شهدت مدينة تطوان عرسا شعريا كبيرا احتفى بعريس الشعر المغربي الشاعر صلاح الوديع، والباحثة الأكاديمية الدكتورة حورية الخمليشي، بمناسبة افتتاح الدورة السادسة من مهرجان الشعراء المغاربة بمدينة تطوان، الذي احتضنه مسرح سينما إسبانيول، يوم الجمعة 9 ماي الجاري. وإلى جانب الفائزين بجائزة الديوان الأول، تسلم المكرمان درع التكريم من عامل عمالة تطوان عبد الرزاق المنصوري، ورئيس دائرة الثقافة في حكومة الشارقة عبد الله العويس، ومدير إدارة الشؤون الثقافية في الشارقة محمد القصير، والمديرة الجهوية للثقافة زهور أمهاوش ورئيس جماعة تطوان مصطفى البكوري.
وجاء في كلمة وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد أن دار الشعر بتطوان إنما «تجسد نموذجا للتعاون الوثيق القائم بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل في المملكة المغربية، ودائرة الثقافة في حكومة الشارقة، بدولة الإمارات العربية المتحدة». وأضاف الوزير في الكلمة التي ألقتها نيابة عنه زهور أمهاوش، المديرة الجهوية للثقافة، أن مدينة تطوان «كانت ولا تزال مهدا للحداثة الشعرية والثقافية في المغرب والعالم العربيّ منذ بدايات القرن الماضي، منفتحة على التّجارب الشّعرية العربية والمهجريّة، ومطلّة على المنجزات الأوروبية في الضّفة الأخرى. وهو ما يجعل من تطوان عاصمة من عواصم الشّعر العربي، ومنارة من منارات الحداثة في مطالع القرن العشرين «.
أما عبد الله العويس، رئيس دائرة الثقافة في حكومة الشارقة، فأكد أن مهرجان الشعراء المغاربة بتطوان إنما «يؤكد على الدور الريادي للشعر في التعبير عن الهوية والقيم الثقافية الغنّية، حيث كرّست دار الشعر بتطوان جهدها لجمع شعراء المغرب، ليتناوبوا على منبر الدار؛ ما أتاح المجال للشعراء الشباب برفقة رواد الشعر، أن يعطروا أجواء هذا البلد العزيز، بعبير الشعر والإبداع. ليستمر عطاء الدار من تطوان العريقة بوصفها منارة للإبداع، وملتقى للأدباء والشعراء، ليتوج نشاطها السنوي هذا اللقاء الأدبي، ليكون فضاء مفتوحا للحوار الثقافي وملتقى للأصوات الشعرية، بعد أن شهد موسمها الحافل العديد من الأنشطة المتميزة، التي تضمنت القراءات الشعرية والدراسات النقدية الهادفة، إضافة إلى إصدار مجموعة جديدة من الدواوين الشعرية، التي ستشكل إلى جانب الدواوين السابقة، إضافة نوعية تعزز من مكانة الشعر والأدب في هذه الربوع..»
من جهته عبر صلاح الوديع في كلمة مؤثرة ألقاها خلال حفل الافتتاح عن «شعور غامر بالعرفان ينتابني وأنا أمثل أمامكم في أمسية التكريم هاته، حيث تجمعنا محبة الشعر كتابة وإنشادا وإنصاتا. ولا أنسى استحضار روح والدي الشاعر محمد الوديع الأسفي، الذي حبب إلي الشعر، وروح والدتي الشاعرة ثريا السقاط التي شجعتني على كتابته منذ نعومة أظافري. ولا أنسى طبعا أهل تطوان المعروفين بالرقة والدقة ورفعة الذوق».
