“البلوكاج”، ملتمس الرقابة… المنهجية الديمقراطية… وسقيفة بني ساعدة!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
عند تأمل كل الأدبيات والمواقف والانثيالات النفسية التي ترافق الحديث عن “البلوكاج” بمناسبة ملتمس الرقابة؛ تعود إلى الواجهة، مع كل لحظة سياسية، تلك الأحاسيس بأن البعض يجعل منها مقابلا معاصرا لحادثة السقيفة (ما وقع في… سقيفة بني ساعدة التي احتضنت الخلاف حول الخلافة بعد وفاة نبي الإسلام عليه صلوات الله وسلامه). القصة معروفة وما زالت حاضرة بقوة في المخيال الجمعي للأمة في كل كلام عن السياسة والحكم.
لدي شعور بأن السيد عبد الإله بنكيران يتصرف على أساس أن “البلوكاج” ليس تدبيرا سياسيا محكوما بشروطه، بقدر ما هو زلزال… وجودي وعقدي: وهو ما صار يتطلب وضع الأشياء في سياقها حتى يستقيم الاجتهاد البشري الوضعي…
-أولا: كان الفقيد الكبير اليوسفي، رحمة الله عليه، قد واجه “بلوكاجا” مماثلا بعد حصول حزبه، الاتحاد الاشتراكي، على المرتبة الأولى سنة 2002، وقد لعب فيه الأمين العام للبيجيدي دورا مهما، في صياغة موقف ثلاثي مع الحركة الشعبية والاستقلال… (شعار: “مولا نوبة”)، أدى إلى تأزيم اختيار الوزير الأول و”رسو الصفقة” على إدريس جطو.
والموقف الذي اتخذه الحزب، الذي راح ضحية “البلوكاج” الأول، كان هو الدعوة إلى “احترام المنهجية الديمقراطية” وخوض معركة سياسية من أجل وضعها في الدستور، وكذلك كان سنة 2011…
-اليوسفي وحزبه لم يشيطنا أحدا… بل تفهما قوانين اللعبة وثغرات السياسة والدستور معا، De bonne guerre، كما قال، ثم أضاف: “ليس المهم هو اليوسفي، بل يجب اختيار أحد مناضلي الحزب لقيادة الحكومة… الحزب ليس عاقرا!”
الأستاذ بنكيران لم يجد نفسه في هذا الوضع بتاتا، لأن الملك اختار شخصا من نفس الحزب وله نفس الشرعية التنظيمية والسياسية… وعليه، فإن العودة إلى “البلوكاج” كجرح وكمشجب في كل منعطف لا تعني سوى أن منطق بنكيران يعتبر بأن الحزب مع العثماني لم يكن هو نفس الحزب… وأن تجربته لا يجب أن تُحسب على الحزب، ما دام لم يكن هو ربانها!
ثانيا: سبب الفشل في تشكيل الحكومة يكمن أيضا في فشل التواصل السياسي، وفي رغبة بنكيران في فرض “عقد إذعان” (acte d’adhésion بلغة القانون) على الفرقاء!
ثم كان ذلك ضمنيا في التفسير المضمر للنتائج، الذي تم فيه تقديم الفوز كما لو أنه تم ضد إرادة الدولة! ولهذا، يبدو “البلوكاج” حرمانا من جنة الحكم، وسقوط الملتمس حرمانا من جنة المعارضة!
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 24/05/2025