الحزب الاشتراكي الفرنسي يعقد مؤتمره الـ 81 في مدينة نانسي بين الاستمرارية والتجديد

 

يعقد الحزب الاشتراكي الفرنسي مؤتمره الـ81 بمدينة نانسي، شرق فرنسا، ما بين 13 و15 يونيو الجاري، حيث يُفتتح المؤتمر يوم الجمعة. ويُرتقب أن يكون هذا المؤتمر محطة حاسمة لتحديد التوجه السياسي للحزب بعد إعادة انتخاب أوليفييه فور كاتبا أول للحزب، في اقتراع داخلي جرى الأسبوع الماضي. ويُعرف أوليفييه فور بدعوته المستمرة إلى التحالف مع قوى اليسار، وقد جُددت فيه الثقة للمرة الرابعة من قبل مناضلي الحزب.

ويحضر الاتحاد الاشتراكي في هذا المؤتمر، بوفد يترأسه المهدي المزواري الذي يمثل الكاتب الأول للحزب الاستاد ادريس لشكر، وذلك في إطار مواصلة مسار التقارب بين الحزبين، والذي تعزز خلال اللقاء الثنائي الذي جمع بين الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي ونظيره الفرنسي، على هامش فعاليات الأممية الاشتراكية التي انعقدت في الرباط في ديسمبر الماضي.

ينعقد هذا المؤتمر في سياق داخلي ودولي بالغ التعقيد. فعلى الصعيد العالمي، يعيش العالم على وقع أزمات متعددة؛ من حروب مستعرة في أوروبا، الشرق الأوسط، وأفريقيا، إلى حرب الرسوم الجمركية التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي هزّت استقرار النظام الاقتصادي والتجاري العالمي.

أما على المستوى الداخلي، فتشهد فرنسا حالة من عدم الاستقرار السياسي منذ قرار الرئيس إيمانويل ماكرون حلّ البرلمان، ما أدى إلى غياب أغلبية واضحة داخل الجمعية الوطنية، وأضعف الحكومة الحالية بقيادة فرانسوا بايرو. هذا الوضع يُنذر بإمكانية حلّ جديد للبرلمان وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة، وهو ما يُفاقم الوضع الاقتصادي الفرنسي المُثقل بالديون، في ظل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، والتوجه الأوروبي المتسارع نحو التسلّح.

وضعية الحزب: من القيادة إلى التبعية

على خلفية هذا المشهد المضطرب، يجد الحزب الاشتراكي نفسه في وضع داخلي دقيق. فقد تراجع موقعه في المشهد السياسي الفرنسي من حزب رئيسي يتناوب على الحكم، إلى مجرد مكون داخل تحالف اليسار، الذي تقوده اليوم حركة “فرنسا الأبية” بقيادة جان لوك ميلانشون. كما تقلص عدد منخرطي الحزب إلى أقل من 40 ألف عضو، ما يعكس حجم التحديات التي يواجهها:

ومن المنتظر أن تشهد أشغال المؤتمر نقاشات حادة بشأن مستقبل الحزب:

هل سيواصل السير ضمن تحالف اليسار، رغم التصدعات التي عرفها هذا التحالف في الشهور الأخيرة؟ أم سيحاول استعادة زمام القيادة داخل اليسار الفرنسي؟ وهل يمتلك الحزب القدرة على استرجاع ثقة الناخبين؟

استحقاقات 2027: من سيحمل راية الاشتراكيين؟

من أبرز التحديات المطروحة كذلك: تحديد موقف الحزب من الانتخابات الرئاسية المقبلة. فهل سيُقدم الحزب مرشحًا باسمه؟ أم سيفضّل دعم مرشح مشترك باسم اليسار الموحد؟ خاصة في ظل وجود طموحات لدى شخصيات حزبية سواء من خلال عودة الرئيس السابق فرنسوا هولند الذي قضى بالرئاسة عهدة واحدة او فتح المجال امام وجوه جديدة وشابة مثل كريم بوعمران، عمدة سانت-أوين ذو الأصول المغربية. كما يتوجب على الحزب إعادة بلورة تصوره للحكم، الذي غاب عنه منذ أكثر من ثماني سنوات.

العلاقات الدولية والاشتراكية العالمية

سيخصص المؤتمر أيضًا حيزًا مهمًا لمناقشة موقع الحزب على الساحة الدولية، خاصة في ظل صعود اليمين المتطرف في أوروبا. وتندرج في هذا الإطار علاقاته مع الأحزاب الاشتراكية عبر العالم، ومنها علاقته مع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالمغرب.

ويمثّل الاتحاد الاشتراكي في هذا المؤتمر وفد يقوده المهدي المزواري، عضو المكتب السياسي، وذلك في إطار مواصلة مسار التقارب بين الحزبين، والذي تعزز خلال اللقاء الثنائي الذي جمع بين الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي الأستاذ إدريس لشكر ونظيره الفرنسي أوليفييه فور، على هامش فعاليات الأممية الاشتراكية التي انعقدت في الرباط في ديسمبر الماضي.

وأكد الجانبان حينها على أهمية تعزيز التعاون بين الحزبين لمواجهة التحديات العالمية التي تهدد القيم الاشتراكية، من تغير المناخ، إلى العدالة الاقتصادية وحقوق الإنسان. كما شدد لشكر على أهمية الشراكة مع الحزب الاشتراكي الفرنسي من أجل الدفاع عن العدالة الاجتماعية والديمقراطية على المستوى الإقليمي والدولي.

ملف الصحراء المغربية: خطوة دبلوماسية منتظرة

ومن المتوقع أن يكون حضور وفد الاتحاد الاشتراكي في مؤتمر نانسي فرصة لتعميق النقاش مع الحزب الفرنسي بخصوص الموقف من قضية الصحراء المغربية. ويأمل الاتحاد في أن ينتقل الحزب الاشتراكي الفرنسي من مجرد دعم مبادرة الحكم الذاتي، إلى الاعتراف الصريح بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، خاصة بعد الرسالة التي بعث بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جلالة الملك محمد السادس في 28 يونيو 2024، والتي كرّست هذا التحول في الموقف الفرنسي، الذي يعترف بسيادة المملكة على اقاليمها الجنوبية.


الكاتب : نانسي: يوسف لهلالي

  

بتاريخ : 14/06/2025