عجز الميزانية يرتفع إلى 11,7 مليار درهم والدين الداخلي يلامس 777 مليارا

كشفت وزارة الاقتصاد والمالية أن جاري المديونية الداخلية للبلاد بلغ عند متم شهر أبريل الماضي 776,7 مليار درهم، مقابل 755 مليار درهم في نهاية دجنبر الماضي، بزيادة قدرها 2,9 في المئة. ويعزى هذا الارتفاع إلى لجوء الخزينة إلى السوق المحلي للاقتراض بمبلغ صاف ناهز 21,6 مليار درهم، وذلك عبر طرح سندات للخزينة تفوق قيمتها 53,9 مليار درهم، في مقابل سداد حوالي 32,3 مليار درهم.
وتزامنا مع هذا المنحى التصاعدي للدين، سجلت نفقات خدمة المديونية ارتفاعا ملموسا بلغ 15,8 في المئة، لتصل إلى 15,2 مليار درهم كمصاريف فوائد، مقابل 13,1 مليار درهم في الفترة ذاتها من السنة الماضية. وتظهر البيانات أن فوائد الدين الداخلي لوحدها استحوذت على 11,5 مليار درهم، بزيادة حادة ناهزت 23,9 في المئة، بينما بلغت فوائد الدين الخارجي 3,7 مليار درهم.
هذه المعطيات، التي تضمنها التقرير الشهري لمديرية الخزينة العامة، تسلط الضوء على تصاعد التحديات التي تواجه المالية العمومية في ظل عجز متزايد بلغ 11,7 مليار درهم في متم أبريل 2025، مقابل 1,2 مليار درهم فقط خلال نفس الفترة من السنة الماضية. ويعكس هذا التدهور اختلالا هيكليا في التوازن بين المداخيل والنفقات، رغم التحسن المسجل على مستوى الإيرادات العادية التي بلغت 144,1 مليار درهم، بزيادة قدرها 19 في المئة.
لكن هذه الزيادة في الموارد لم تكن كافية لتغطية الارتفاع السريع في وتيرة الإنفاق، حيث بلغت النفقات العادية 134,4 مليار درهم، بزيادة سنوية ناهزت 28,5 في المئة. ويعزى ذلك أساسا إلى تضخم النفقات الإدارية، وفي مقدمتها كتلة الأجور التي بلغت 58,3 مليار درهم، بارتفاع قدره 12,4 في المئة، ونفقات المعدات واللوازم المختلفة التي قفزت بنسبة 67,4 في المئة لتصل إلى 53,4 مليار درهم.
ورغم أهمية هذه النفقات في دعم سير المرافق العمومية، فإن تصاعدها بهذا الشكل يطرح إشكالات على مستوى ترشيد الإنفاق ونجاعة الأداء الإداري، خاصة في ظل محدودية النتائج المحققة في مجالات الإصلاح والتحديث. كما أن التحويلات الموجهة للمؤسسات والمقاولات العمومية والحسابات الخصوصية استأثرت لوحدها بأزيد من 22 مليار درهم، ما يعكس ثقلا إضافيا على ميزانية الدولة دون ضمانات واضحة للفاعلية والمردودية.
في المقابل، سجلت المداخيل الضريبية أداء إيجابيا، حيث ارتفعت بنسبة 22,3 في المئة مقارنة مع العام الماضي، لتصل إلى 128,7 مليار درهم. ويعود هذا التحسن بالأساس إلى الأداء القوي للضريبة على الشركات التي حققت نموا لافتا بـ38,5 في المئة، لتصل إلى 38,9 مليار درهم، رغم أن جزءا من هذه المداخيل يرتبط بتسويات تخص سنوات سابقة. كما ارتفعت الضريبة على الدخل بنسبة 32 في المئة إلى 27,5 مليار درهم، مدفوعة بارتفاع الاقتطاعات على الأجور وعائدات العمليات العقارية، بالإضافة إلى 3,8 مليار درهم تم تحصيلها في إطار عملية التسوية الطوعية.
وسجلت الضريبة على القيمة المضافة بدورها نموا بـ11,5 في المئة لتبلغ 35,4 مليار درهم، موزعة بين 19,2 مليار درهم على الواردات و16,2 مليار درهم على المعاملات الداخلية، غير أن هذا التحسن يبقى نسبيا بالنظر إلى ارتفاع مبالغ الاسترجاع، خاصة على مستوى الضريبة على القيمة المضافة الداخلية التي تجاوزت 4,7 مليار درهم، ما يعكس استمرار الضغط على المقاولات بخصوص آجال الاسترداد.
أما الضرائب غير المباشرة، فقد واصلت مسارها التصاعدي، حيث بلغت عائدات الضرائب على المنتجات الطاقية 6,45 مليار درهم بزيادة قدرها 15,1 في المئة، فيما ارتفعت الضرائب على التبغ المصنع إلى 3,77 مليار درهم. كما سجلت الرسوم الجمركية ارتفاعا طفيفا بـ2,2 في المئة لتصل إلى 5,22 مليار درهم، بينما بلغت إيرادات رسوم التسجيل والتنبر 8,99 مليار درهم، مسجلة نموا بـ5,4 في المئة.
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية في التحصيل، يظل النظام الضريبي المغربي يعاني من إكراهات هيكلية تتمثل في ضيق القاعدة الضريبية، وضعف المردودية الفعلية لبعض الضرائب، واعتماد الدولة على فئة محدودة من دافعي الضرائب، ما يجعل الموارد المالية عرضة للتقلبات الدورية، ويحد من قدرة الميزانية على تحقيق التراكم والاستدامة.
في المحصلة، تكشف الأرقام المعلنة عن هشاشة البنية المالية العمومية، في ظل تفاقم العجز، وتصاعد كلفة الدين، وتنامي النفقات الإدارية، وهو ما يستدعي مراجعة شاملة للسياسات المالية، تنطلق من ضبط الإنفاق وتوسيع القاعدة الضريبية، وتعزيز الشفافية والنجاعة في تدبير المال العام.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 27/05/2025