افتتحت مساء أول أمس الخميس فعاليات المعرض الدولي للصحة في دورة جديدة بمركز المعارض الجديد بتراب عين السبع في مدينة الدار البيضاء، والتي تميزت بمداخلات جد مهمة لعدد من الفاعلين في مقدمتهم المستشار الملكي ورئيس مؤسسة البحث والتطوير والابتكار في العلوم والهندسة، أندري ازولاي، حيث أكد في هذا الإطار على ضرورة توحيد الجهود بين جميع الفاعلين في سلسلة القيمة الصحية وعلى أهمية تعزيز الولوج إلى التقنيات الحديثة، وخاصة الذكاء الاصطناعي، لكونه عاملا رئيسيا لاستدامة وكفاءة مهن الصحة.
ودعا أزولاي في مداخلته، إلى الاعتزاز بتطور المغرب وإلى الافتخار بالكفاءات المغربية التي أكدت في مختلف الواجهات قدرتها على مواجهة التحديات وتجاوز الصعوبات، كما هو الحال بالنسبة لجائحة كوفيد 19، على سبيل المثال لا الحصر، مشددا على أن ما تم القيام به خلال تلك الأزمة مقارنة بدول متقدمة يبعث على الفخر والاعتزاز، ويدلّ على أن المغرب بلد الأبطال في كل المجالات وهو ما يجب أن تقتنع به عقول الجميع وأن تتحرر من كل «ترسبات قديمة»، مؤكدا كذلك على أن وطننا لا يكتفي بمتابعة ما يحدث في العالم فقد أضحى فاعلا ومنتجا، وبات متميزا في مجموعة من المجالات، كما هو الحال بالنسبة لمجال الابتكار الطبي والتكنولوجي.
من جهته أكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، في كلمته خلال افتتاح هذا المعرض أن الثورة التكنولوجية التي تعرفها العديد من المجالات الحياتية، تعتبر في مجال الصحة تحديدا، قيمة مضافة لما توفره من إمكانيات لتطوير الكفاءة وتحقيق تقدم مهم وسريع في مجالات التشخيص والعلاج بتقوية آليات الرصد واليقظة الوبائية وتطوير العلاجات الجديدة. وأبرز التهراوي أن الرقمنة ستتيح تقليص الفوارق في الولوج إلى الخدمات الصحية وستساهم في الرفع من القدرة على الاستجابة في المناطق التي تعاني من نقص في التغطية الصحية، مشددا في نفس الوقت على أن هذا التطور يجيب أن يكون مرافقا بالتأطير الأخلاقي، مشيرا في هذا الإطار إلى أهمية الموارد البشرية وموقعها المحوري في قلب المنظومة، ليس فقط على مستوى التشخيص والعلاج ولكن كذلك في الشق الأساسي المرتبط بأنسنة الولوج إلى المرافق الصحية باعتماد حسن الاستماع والإنصات والتواصل والإرشاد والتخفيف من وقع المرض على المرضى بكل الأشكال.
بدوره وفي كلمة له، أكد رئيس المعرض الدولي للصحة ورئيس الجمعية المغربية للعلوم الطبية الدكتور مولاي سعيد عفيف، أن الوقاية هي المدخل الأساسي من أجل صحة مجتمعية سليمة تساهم في تطوير التنمية في بلادنا على كافة الأصعدة، مبرزا بأن أولى الخطوات المرتبطة بهذا الشق تكمن في التلقيح، مشيدا في هذا الإطار بالبرنامج الوطني للتمنيع الذي يتوفر عليه المغرب وبعدد الأمراض التي يمكّن من مواجهتها والحدّ من تداعياتها، مشددا على أنه يضاهي برامج التلقيح في كبريات الدول المتقدمة. وتوقف الدكتور عفيف عند جائحة كوفيد التي شكلت اختبارا صحيا متعدد الأبعاد وعند الأزمة الأخيرة لمرض الحصبة وكيف تم التقليص من حجم تداعياتها، مستعرضا عددا من التحديات الصحية التي يمكن كذلك تجاوزها كما هو الشأن بالنسبة لمشكل سرطان عنق الرحم.
وأشاد عفيف بالبعد الإفريقي للمغرب في مجال الصحة معتبرا أن بلادنا تولي أهمية كبرى للشراكات جنوب جنوب، مشددا على الدور المحوري للتكوين الأساسي والمستمر في الرفع من القدرات الصحية للمغرب وللقارة ككل، منوها في هذا الصدد بالأدوار المتميزة التي تقوم بها كليات الطب وطب الأسنان للمساهمة في الارتقاء بالمنظومة الصحية وتجويدها، داعيا كذلك إلى إنجاح العمل الذي يتم القيام به من اجل تنزيل المجموعات الصحية الترابية بما يخدم الصحة لكل المغاربة. كما توقف الدكتور عفيف عند التفاصيل الغنية للبرنامج العلمي للمعرض الذي تشارك فه فعاليات صحية وخبراء من المغرب ومن خارجه، الذين يقدر عددهم بحوالي 150 متدخلا، مما يعكس الأهمية التي يحظى بها المغرب ومكانته في مجال الصحة.
هذا وقد شهد حفل افتتاح المعرض الدولي للصحة الإعلان عن اتفاقية شراكة وقّعها كل من أندري أزولاي بصفته رئيسا لمؤسسة البحث والتطوير والابتكار في العلوم والهندسة والدكتور مولاي سعيد عفيف بوصفه رئيسا للجمعية المغربية للعلوم الطبية، تهم التعاون بين الجانبين لتعزيز التكوين والتكوين المستمر في المجال الصحي، وتطوير البحث العلمي في الصحة والبيولوجيا الطبية وبرامج التداريب الخاصة بالطلبة والمتدربين في المجالات المعنية، وغيرها من المحاور الأخرى ذات الأهمية.
يذكر أن افتتاح المعرض الدولي للصحة، الذي كان ضيف شرف دورته الحالية جمهورية الكونغو الديمقراطية، عرف حضور رؤساء جامعات وعمداء كليات للطب والصيدلة وعدد من مدراء المستشفيات الجامعية ومؤسسات صحية مختلفة، إلى جانب خبراء وأساتذة وأطباء ومهندسين في العلوم الطبية وصناع، مغاربة وأجانب، بالنظر إلى أن هذا الحدث يعتبر فرصة لتبادل الخبرات ولتدارس آخر المستجدات المتعلقة بالمجال الصحي عبر العالم.