أما الباحثة والناقدة حورية الخمليشي، فأعلنت عن سعادتها بهذا التكريم، والذي أحبته «بمقدار حبي للشعر وسحر القصيدة، حيث شغلني سؤال الشعر في معظم كتبي ودراساتي التي تطرح السؤال الشعري وتطرح النظرية الشعرية المفتوحة». وأضافت المكرمة أننا «نحن اليوم في حاجة إلى الشعر أكثر من أي وقت مضى، لأن الشعر هو الإنسان، إذ له دور كبير في أنسنة الإنسان والإنصات لصوته في زمن لم يعد فيه أحد ينصت لأحد. لكن الشعر وحده يعلمنا شعرية الإنصات».
واستهل الشاعر المكرم صلاح الوديع أمسية الافتتاح، وهو ينشد:
«كقلب يعود من الغيب متشحا بالسواد/ ويخلع شيئا فشيئا، بلا عجل، نسيج الحداد. أتيت كناج من الليلة الحالكه/ على كبد شاهق أتيت/ وأسبغت شوقي/ سماء
على قدر ما يستطيع السحاب. .. «.
أما الشاعرة خديجة المسعودي فقدمت عرضا شعريا استثنائيا زاوجت فيه بين إلقاء قصيدتها الشعرية وأداء موشح «جادك الغيث»، بصوتها الشجي والرخيم، وهي تصدح بالشعر وبالغناء:
«أرمي خطاي نحوكم وأعتذر/ لظلي، لأغنية كانت تنمو في فمه بصمت/ وسماءين بارقتين تحت جبينه. لفتات الليل بين أصابعه/ وأثره حين أدور، فيتشتت ويضيع ثم نضيع/ كلما سرقته من قمر طاعن يتكئ على أضلعي… «.
واختتم الشاعر عثمان الهيشو بقصيدة «هل ينكر العصفور وجه سمائه، وفيها يقول: ««قالوا: انطفأت ولم تعد لك ذاكرة/ كذب، هل ينسى البخور مجامره؟. هل ينكر العصفور وجه سمائه؟ لو مرّة قفص تقمّص طائره. هل خامر الشّكّ الشّواطئ لحظة(…) في الحقل فلّاح برغم القحط إلّا أنّه دوما يعدّ بيادره. في القلب عشّ لا يضيع حمامه/ لكنّه –خطأ- يسمّى: ذاكرة».
وشهد حفل الافتتاح الإعلان عن الفائزين بجائزة الديوان الأول للشعراء الشباب، في دورتها السادسة، حيث شكلت دار الشعر بتطوان لجنة ضمت في عضويتها الشاعر نبيل منصر والشاعرة حفيظة بوعمامة عضوين، والشاعر مراد القادري رئيسا، فكانت الجائزة الثالثة من نصيب الشاعر محمد أغزيت، عن ديوانه «صلوات متفرقة»، وعادت الجائزة الثانية للشاعر محمد الفتوح عن ديوانه «أنا سر من الكتمان جئت». وأما الجائزة الأولى فآلت إلى الشاعر علي بادون عن ديوانه «حبوا على أشواك الحلم». كما شهد حفل الافتتاح تتويج التلاميذ الفائزين في مسابقة رواد اللغة العربية، التي تنظمها لجنة من أستاذة اللغة العربية بالسلك الإعدادي. مهرجان الشعراء المغاربة استحضر شاعرية المغرب والأندلس، في قلب مدينة تطوان، وفي مسرحها الكبير، حيث أحيت الفنانة نبيلة معن والفنان مروان حجي الحفل الفني للمهرجان، رفقة جوق محمد العربي التمسماني برئاسة الأستاذ محمد الأمين الأكرامي، حين سهر جمهور دار الشعر مع أورع القصائد المغربية الأندلسية التي لا تزال الإنسانية تتغنى بها، وتخلد من خلالها ذلك اللقاء الفني والثقافي والشعري التاريخي والحضاري الاستثنائي بين العدوتين: المغرب والأندلس.
مهرجان الشعراء المغاربة بتطوان يكرم الشاعر صلاح الوديع والناقدة حورية الخمليشي

بتاريخ : 12/05/2025