المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف: تدريب الدرجة الأولى لأطر المخيمات وتكوين بالمصوغات منفتح على الخبراء

في إطار تعزيز أطر المخيمات وتجويد الأداء التربوي والتأطيري، نظم المرصد الوطني لنبذ الإرهاب والتطرف تدريب الدرجة الأولى لفائدة أطر المخيمات تحت شعار: «التكوين آلية من آليات تجويد المخيم: إطار كفء مخيم متطور». جاء هذا التدريب، الذي نظم من 5 إلى 10 ماي، تحت إشراف وزارة الشباب و الثقافة والتواصل – قطاع الشباب، بشراكة مع الجامعة الوطنية للتخييم، ليشكل لبنة جديدة في مشروع المرصد الهادف إلى تصريف القيم من خلال التخييم، واستثمار الحياة التخييمية لترسيخ قيم التعايش والتسامح وتجفيف منابع الكراهية والتطرف.
مشروع المرصد: من الرؤية إلى تنزيل :القيم أساس التكوين على اللقيم بالقيم
يأتي هذا التدريب في سياق المشروع الكبير الذي أطلقه المرصد الوطني لنبذ الإرهاب والتطرف، الرامي إلى جعل المخيمات فضاءً للتربية على القيم الإنسانية والوطنية. وينطلق هذا المشروع من قناعة راسخة بأن الحياة التخييمية، بما تتضمنه من تفاعل جماعي ومشاركة فعالة، تشكل بيئة مثالية لتأصيل مبادئ التعايش والاحترام المتبادل.
مقاربة تكوينية شمولية: ترسيخ القيم عبر الحياة التخييمية
اعتمد التدريب على مقاربة تربوية حديثة تدمج بين التكوين بالممارسة الموازية والنظير، وتفعيل مسرحة الفعل التربوي ضمن وضعيات مشكل. كما تم التركيز على مقاربة تفاعلية بنائية تؤسس لمنهجية تكوينية تعزز الانخراط الفعلي للأطر في دينامية جماعية، مما يسهم في تصريف القيم بشكل عملي ومستدام.
تقوم هذه المقاربة على أساس تعزيز قدرات المشاركين عبر الانخراط الفعلي في وضعيات تربوية ملموسة، حيث يتعلم الأطر من خلال التجريب والنقاش الجماعي. وقد أولت الورشات التدريبية اهتماماً كبيراً بتفعيل آليات النقد البناء وتعزيز التفكير النقدي لدى المشاركين.
تنمية الكفايات والمهارات: تكوين نوعي ومتجدد… منفتح على الخبراء
ركز التدريب على بناء كفاءات تربوية تجمع بين الجانب الأكاديمي والمعرفي والجانب المهني التطبيقي. تم تقسيم الحصص التكوينية إلى فقرات نظرية تناولت مفاهيم القيادة التربوية وإدارة الأنشطة في المخيمات، تلتها ورشات تطبيقية عالجت مواقف واقعية تُترجم فيها القيم إلى سلوكيات ملموسة. وقد تميزت هذه الورشات بتنوعها، حيث شملت محاور متعددة من قبيل إدارة المخاطر، تأطير الأنشطة الثقافية والرياضية، وطرق تعزيز الحس الوطني من خلال ممارسات يومية داخل المخيم. كما ركزت على تطوير مهارات التواصل الفعال وإدارة النزاعات بأساليب تربوية تتسم بالاحترام والإنصات.
تميز التدريب بحضور مجموعة من الخبراء الزائرين الذين قدموا عروضاً قيمة في موضوعين مهمين. الأول حول «آليات تصريف القيم»، وقد قدمه الخبير في الهندسة والقيادة التربوية ذ. خالد أخازي، حيث استعرض الخبير طرق تحويل القيم الإنسانية والوطنية إلى سلوكيات عملية من خلال الأنشطة اليومية في المخيمات. قدم نماذج عملية حول كيفية دمج القيم في مختلف الفعاليات التربوية لتعزيز التعايش وتفادي التطرف.
أما الموضوع الثاني، فتمحور حول «ترسيخ القيم الوطنية من خلال الوعي الوطني العميق: قضية الصحراء المغربية نموذجاً»، حيث قدمه الخبير والمحلل السياسي و الأديب والإعلامي ذ. عبد الحميد اجماهري. وقد تميز العرض بتعميق وعي الشباب بالرهانات الوطنية الكبرى، والوعي بمركزية الوحدة الترابية في القيم الوطنية، بالتركيز على كيفية تضمين القيم الوطنية في الأنشطة التربوية والأنشطة الجماعية في المخيم، بما يساهم في ترسيخ الانتماء والوعي بالقضية الوطنية لدى الأجيال الصاعدة.
التكوين بالقيم وعلى القيم: رؤية المرصد
تجلى البعد القيمي في جميع مراحل التدريب، حيث تم دمج القيم الوطنية والإنسانية في البرامج التكوينية، مع تفعيل مقاربات تدمج التكوين بالممارسة. وقد شكلت هذه المقاربة سبيلاً لتحفيز المشاركين على ممارسة القيم داخل المخيمات، بما يضمن تعزيز الانتماء الوطني وترسيخ مبادئ التعايش.
إن التركيز على القيم لم يقتصر على الجانب النظري، بل تم تنزيله ميدانياً من خلال ورشات عملية تفاعلية، حيث تعلم المشاركون كيفية دمج القيم في الأنشطة اليومية وتعزيز روح التعاون والعمل الجماعي.
آفاق تطويرية ورؤية مستقبلية
يطمح المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف إلى تعميم هذه التجربة على نطاق أوسع، مع اعتماد مقاربة مستدامة تهدف إلى بناء أطر متخصصة في التأطير التربوي القيمي. وقد أكد المسؤولون على ضرورة استثمار مخرجات هذا التدريب في تطوير برامج تكوينية مستقبلية تعزز قيم التسامح والانفتاح، وتشكل حصناً منيعاً ضد التطرف.
وقد عبر المشاركون عن امتنانهم لهذه المبادرة التي أتاحت لهم فرصة للتعرف على أساليب جديدة في التأطير، مؤكدين أهمية استمرارية مثل هذه اللقاءات لتبادل التجارب وتعزيز الكفاءات.
إن تدريب الدرجة الأولى لأطر المخيمات الذي نظمه المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف يشكل نقلة نوعية في مجال التكوين التربوي. من خلال اعتماد مقاربات حديثة وتفاعل فعلي بين المشاركين والخبراء، تمكن الأطر من اكتساب معارف جديدة وأدوات عملية ستسهم في تجويد العمل التربوي داخل المخيمات. ويظل الهدف الأسمى هو بناء جيل مؤطر قادر على غرس القيم الوطنية والإنسانية في نفوس الناشئة، بما يسهم في تجفيف منابع الكراهية والتطرف، وتحقيق مجتمع تسوده قيم التعايش والسلام.


الكاتب : n مراسلة خاصة

  

بتاريخ : 12/05/2025