■ وصلت الشمس إلى عنقي وما زلت أحلم بكتابة ملحمة شعرية . ليس بمفهوم الملحمة التي « تخلد « منجزات شعب، أو حتى فرد، والتي تتغنى بالانتصارات والأمجاد. لا، ولكن بالعكس تماما، أنا أعني هاهنا ملحمة تطفح بالشعر، بمفهومه العميق . تنهل منه ومن روافده شتات تجربة كبرى هنا والآن، تتشابك معه، وتستحضر من خلاله سجل الخيبات والانكسارات والهزائم التي وشمت الروح والجسد. كم حاجة في النفوس مازالت لم تكتمل، منذ فجر التاريخ : الموضوعي والشخصي ! وكم عطش مازال يعصف بالشفاه، ولاسيما شفاه أولئك الذين ماتوا ومازالوا يموتون من شدة الوله ! كيف أقنع أنا بنصف قبلة ؟
■ هل انأ أمشي، حتى هذه المرة، بجانب حذائي ؟ لربما . ولكن مهما كان، ليس الفرح هو ما يصنع الشعر، ولكنه الشجن . حتى الفردوس، لعله حافل بالحور العين، ولكن لا أثر فيه لا للشعر ولا للشعراء. وحده المتنبي كان سعيدا في فردوسه المفقود: شعب بوان. كانت محطة استراحة، بالنسبة له، ليس غير.
■ زمن الرواية – الأطروحة [ Roman – thèse ] ولى. وللحق، حتى في سنوات الرصاص كانت الأمور مختلفة، على الأقل عندي : أنا المصنف – إجرائيا – ضمن شعراء السبعينات . منذ ذلك الوقت مياه كثيرة جرت تحت الجسور. صداقتي للنوارس ظلت كما هي. ولكن عركتني اللغات والخرائط والطرق. وصار هاجسي، أكثر فأكثر، أن أعثر في الشعر على ما يمكن أن يكون هو المعادل الموضوعي ل -Roman fleuve ، أو الرواية – النهر إذا صحت الترجمة . ليس أي نهر، ولكن النهر العظيم، ذلك الذي ينبع من مكان غامض، والذي يزداد غموضا وهو يشق مجراه عبر رافدين هائلين: الزمن والحياة، ذلك هو « الكتاب الآتي « ، كتابي ..
محمد بنطلحة يحلم بـ»كتابه الآتي»

بتاريخ : 13/05/2025