‎التنوع الثقافي العربي في روسيا .. جسر بين الشرق و الغرب

 

‎تُعد روسيا من الدول التي تحتضن جاليات متنوعة من مختلف الجنسيات والثقافات، ومن بينها الجالية العربية التي تشكّل أحد أوجه هذا التنوع الثقافي. على الرغم من أن العرب لا يشكلون نسبة كبيرة من سكان روسيا، إلا أن وجودهم امتد عبر عقود طويلة، وترك بصمات واضحة في المجتمع الروسي سواء في المجالات الأكاديمية أو الاقتصادية أو الثقافية.
الى جانب الجنسية المغربية، تتكون الجالية العربية في روسيا من جنسيات متعددة تشمل السوريين، اللبنانيين، العراقيين، الفلسطينيين، المصريين، واليمنيين وغيرهم. وقد جاء معظمهم إلى روسيا لأسباب مختلفة، منها الدراسة، أو العمل، أو الهجرة نتيجة لظروف سياسية واقتصادية في بلدانهم الأصلية.
بشكل أو بأخر، ساهم العرب المقيمون في روسيا في إثراء المشهد الثقافي المحلي من خلال الفنون، والموسيقى، والطعام، واللغة، والفعاليات الثقافية. وقد أُنشئت جمعيات ومراكز ثقافية عربية في عدد من المدن الروسية، مثال العاصمة موسكو وسانت بطرسبورغ وكازان .. تعمل على تنظيم معارض فنية، وعروض موسيقية، وأمسيات شعرية، بالإضافة إلى مناسبات دينية مثل رمضان وعيد الفطر.
من جهة أخرى، و بالاعتماد على الفترة التي قضيتها داخل روسيا كطالب أجنبي، يمكنني القول أن هناك اهتمام روسي متزايد باللغة العربية، حيث تُدرّس في عدد من الجامعات الروسية، مثال جامعة « بطرسبورغ « ويُقبل عليها الطلاب الروس الراغبون في دراسة العالم العربي والتعمق في لغته وثقافته.
‎ رغم وجود هذا التفاعل الثقافي، يواجه العرب في روسيا عددًا من التحديات، مثل صعوبات الاندماج في بعض المناطق، والحواجز اللغوية، والتمييز في بعض الأحيان. ومع ذلك، فقد أظهرت الجالية العربية مرونة كبيرة في التكيف مع المجتمع الروسي، مع الحفاظ على هويتها الثقافية والدينية.
‎و الجدير بالذكر أن هذا التأثير الثقافي لا يقتصر على العرب فقط، بل هناك أيضًا تأثر من المجتمع الروسي بالعادات العربية، خاصة في مجال المأكولات والموسيقى والموضة. كما نشأت صداقات وتعاونات بين العرب والروس في مجالات الإعلام والتعليم وريادة الأعمال.
ومن هنا، ومن خلال السنوات التي قضيتها بين المجتمع الروسي، يمكننا القول إن الوجود العربي في روسيا نموذجًا حيويًا للتنوع الثقافي، حيث تعكس الجالية العربية قدرتها على التعايش والمساهمة في بناء جسور ثقافية وإنسانية بين العالم العربي وروسيا. ومع مرور الوقت، يتعزز هذا التنوع من خلال جيل جديد من العرب الروس، الذين يجمعون بين الثقافتين في حياتهم اليومية.

* (صحفي متدرب)


الكاتب : يونس بدن *

  

بتاريخ : 15/05/2025