمر وتهتم بالبحث العلمي وتساهم في تقديم الخبرة وتطوير العلوم التمريضية وتقنيات الصحة.
وأوضح المتحدثون في تصريحاتهم للجريدة بأن هذا المجال يحظى باهتمام من طرف الممرضين وتقنيي الصحة، والجمعيات المهنية والنقابات الصحية وعموم المهتمين بالعلوم التمريضية وتقنيات الصحة، مشددين على أن خطوة مصادقة مجلس التنسيق بالتعليم العالي على مشروع القرار الأخير، تمت بشكل أحادي وفي تغييب للمعنيين المباشرين ويتعلق الأمر بالمعاهد وأطرها، في الوقت الذي كانت قد قامت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بجهود جبارة إلى يومنا هذا عن طريق مديرية الموارد البشرية وقسم التأهيل، حيث اشتغل الجميع على قضية التكوين التمريضي.
وأبرز عدد من الأساتذة الباحثين لـ «الاتحاد الاشتراكي» أنه إلى يومنا هذا تخرجت عدد من الأفواج بفضل العمل الذي تم القيام به بتكوين يتوفر على سمعة جيدة، وتم إحداث مسالك للماستر وصلت إلى خمسة، إلى جانب المسالك الخمس المتعلقة بالإجازة، في ظل وجود حوالي 24 شعبة تقريبا، وكان الجميع ينتظر تعزيز هذا العمل بشواهد الدكتوراه، مذكرين بالأشواط التي تم قطعها منذ تنظيم المناظرة في 2022 والتوصيات التي صدرت عنها للتفكير في طرق البحث والمختبرات وإحداث مراكز الدكتوراه داخل المعاهد، وما تلاها من مراسلات وزارية لتقديم اقتراحات في هذا الإطار، قانونية إدارية تأطيرية وغيرها، طيلة مدة سنة تقريبا، وصولا إلى المستجد اليوم الذي عرف تغييب المعنيين بمصادقة مجلس التنسيق على مشروع قرار كان من المفروض أن يعرض للنقاش داخل المعاهد لتطويره ولكي يحظى بالقبول لدى الجميع قبل أن يحال على مجلس التنسيق للمصادقة عليه.
وكانت التنسيقية الوطنية للأساتذة الباحثين في هذه المعاهد المعنيين بهذا الموضوع قد أصدرت بيانا استنكاريا، شددت فيه على أن الدول المتقدمة تعتبر التمريض، في شقيه النظري والتطبيقي، علما مستقلا بذاته، شأنه شأن باقي العلوم الدقيقة، مبرزة أنه في انسجام تام مع هذا التوجه، تبذل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية جهودا كبيرة للنهوض بالبحث العلمي داخل المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، عبر تحفيز الكفاءات وتعزيز التكوين الأكاديمي المستمر وكذا الإرساء الفعلي لنظام إجازة – ماستر ـ دكتوراه، إلا أنه في الآونة الأخيرة تم تهميش الأطر التكوينيةّ عامة داخل هذه المعاهد بشكل غير مبرر، لا سيما الأساتذة الباحثين المنتمين سابقا لهيئة الممرضين وتقنيي الصحة، إلى جانب الأساتذة الدائمين من الممرضين الحاصلين على الدكتوراه أو المسجلين في سلكها، والممرضين المتوفرين على شهادة الماستر، والملحقين العلميين، وكذا الأطباء، الصيادلة، المهندسين، المتصرفين…، الذين اعتبر البيان بأنهم، شكلوا على مدى سنوات عماد التكوين في هذه المؤسسات، وأسهموا بشكل فعّال في إعداد أجيال من الممرضين وتقنيي الصحة.
وانتقد البيان ما تم وصفه بـ «إقدام بعض إدارات المعاهد على تشكيل لجن سرية تتكلف في البث بإحداث مراكز الدراسات بسلك الدكتوراه في العلوم التمريضية وتقنيات الصحة، دون إشراك المعنيين الحقيقيين بهاته العلوم، مع الاستعانة بأشخاص لا صلة لهم بتخصصات التمريض وعلوم الصحة». وعبّرت التنسيقية من خلال بيانها عن استنكارها الشديد لما اعتبرته «خروقات وتجاوزات عرفتها العديد من المعاهد في إقصاء ذوي الاختصاص من الأساتذة الباحثين في المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة والمنتمون سابقا لهيئة الممرضين وتقنيي الصحة وكذا الأساتذة الدائمون بكل فئاتهم في المشاركة والبث في إحداث أسلاك الدكتوراه»، مُدينة ما تمت تسميته بـ « خروقات تعرفها معاهد كإسناد مهام المسؤولية وتنسيق المسالك والشعب لأشخاص لا تربطهم أية صلة مع تخصصات هاته الأخيرة مما يساهم بشكل ملحوظ في تدني جودة التكوينات».
ودعت التنسيقية الوزارات الوصية إلى إحداث هيئة الأساتذة الباحثين في علوم التمريض ومهن الصحة، والإسراع في إخراج هيئة أو هيئات الممرضات والممرضين والإطار العالي الصحي، والاعتماد على التجربة المهنية والخبرة لإسناد مهام المسؤولية داخل المعاهد، مناشدة وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التعليم العالي للتدخل الفوري من أجل تصحيح هذا المسار، وضمان عدالة التمثيلية داخل هياكل المعاهد، بما يرسخ الحكامة والنجاعة.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 12/05/2025